في عيد تأسيسها الأول.. الأنبا مرقس يكرس إيبارشية القوصية لقلب يسوع الأقدس    صندوق النقد: إتمام المراجعة الثالثة لبرنامج مصر وصرف شريحة ب820 مليون دولار    قفزة جديدة ب200 جنيه.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 7 يونيو 2024 بالصاغة (تحديث الآن)    سعر البطيخ والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    عضو اتحاد المنتجين: استقرار في أسعار الدواجن خلال 10 أيام    خلال اجتماع مسائي.. «أبو حطب» يناقش مستجدات ملف التصالح ورفع المخلفات بالشهداء    صندوق النقد: التوصل لاتفاق الخبراء مع مصر وإتاحة شريحة ب820 مليون دولار    5 شهداء بينهم رئيس بلدية النصيرات جراء قصف إسرائيلي على مبنى في غزة    الخارجية القطرية: لم يصل للوسطاء رد حتى الآن من "حماس" على المقترح وقف إطلاق النار    هدف قاتل يقود منتخب غانا لانتصار خارج الأرض ضد مالى فى تصفيات كأس العالم    مشادة بين أستاذ مصري وباحث إسرائيلي: «أنا ماسح بيه الأرض هو ودولته» (فيديو)    «لقائنا الأول مميز».. إبراهيم حسن: محمد صلاح هيبقى حاجة تانية مع حسام    جمال علام: أجلنا سفر المنتخب إلى غينيا 24 ساعة ووزير الرياضة وعد بمكافأة خاصة    موعد مباراة مصر المقبلة بعد الفوز على بوركينا فاسو والقناة الناقلة    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    الزمالك يحقق أمنية طفل فلسطيني ويستقبله في النادي    السنغال تسقط في فخ الكونغو الديمقراطية    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا الثانوية العامة الجزء الأول    تحرير 24 محضرًا تموينيًّا لمحال ومخابز مخالفة بالإسماعيلية    تبدأ من 1000 جنيه في اليوم.. تعرف على أسعار شاليهات مصيف رأس البر    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة .. والأرصاد الجوية تُحذر : ذروة الموجة الحارة    إحالة «كبابجي» للمفتي بتهمة قتل زوجته في القليوبية    شريهان تحتفل بزفاف جميلة عوض: ولدت فى أجمل أيام عمرى وأصبحت أجمل عروس    حسين حمودة بعد حصوله على جائزة الدولة في الأدب: "حاسس إن في حاجة أقدر أقدمها لبنتي"    بعد ثبوت رؤية الهلال .. إليك أفضل أدعية العشر الأوائل من ذي الحجة    زيادة أسعار المنشطات الجن..سية 200%.. «الصيادلة» تكشف الحقيقة (فيديو)    بن وفانيليا .. أسهل طريقة لتنظيف الثلاجة وتعطيرها قبل عيد الأضحى 2024    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    بعنوان «ثواب الأضحية».. أوقاف الفيوم تعقد 150 ندوة تثقيفية ضمن ندوات مجالس العلم والذكر    وفاة المخرج محمد لبيب.. وخالد جلال ينعيه    13 يونيو.. عرض "قلبا وقالبا 2" لأول مرة بدبلجة عربية بالسينما في مصر    في مباراة ماراثونية.. غينيا تقتنص فوزا هاما أمام الجزائر في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026    مصرع سيدة صعقا بالكهرباء في منزلها بالدقهلية    بينهم 3 أطفال.. إصابة 4 أشخاص إثر تصادم "لودر" الحي بسيارة أجرة ببورسعيد    المهن الموسيقية تنعى العازف محمد علي نصر: أعطى درسا في الأخلاق والرجولة    "طاغية".. بايدن يهاجم بوتين أثناء مشاركته في ذكرى إنزال النورماندي    ميليشيا الدعم السريع تحشد قواتها تمهيدا لاجتياح مدينة الفاشر    طائرات الجيش الإسرائيلي يقصف منطقة "كسارة العروش" في مرتفعات جبل الريحان جنوب لبنان    (فيديو) لحظة إصابة إمام عاشور فى مباراة مصر وبوركينا فاسو    حظك اليوم| برج