أشرف بيدس أحاط الحب الجارف والدعوات الصادقة بدلال عبد العزيز في أيامها الأخيرة, وترجت الجماهير من قلوبها الشفاء العاجل والسلامة.. وأحزنهم أن الزوجة التي تعاني من ويلات المرض لم تستطع توديع زوجها في المشهد الأخير.. ولم يكن أكثر المتشائمين يتوقعون رحيلها رغم شدة المرض, ظنا أن الأقدار ستلطف بها.. ونسوا أن الموت حق والحياة حق.. ولا تبديل لإرادة الله. تابعت الجماهير مراحل الشدة لحظة بلحظة, وكانت عيونهم تتطلع إلي ابنتيها (ايمي/دنيا), ورغم أن الاخبار المثيرة والتي تتعلق برحيل فنان أو فنانة تكون عادة مادة للتداول عبر أحاديث الناس, إلا أنهم لم يتمنوا أن يكون خبر رحيلها مادة للتداول, وتعشموا خيرا. حالة الحب الجارفة التي احاطت بدلال عبدالعزيز وابنتيها ومن قبل سميرغانم كانت نتيجة ما قدموه من متعة وبهجة للجماهير, وأن كثيرين من الناس عشقوا ترابطهم الأسري والفني الذي كان نموذجا استثنائيا في دنيا الفن, ورغم أن كثيرا من الأخبار الملفقة طافت من المواقع الاخبارية ولا سيما مع صمت العائلة المكلومة التي كان مصابها الجلل قد فرش ستائره السوداء خانقا مساحات البهجة والفرح في عائلة لم تتاجر إلا في السعادة.. وأصبحت مع الوقت الوكيل المعتمد لصناعتها. ورغم أنهم جميعا, الأب والأم والأبنتين حرصوا علي تمرير الفكاهة والسعادة من خلال ادوارهم المتنوعة إلا فيما ندر, لكن كان لهم موعد مع التراجيدية القاتمة في الحياة, وهم الذين كانوا يقبلون علي مضض تقديم أعمال فنية بها جرعات قليلة من الكوميديا.. وكان لهم نصيب كبير من الحزن استدر شفقة الجماهير وتعاطفهم الشديد كون المصريين والشعوب العربية تتوحد مع الفنانين الذين يضحكونهم ولا ينسوهم ويظلوا يكنون لهم مشاعر ايجابية وهو ثمنا قليلا لما قدموه لهم, وكانت عائلة سمير غانم حالة فنية نالت باقتدار مشاعر طيبة من الجماهير الكبيرة. رحلت دلال عبدالعزيز تاركة رصيدا كبيرا من الاعمال الفنية المتميزة والتي جعلتها تحتل مكانة تستحقها بكامل التقدير والاحتفاء, وأجادت في ادوار متنوعة بالدراما والمسرح والسينما واستطاعت أن تخرج بموهبتها من عباءة سمير غانم الكوميدية رغم أنها تجيدها بحرفية عالية, خرجت لتبدع في أرص خصبة وتزرع ثمارا حلوة طازجة فردتها عن الاخريات, وجاءت البنتان الغاليتان ليطورا من المحطة التي وقفا عندها الأب والأم ويضيفا لها نصيبا متميزا من الأعمال الفنية, وهو ما كان يلقي سرورا عند الابوين.. عندما نكتب عن دلال عبد العزيز صاحبة الطلة الصبوحة المصرية الحلوة من خلال سطور قد تجنح قليلا عن الكتابات المعهودة عن أهل الفن فليس هذا خروج عن النص بل هو في الحقيقة النص الأصلي للحكاية, ولأن الزرعة ممتدة وصالحة لن نفتقد طلتها طالما الخلف الصالح الموهوب يكمل رسالتها, وأنهما سيعوضوننا عن غيابها الذي احزننا, وقد احزنا من قبل رحيل الزوج سمير غانم فرض الظرف الحزين الكتابة عن دلال عبد العزيز, لكنها تحتاج إلي كتابة فنية, والنظر إلي اعمالها لاعادة تقييمها مرة أخري بعيدا عن المشاعر الساخنة بالرحيل الذي أدمي قلوبنا, خصوصا وأنها كانت لها علامات بارزة من الأدوار التي اقتربت من خلالها من المرأة المصرية بكل تفاصيلها الحسية والانسانية والبصرية, ونجحت في تجسيد انماط بشرية ما كان لها من التوهج لولا اداءها المتميز, حيث تمتعت بنت الزقازيق بقلب طيب تجلت نبضاته في الغاليتين (دنيا /ايمي) وامتد من خلال مآثرها الكثيرة وسعيها لعمل الخير لمن تعرفه ومن لا تعرفه, ومن ثم بقيت سيرتها الطيبة التي تشبه قلبها وطباعها الجميلة. اكتملت دائرة العشق لان الحب الجماهيري توزع بالتساوي عليهم جميعا, وربما لأول مرة لم نشهد مقارنات حول الأعلي والأقل جماهيرية, وراق للناس أن توزع الحب بالتساوي والعدل, فكان الافتتان مذهلا, وهي حالة غير اعتيادية, فقد غلبت علي الجماهير الاختلاف والتفضيل حتي جاءت هذه العائلة وكسرت ما كان معهودة.. رحم الله دلال عبد العزيز وألهم بنتيهما الصبر والسلوان.