..وثائق الخارجية البريطانية والكونجرس الأمريكيتگشف التمويل الأجنبي للإخوان كتب المحرر السياسي شهد الأسبوع الماضي سلسلة من المواجهات بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وحلفائهما من تيار الإسلام السياسي والمنحازين له من ناحية، والتيار المدافع عن الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي ناضل الشعب المصري لتأسيسها طوال ما يزيد علي 200 عام، وفي القلب منه اليسار وحزب التجمع. كانت البداية صدور دعوات «لمليونية» وتظاهرات ووقفات احتجاجية يوم 24 أغسطس ضد «أخونة الدولة»، علي مواقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» و«تويتر» من تجمعات وحركات سياسية واجتماعية وشبابية، وكذلك من «محمد أبوحامد» عضو مجلس الشعب المنحل ومؤسس حزب «حياة المصريين» و«توفيق عكاشة» صاحب قناة الفراعين المختفي. واكتسبت الدعوة للتظاهر والوقفات الاحتجاجية بعدا آخر عندما أعلن حزب التجمع في 5 أغسطس قراره بالمشاركة في هذه التظاهرات والوقفات الاحتجاجية تحت شعار «لا لدولة المرشد» وشرح التجمع موقفه في أكثر من بيان وتصريح لقياداته بمن فيهم د. رفعت السعيد رئيس الحزب وسيد عبدالعال الأمين العام ونبيل زكي الأمين الأعام المساعد للشئون السياسية والمتحدث الرسمي وحسين عبدالرازق عضو مجلس رئاسة الحزب، أوضح فيه أن جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة اعتبروا فوزه بالأكثرية في انتخابات مجلسي الشعب والشوري ثم في رئاسة الجمهورية تفويضا لهم بهدم الدولة المدنية المصرية التي بدأ تأسيسها منذ محمد علي مرورا بالثورة العرابي وثورة 1919 ودستور 1923 وثورة 1952 وصولا إلي ثورة 25 يناير 2011، وتأسيس دولة إخوانية «دينية».. وأن الحزب يشارك في هذه المظاهرات ليعلن رفضه لسياسات د. محمد مرسي وحكومته وجماعته التي تهدف للاستحواذ علي مفاصل الدولة ومحاولة فرض دستور «إخواني – سلفي» غير توافقي ينتهك الدولة المدنية وحقوق المواطنة التي تكفل حقوقا متكافئة للمواطنين جميعا دون تمييز بين الرجال والنساء، والمسلمين والأقباط وأصحاب الديانات الأخري، والأغنياء والفقراء، والمنتمين لحزب حاكم أو معارض ليبرالي أو يساري أو قومي، وتحمي حقوق الاعتقاد والإبداع الفني والفكري والعلمي وحرية الرأي والصحافة.. إلخ. ولجأت جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة لشن حملة من الأكاذيب والافتراءات في محاولة لإجهاض مظاهرات 24 أغسطس قبل أن تبدأ، مستفيدة من سيطرتها علي الصحافة «القومية» بعد تغيير رؤساء التحرير وبدء «أخونة الصحف» والإعلام الرسمي، وبعض القنوات الفضائية المملوكة أو المنحازة لهم، فروجت أن المتظاهرين سيقومون باقتحام مقار حزب الحرية والعدالة واستخدام العنف ضد «الإخوان».. ونشرت صحيفة «الحرية والعدالة» علي موقعها علي الإنترنت أن «الفريق أحمد شفيق» عقد اجتماعا موسعا «حضره عدد من ضباط مباحث أمن الدولة المفصولين وعدد من رموز الإعلام ومحمد أبوحامد وعدد من الشخصيات المحسوبة علي التيار الليبرالي واليساري» للترتيب ليوم 24 أغسطس، وتم رصد 5 ملايين دولار (حوالي 30 مليون جنيه) و22 ألف بلطجي وحشد أنصار الحزب الوطني المنحل وعناصر أمن الدولة لإعلان الثورة المضادة في هذا اليوم وإسقاط الرئيس المنتخب والحكومة، وهو خبر مختلق «مفبرك» تماما صاغه أناس فاقدو الوعي، مما يستدعي التحقيق معهم لنشر أخبار كاذبة ومحاكمتهم طبقا للقانون. شتائم العريان وقبل الموعد المحدد للمظاهرة بثلاثة أيام اتهم د. عصام العريان القائم بعمل رئيس حزب الحرية والعدالة «اليسار» عامة بمعاداة الدين واحتقاره وتلقي «تمويل أجنبي» مرددا أكاذيب المخابرات ومكاتب الاستعلامات الأمريكية خلال الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولاياتالمتحدة، وادعاءات