الحوت الجمعة 7 يونيو.. «القمر مازال موجود في برج الحوت المائي ويدعم كل المواليد المائية»    نجل فؤاد المهندس: والدي كان يحب هؤلاء النجوم وهذا ما فعله بعد وفاة الضيف أحمد    عيد ميلاده ال89.. أحمد عبد المعطي حجازي أحد رواد القصيدة الحديثة    نادين، أبرز المعلومات عن الدكتورة هدى في مسلسل دواعي السفر    رئاسة الحرمين الشريفين تبدأ تنفيذ المرحلة الثالثة لخطة الحج، واستعدادات خاصة لصلاة الجمعة    مؤتمر لأسر المحبوسين ولائحة الأجور، نقابة الصحفيين تحيي الذكرى 29 ليوم الصحفي الأحد    توقيع بروتوكول تعاون لترسيخ مبادئ الشَّريعة الإسلاميَّة السَّمحة    ب 60 مليون دولار.. تفاصيل تمويل 12 فكرة ناشئة في مجال تكنولوجيا التعليم    التنمية المحلية: 98% نسبة مسحوبات التمويل من البنك الدولي لبرنامج تنمية الصعيد    نجاح أول تجربة لعلاج جيني يعمل على إعادة السمع للأطفال.. النتائج مبشرة    تهشمت جمجمتها.. جراحة تجميلية ناجحة لطفلة سقطت من الطابق الرابع بالبحيرة    «زوجي عاوزني أشتغل وأصرف عليه؟».. وأمين الفتوى: عنده مشكلة في معرفته لذاته    الحبس وغرامة 300 ألف جنيه عقوبة استخدام برنامج معلوماتي في محتوى مناف للآداب    وجدي زين الدين: خطاب الرئيس السيسي لتشكيل الحكومة الجديدة يحمل توجيهات لبناء الإنسان    حزب مصر أكتوبر يجتمع بأمانة الغربية بشأن خطة عمل الفترة المقبلة    هانى تمام ب"لعلهم يفقهون": لا تجوز الأضحية من مال الزكاة على الإطلاق    القباج وجندي تناقشان آلية إنشاء صندوق «حماية وتأمين المصريين بالخارج»    الفريق أول محمد زكى يلتقى منسق مجلس الأمن القومى الأمريكى    ماذا قال الشيخ الشعراوي عن العشر من ذي الحجة؟.. «اكتمل فيها الإسلام»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصل على 300 مليون دولار فى قمة مالطا..هل تعاون جورباتشوف مع المخابرات الأمريكية؟
نشر في الأهالي يوم 07 - 12 - 2022

دعونا فى البداية نبتعد قليلاً عن الأحداث الحالية والسجال العسكرى بين روسيا والغرب على أرض أوكرانيا، لسببين الأول أنه لم يحدث تطور نوعى يمكن الحديث عنه من أى من الطرفين والثانى أن ما سنتحدث عنه فى هذا المقال هو سبب رئيسى لما يحدث الآن على الأرض الأوكرانية، وأعنى الخيانة التى تعرضت لها دولة عظمى والقطب الثانى فى عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية وهو الاتحاد السوفيتى، على يد قادته، الذين حققوا مقولة الرئيس الأمريكى الأسبق وأحد اللاعبين الأساسيين فى أزمة الكاريبى عام 1962 جون كيندى الذى قال إنه لن يحارب الاتحاد السوفيتى ولكنه سيهدمه من داخله، وهذا ما حدث بالفعل.
انهيار الاتحاد السوفيتى لم يكن نتيجة تعطل جهاز الدولة عن الوجود لأسباب داخلية، وكما يقول الكاتب والفيلسوف الروسى الكسندر زينوفيف، هذا كلام غير صحيح، فقد كانت المنظومة السوفيتية قادرة على البقاء مدى الحياة، لكنها تعرضت لعملية تخريب داخلى من جانب الغرب. ويكمل الكاتب والفيلسوف الروسى فكرته بقوله، لقد قمت بدراسة على مدى 20 عاماً حول أسباب انهيار الدولة السوفيتية، واكتشفت أن المرحلة الأخيرة من عملية هدم الاتحاد السوفيتى، كانت دفع جورباتشوف لمنصب السكرتير العام للحزب، إنها كانت عملية تخريب، فهو لم ينتخب بل حشروه فى ذلك المنصب، وكل أعمال جورباشوف ومن بعده الرئيس الروسى يلتسين كانت تصب فى اتجاه هدم الدولة. فقد قاما بهدم الجهاز الحزبى وهدما الحزب وبالتالى جهاز الدولة بالكامل.
