صعّد الأمريكيون تحذيراتهم لسورية بعد اتهامها بتزويد حزب الله في لبنان بصواريخ سكود، وفد انهالت هذه التحذيرات من كل حدب وصوب، فوزيرة الخارجية الأمريكية أشارت إلي أن قرارات الرئيس السوري بنقل الصواريخ قد توصل إلي الحرب أو إلي السلام، ولم تستبعد حدوث حرب إقليمية، ومساعدها السيد فيلتمان وجه تحذيرات مشابهة علنية لسورية وفي مؤتمر صحفي، ووزير الدفاع الأمريكي رأي أن حزب الله يملك من الصواريخ أكثر من معظم الدول في العالم. هذا فضلاً عن التهديدات الإسرائيلية، ومقالات الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية، التي تنطلق جميعها من أن سورية نقلت هذه الصواريخ فعلاً، وأن أمن إسرائيل أصبح مهدداً. ولم يخطر ببال وزيرة الخارجية الأمريكية ولا وزير الدفاع ولا الحكومة الإسرائيلية ولا حتي أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، أن تعطي دليلاً ماديا واحداً عن نقل هذه الصواريخ أو تواجدها، سواء كان هذا الدليل صورة (فضائية أم أرضية) أم خبراً أم شهادة شاهد عيان، مع أن الطرفين الأمريكي والإسرائيلي يملكان أقماراً اصطناعية تصور في كل حين أصغر المساحات في المنطقة، ومخابرات لا يصعب عليها إعطاء الدليل من أي نوع علي نقل الصواريخ إلي لبنان أو وجودها فيه، واللافت أن تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية كان ملتبساً من جهة الدليل، فلا هي صرحت بوجوده ولا نفته، وأبقت المتلقي لتصريحاتها يغرق في الظن ويبتعد عن اليقين. صعوبة الاخفاء نفت الأوساط السورية بشدة و(بالمطلق) أن سورية نقلت صواريخ سكود إلي لبنان، وقالت باستحالة إخفاء هذه الصواريخ، فطولها (11 ) متراً وتحتاج لقاعدة إطلاق يستحيل إخفاؤها، ولتدريب كثيف للتعامل معها، فهل يمكن إخفاء صواريخ بمثل هذا الحجم مع قواعدها في بلد مثل لبنان لا يخفي فيه شيء. وفي الوقت نفسه لا تنكر الأوساط السورية تعاونها ودعمها لحزب الله وتحالفها معه منذ سنوات طويلة، إلا أنها تذكّر من يريد أن يتذكر أن لدي هذا الحزب عشرات آلاف الصواريخ من أنواع أخري، أصغر حجماً وأسهل استعمالاً، قادرة علي ضرب معظم المدن في إسرائيل، ومن يستطيع ضرب بل (تدمير) حيفا ويافا وعكا وصفد وطبريا وغيرها بما لديه من صواريخ، فما حاجته بصواريخ سكود التي تطلق ضد أهداف بعيدة المدي تتجاوز 1500كم؟ فائدة الاكذوبة تقول الأوساط السورية، ان إسرائيل والولايات المتحدة مستفيدتان من هذه الحملة (الأكذوبة) فإسرائيل تستغلها لإقناع الإدارة الأمريكية والمؤسسات الأخري وخاصة الكونجرس بأنها بلد مهدد بأسلحة حزب الله وصواريخ سكود، وبالتالي علي إدارة الرئيس أوباما أن تداري الحال الإسرائيلي وأن تخفف ضغوطها علي الحكومة الإسرائيلية سواء فيما يتعلق بالاستيطان (في القدس والضفة) أم بالمفاوضات مع الفلسطينيين، وتأمل أن تجبر الإدارة الأمريكية علي قبول ما كانت ترفضه منذ تولي الرئيس أوباما مهماته، في الوقت الذي تحل تناقضات داخلية في المجتمع الإسرائيلي بحجة التهديدات الخارجية، وهذا ما دأبت الحكومات الإسرائيلية علي ممارسته منذ قيام إسرائيل، حيث تحل التناقض الداخلي بتحرش خارجي. وتري الأوساط السورية أن الإدارة الأمريكية وجدت في مزاعم نقل الصواريخ (فرجاً لها) ذلك لأنها فشلت في إلزام حكومة نتنياهو بتخفيف تطرفها وصلفها، وتبحث عن وسيلة للتراجع، ولعلها وجدت في هذه المزاعم فرصة للتراجع مع حفظ ماء الوجه، وتجنب هجوم عربي من جهة وآخر من الكونجرس من جهة أخري. وفي الوقت نفسه قد تسهل لها هذه التحذيرات إقناع الفلسطينيين والعرب بدء مفاوضات غير مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية مع استمرار الاستيطان. تلمس الأوساط السياسية السورية لمس اليد هذه (الكذبة) الإسرائيلية الأمريكية، وتسخر من هذه الاتهامات والمزاعم، وتري فيها مبررات لأهداف إسرائيلية وأمريكية لاعلاقة لها بما يعلن؟