مباحث أمن الدولة في مصر والتي ثبت زيفها خلال تحقيقات نيابة أمن الدولة ومحاكمات قضائية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي لقيادات حزب التجمع والمنظمات الشيوعية المصرية. وإزاء تصدي أحزاب وشخصيات اليسار المصري وبعض الليبراليين لهذه الأكاذيب حاول «العريان» التراجع وتركيز الاتهام علي حزب التجمع – باعتباره القوة الرئيسية التي تعارض بصورة مبدئية ويتواصل إدخال الدين في السياسة وسعي الإخوان للهيمنة علي مفاصل الدولة – وحاول اللعب علي التناقضات والخلافات في صفوف اليسار، فقال علي حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر».. «لا عزاء ليسار رفعت السعيد.. الأمل في يسار جديد يقوده من الجيل القديم عبدالغفار شكر ومن الجيل الوسيط كمال خليل ورفاقهم، ولهم مني احترامات». ملح الأرض ولكن السهم ارتد إلي نحره، فكمال خليل رد علي العريان قائلا «لا تتطاول علي اليسار يا عريان فنحن ملح الأرض، واليسار الثوري ضعيف لأنه لم يعقد الصفقات مع الحكام ولم يشتر بأموال النفط»، وكذّب عبدالغفار شكر العريان وقال «لم أكن أتوقع أن يكرر العريان أكاذيب السادات حول اليسار..»، وقال أحمد مجدي القيادي باتحاد الشباب الاشتراكي «ليس جديدا علي جماعة الإخوان المسلمين التعامل بمبدأ «رمتني بدائها وانسلت» فهم دائما يهاجمون المختلفين معهم بعيوب احترفوها»، وطالب العريان بالكشف عن مصادر تمويل الجماعة وعن العلاقة «المشبوهة» بين الجماعة وحكومة قطر في الفترة الأخيرة. وجاءت الضربة القاضية من رفعت السعيد، قال رئيس حزب التجمع «الإخوان هم آخر من يمكنه أن يتحدث عن التمويل الأجنبي، فقد عاشوا طوال تاريخهم يتمولون من جهات خارجية ويدفعون ثمن هذا التمويل في شكل مواقف سياسية وتحالفات مؤقتة. وفي البداية كانت هناك المنحة التي قدمتها شركة قناة السويس العالمية فدفعت للبنا مبلغا كبيرا جدا بمعايير هذا الزمان «خمسة آلاف جنيه». وفي الثلاثينيات من القرن الماضي لاحظ حسن البنا صعود الفاشية والنازية فبادر إلي مغامرة خطيرة إذ كتب معلنا أن إيطاليا وألمانيا واليابان تتجه إلي الإسلام وأن علينا أن نشجعهم حتي يعتنقوا الدين الحنيف، وبالفعل تدفقت أموال نازية علي حسن البنا، والأرشيف الخاص بالخارجية البريطانية والمودع في المتحف البريطاني يضم وثائق رسمية عديدة ويمكن الرجوع إليها في الملف F.O371 وبها أدلة دامغة علي تلقي حسن البنا دعما من ويلهلم ستلبوجين مدير مكتب الدعاية النازية في مصر. ومن الأمريكان وإلي الأمريكان بعد الحرب العالمية الثانية، وإذ أصبحت الولاياتالمتحدة الدولة الاستعمارية الأكبر، فاتجه البنا ليلتقي السكرتير الأول للسفارة الأمريكية فيليب أيرلاند يوم 29 أغسطس 1947 في منزله مع حسن البنا بحضور الدكتور عساف، جري النقاش حول العلاقة بين الجماعة وأمريكا واقترح البنا تشكيل لجنة مشتركة من الجماعة والسفارة للتنسيق في مشاريع لمواجهة الخطر الشيوعي علي مصر، وقال إن هذا المشروع يحتاج إلي تمويل كبير، لكن الأمريكان لم يبتلعوا الطعم.. «المعلومات التفصيلية مودعة في مكتبة الكونجرس – ملف لجنة العلاقات الخارجية – اللجنة الفرعية الخامسة». وبعدها وفي 1954 أوقد المرشد المستشار حسن الهضيبي أحد أصهاره لمقابلة مندوب للمخابرات المركزية الأمريكية.. وتحدث مندوب المرشد عن العمل المشترك للإطاحة بحكم جمال عبدالناصر وأن مثل هذا العمل يتطلب دعما.. وهكذا. أما حزب التجمع فهو – وطبقا لقانون الأحزاب – يخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات وهناك مندوبون للجهاز يراجعون كل مليم يدخل لحزب التجمع وكل مليم يتم صرفه، ويعتمدون ميزانيته السنوية ويكتبون تقريرا شاملا حول الأوضاع المالية للحزب ومصادر تمويله وحساباته في البنوك المصرية.