تجنيد جورباتشوف
وعلى غير ما هو معروف عن عمالة جورباشوف، والتى تشير بعض الروايات أنه تم تجنيده من قبل المخابرات المركزية فى لندن أثناء حكم تاتشر، والبعض تحدث عن دور الكسندر ياكوفليف سفير الاتحاد السوفيتى الأسبق فى كندا والذى أطلق عليه "مهندس البيريسترويكا"، والذى أبلغ عنه رئيس الكى جى بى فلاديمير كريتشكوف متهماً إياه بالعمالة للغرب، لكن جورباتشوف لم يأخذ الأمر مأخذ الجد. تقول الكاتبة الروسية الكسندرا تسفيتكوفا أن هناك معلومات عن أن المخابرات الأمريكية قامت بتجنيد جورباتشوف وزوجته عام 1966 أثناء زيارة خاصة لهما للعاصمة الفرنسية باريس، وكان مستشار الأمن القومى الأمريكى البولندى الأصل زبيجنو برزجينسكى قد تحدث عن ذلك بطريقة غير مباشرة، على أى حال بدأ نشاط جورباتشوف المعادى للنظام السوفيتى بعد وصوله للسلطة مباشرة فى منصب السكرتير العام للحزب. فقد كانت تصرفاته تتطابق مع ما خطط له الغرب فيما يتعلق بسياسات الاتحاد السوفيتى، الذى كان يفهم بدقة ما يحدث فى موسكو، بعد تولى جورباتشوف.
فقد كان كل شيء مخططًا له، بحيث يتم انتخاب جورباتشوف بثمانى أصوات من أعضاء المكتب السياسى، ولذلك قام الأمريكيون بتسويق فكرة وجود عطل فى طائرة عضو المكتب السياسى شيربيتسكى، والذى كان فى زيارة للولايات المتحدة وكان يعتزم التصويت ضد جورباتشوف، وعضو آخر من المكتب السياسى وهو رومانوف وكان فى إجازة لم يتم إخطاره بموعد انتخاب السكرتير العام، وكان أيضاً من المفترض أن يصوت ضد جورباتشوف. وإذا صوت هذان العضوان ضد جورباتشوف لما أصبح سكرتيراً عاماً على رأس الحزب، فقد نجح بفارق صوت واحد!.
الاشتراكية – الديمقراطية
وإذا أردنا فهم ذلك من منظور غربى نجد أنه فى نهاية ثمانينيات القرن الماضى ظهر مصطلح جديد لدى المتخصصين فى الاشتراكية- الديمقراطية الأوروبية وهو كلمة "الحضانة" هى (حاضنة بيض الدجاج فى درجة حرارة مناسبة حتى تخرج منه الكتاكيت)، المصطلح كان مرتبطاً بعملية وصول قادة أمريكي الهوى إلى القيادة فى أوروبا، هذه المنظومة خاصة بخلق قادة قابلين للتوجيه أنشئت خصيصاً فى التسعينيات.
فى نظام "الحضانة" تتم عملية اختيار متواصلة لشباب لا يشغلون مناصب عليا، لأن الأهم من المناصب كان يجب أن يتمتعوا بشرطين رئيسيين أولاً: أن يكون لديه طموح وقدرة على تقديم نفسه للجماهير ويحوز إعجابها، وثانياً: أن يمكن السيطرة عليه عن طريق أن يكون لديه ماض سئ أو عيب خاف على الجماهير، لكى يمكن السيطرة على أفعالهم فى حالة الضرورة أو الانحراف عن الخط المرسوم له.
فى إطار نظام "الحضانة" الذى ابتدعته المخابرات الأمريكية والهدف منه إقامة طرق اتصال مع شخصيات تبشر بإمكانية التعاون معها فى المستقبل، ومن ثم التنسيق معها لكي يتم دفعها لقمة هرم السلطة أو إلى الأماكن الحساسة، والتخلص من منافسيهم إذا لزم الأمر. العملية كلها يجب أن تتم فى الظل ودون صخب أو أن يلحظها أحد، والعملية برمتها يمكن القيام بها فى هدوء ودون أن يلحظها أحد، وفى النهاية يفوز الشخص المطلوب. وعادة فى إطار هذه المنظومة عادة ما تجرى انتخابات، بحيث لا توجد أدلة مباشرة على تشكيل قيادة تابعة لواشنطن، وبهذا يتم تشكيل قوى ضغط تعمل لصالح أمريكا، وعلى استعداد لخيانة شعوبها من أجل ما يحصلون عليه من فوائد مادية شخصية من الولايات المتحدة.
ثورة مضادة
يعتبر آلان دالاس هو مؤسس منظومة "الحضانة" وقد تم تجربتها فى الاتحاد السوفيتى بدفع جورباتشوف إلى منصب السكرتير العام للحزب الشيوعى السوفيتى، وكما يقول الخبراء إنها كانت العملية الأولى فى الاتحاد السوفيتى للقيام بثورة مضادة، فقد تم شراء جورباتشوف، بمنحه 80 مليار دولار كقروض، تمت سرقتها بواسطة إدارة جورباتشوف، ويتذكر المستشار الألمانى فى تلك الفترة هيلموت كول أنه اقترح على جورباتشوف منحه 160 مليار مارك ألمانى لسحب القوات السوفيتية من ألمانيا، غير أن الأخير وافق على أخذ 16 مليار مارك فقط !، ويقول بعض المراقبين إنه من الصعب تصديق أن جورباتشوف لم يحصل على بقية 160 مليار التى أقترحها المستشار الألمانى فى البداية. توجد كذلك معلومات على أنه تم منح جورباشوف، فى قمة سوفيتية أمريكية عقدت فى مالطا، 300 مليون دولار ووزير خارجيته شيفاردنادزة 75 مليون دولار، وبالطبع منحت العديد من الجامعات والصناديق جوائز لجورباتشوف ودرجات علمية شرفية لرفع شأنه بين أبناء شعبه، وكلما باع جورباتشوف بلاده وقدم تنازلات أكثر امتدحوه، وتوجوا ذلك فى النهاية بمنحه جائزة نوبل للسلام، والطريف أن تمنح لجورباتشوف جائزة نوبل للسلام فى الوقت الذى كان يخوض حربًا فى أفغانستان.
هدم المنظومة
وفى لقاء مالطا الشهير فى ديسمبر عام 1989، أعلن السكرتير العام للحزب الشيوعى السوفيتى والرئيس الأمريكى جورج بوش الأب فى نهاية اللقاء أن بلديهما ليستا عدوتين، ومن الأشياء التى لفتت الأنظار فى ذلك الوقت أن صحفيًا أمريكيًا كان على ظهر السفينة التى عقدت عليها المباحثات أعرب عن دهشته من سير المباحثات، ومن فوق السفينة السوفيتية صاح بأن "بلادنا انتهت يا شباب" قال ذلك بلغة روسية نقية لا تقبل أى شك، وإذا تذكرنا ماذا فعل جوربتشوف حينها لأصبح الأمر واضحاً تماماً، أن كل شيء كان موجهاً لهدم الجهاز الحزبى للحزب الشيوعى السوفيتى، وبعد ذلك هدم منظومة الدولة السوفيتية وتم ذلك بسرعة مدهشة، وفى سرعة البرق انهار المجتمع بأكمله بداية من الثقافة، للإيديولوجيات، للاقتصاد إلى كافة نواحي الحياة، وهذا ما كان يمكن أن يحدث من تلقاء نفسه، ولكن ما حدث كان بأيدي القيادة السوفيتية تحت ضغط من كان يسيطر عليهم الغرب.
وكان معروف للجميع أن جورباتشوف يعلم تمام العلم أماكن إعداد العملاء داخل الدولة السوفيتية وقوائم بأسمائهم وكان يعتبرهم من الداعمين له، لكن عندما تلقى جورباتشوف معلومات من الكى جى بى عن العملاء الغربيين فى البلاد، أصدر السكرتير العام أوامره لقيادة الكى جى بى بعدم اتخاذ أى إجراءات ضدهم لمنع تصرفاتهم الإجرامية. ورغم أن جورباتشوف ويلتسين كانا فى الظاهر أمام الجميع خصوماً سياسيين، فقد تسلم كلاهما مبالغ نقدية من مصدر واحد، وهو صندوق هيو هامفرى الأمريكى. وهناك رواية غريبة يقال إنها تتعلق بالهند، عندما طلب راجيف غاندى، رئيس وزراء الهند ونجل رئيسة الوزراء الهندية الشهيرة إنديرا غاندى، من جورباتشوف الاستدارة نحو الشرق ودعم علاقات الاتحاد السوفيتى بالهند استراتيجياً، فما كان من "الزعيم السوفيتى" حينها إلا أن أبلغ واشنطن بمبادرة راجيف غاندى، وهنا اتخذت واشنطن على الفور قرارها بالتخلص من عائلة غاندى فى الهند لما تمثله من خطورة على مصالحها، وهو ما حدث من خلال اغتيال رئيس وزراء الهند.
محافل ماسونية
فى عام 1989 وقع جورباتشوف شخصياً على قرار إنشاء محافل ماسونية فى كل من موسكو وفيلنوس (عاصمة ليتوانيا) وريجا (عاصمة لاتفيا) وسان بطرسبورج وعدد آخر من المدن الرئيسية فى الاتحاد السوفيتى، وكان الجميع يعلم ماهية هذه المحافل ودورها بما فى ذلك جورباتشوف نفسه، وإليكم كلمات بعض قادة هذه المحافل وهو هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق والذى قال "إنه يفضل الفوضى والحرب الأهلية فى روسيا، من أجل الوصول لدولة قوية مركزية"، أما زبيجنو برزجينسكى مستشار الأمن القومى فى أيام ولاية الرئيس كارتر فقد قال "إن روسيا سوف تقطع وتوضع تحت الوصاية" بينما آلان دالاس رئيس المخابرات الأمريكية الأسبق فقد أشار إلى أن "الشعب الروسى كمفهوم يجب أن يختفي تماماً، رغم أن كلمة بهذا المعنى فى الدستور الروسى غير موجودة، لكن وسائل الإعلام غير القومية تغرس فى أذهان المواطنين كلمة "الروسى" على الدوام.
خدعة البيريسترويكا
ثم نأتي إلى الكاتب بوجدان ديدينكو الذى أشار فى أحد مؤلفاته تحت عنوان "حضارة آكلى لحوم البشر" إن البيريسترويكا خدعة كبرى، وهى على المدى البعيد تهدف للاستيلاء على السلطة. ومن وجهة نظر الكاتب أن الاتحاد السوفيتى قد تمت عملية إعاقة له عن التحرك فى الاتجاه الصحيح، حتى ولو على طريقة الصين. وذهب الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون لأبعد من ذلك عندما قال " استخدمنا أخطاء الدبلوماسية السوفيتية، وصفاقة جورباتشوف والمحيطين به، غير المتناهية، بما فيهم أولئك الذين كانوا عملاء للأمريكيين، واستطعنا تحقيق ما كان الرئيس ترومان يرغب فى تحقيقه باستخدام القنبلة الذرية".
قبل البيريسترويكا لم يكن الاتحاد السوفيتى مديناً لأحد تقريباً، وما تم اقتراضه أثناء البيريسترويكا أطلق عليه "الأموال الحزبية" وفى واقع الأمر استولى عليها "الديمقراطيون" من المسئولين الكبار، الذين خرجوا من صفوف القيادة الجديدة للحزب الشيوعى السوفيتى التى نشأت تحت قيادة جورباتشوف، الكسندر ياكوفليف مهندس البيريسترويكا وإدوارد شيفارد نادزة وزير خارجية جورباتشوف، الذى وافق على سحب القوات من أوروبا الشرقية دون إعداد مساكن لها فتشردوا فى الشوارع.
المفارقة العجيبة أن الأموال التى تم اقتراضها استخدمت لهدم الدولة السوفيتية، وسرقة ثرواتها، والاستيلاء على الثروة القومية من قبل هؤلاء الذين وصلوا للسلطة فى روسيا ومن يسيطرون عليهم فى الغرب، واستخدمت الأموال كذلك لإبادة الشعب الروسى، مع التغطية على ذلك بواسطة وسائل الإعلام، فقد حدثت أكبر سرقة فى تاريخ الإنسانية، فقد بلغ ما تم تحويله للخارج من المسروقات ما يفوق التريليون دولار.
انقلاب أغسطس
فى نهاية يوليو عام 1991، قام جورج بوش الابن بزيارة للاتحاد السوفيتى، والتقى بجورباتشوف "بدون رباط عنق" في لقاء غير رسمى، حيث شرح له جورباتشوف الأوضاع الآخذة فى التدهور فى البلاد، كان هذا قبل ثلاثة أسابيع من وقوع انقلاب أغسطس 1991، وتشير الكسندرا تسفستكوفا الكاتبة الروسية إلى أن انقلاب أغسطس هو من فعل الغرب من أجل خدمة جورباتشوف على أن يقوم الأخير فيه بدور "الضحية المسكين"، وحول كون الانقلاب من تدبير جورباتشوف، هو نفسه اعترف بأنه لن يوجد من يقول الحقيقة عن الانقلاب، فقد كان عبارة عن سيناريو طبيعى لعملية هدم الدولة قامت به المافيا العالمية. لكن خطة تحطيم الدولة حينها لم تحقق الغرض منها، ولما كان الغرب "لا يضع البيض كله فى سلة واحدة"، فى مايو 1993 كان جورباتشوف فى زيارة خاصة لفرنسا كمواطن عادى، وأجاب على سؤال حول ما إذا كانت هناك "أيادي خارجية" ساعدت على هدم الاتحاد السوفيتى، فى البداية تحدث عن أسباب موضوعية، ووجود نزعات انفصالية كانت داخل الدولة، غير أنه أخطأ وأفلتت منه كلمة الأمر الذى دفع صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية لأن يكون عنوان اللقاء مع جورباتشوف من كلماته كالآتي: "يجب أن نعترف بفضل الرئيس رونالد ريجان"، فى هذا اللقاء اعترف جورباتشوف أنه وضع الاتحاد السوفيتى تحت رحمة الولايات المتحدة أثناء لقائه بالرئيس الأمريكى ريجان فى ريكيافيك عاصمة أيسلندا، وفق كلمات جورباتشوف "لقد كان لقاء ريكيافيك مأساة حقيقية، مأساة كبرى، قريباً ستعرفون لماذا، أنا أعتقد أنه بدون شخصية قوية مثل ريجان ما كان هذا ليحدث ….. فى هذه القمة نحن ذهبنا لبعيد جداً، لدرجة أن العودة أصبحت غير ممكنة" .
مكافأة الهدم
ولما كان الغرب لا ينسى "أبطاله" فإن الرجل الذى تسبب فى قتل وإفقار ملايين البشر من شعبه، عاش حياته بكل أريحية على أموال المنظمات والهيئات الغربية التى استخدمته، وخاصة المؤسسات الألمانية والأمريكية، والتى منحته الأموال بسبب وبدون سبب. استقال جورباتشوف من منصب رئيس الاتحاد السوفيتى، وكتعويض له عن ذلك وضع قائمة مكونة من مطالب مادية، وهى معاش مثل راتبه وهو رئيس، مع مراعاة ظروف التضخم وتعويضه عن ذلك، مسكن رئاسي، سيارة لزوجته، منزل ريفى والأهم هو صندوق عرف فيما بعد بصندوق جورباتشوف لإصدار دراسات سياسية للغرب ليست على المستوى المطلوب ولكن للحصول وشرعنة الأموال التى يتلقاها من الغرب، فى ذلك الوقت أصبحت شخصية جورباتشوف بالنسبة للغرب وللديمقراطيين الروس التابعين للغرب، مستهلكة ولا قيمة لها، ومن ثم تم اختيار شخصية جديدة لاستكمال هدم كل أثر للدولة السوفيتية، هذه الشخصية هى الرئيس يلتسين رئيس روسيا.
كان يلتسين شخصية مثيرة للجدل مدمن خمور، وكان يعتبرونه ديموقراطيا يسعى لديكتاتورية شخصية, على أى حال كان بالنسبة للغرب شخصية مناسبة تمكنوا من التحكم فيه، أشعل حرب الشيشان بعد توليه السلطة، وانتهى الأمر باتفاق أقر باستقلال هذه الجمهورية الصغيرة التى تتمتع بالحكم الذاتي ضمن الاتحاد الروسى، وربما لو بقى فى السلطة لانهارت روسيا بالكامل، غير أنه فى نهاية عام 1999، قرر الرحيل عن الحكم بعد أن باع وخصص كل ثروات روسيا. هل استقال يلتسين أم تمت إقالته ليست هناك روايات تؤكد أنه تمت إقالته، لكنه استقال فقط بعد أقر البرلمان قانون يمنحه الحصانة وأسرته مدى الحياة، وجاء من بعد الرئيس بوتين الذى أعاد الحياة لروسيا من جديد وخاض حرباً عنيفة أعاد فيها الشيشان إلى روسيا، وحافظ على الاتحاد الروسى فى صورته السوفيتية، وشعر المواطن الروسى بنوع من الاستقرار فقط فى الفترة من عام 2000 وحتى الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.