من المقرر استئناف المحادثات حول شروط عودة الولاياتالمتحدةوإيران إلى الامتثال للاتفاق النووي لعام 2015 الأسبوع المقبل, ويأتي هذا بعد ختام جلسات فيينا، الجمعة الماضية, حول الاتفاق النووي الإيراني، شاركت فيها فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والصينوإيران. حيث تم الاتفاق على خارطة طريق واسعة تهدف إلى إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني في محادثات فيينا بهدف إعادة إيرانوالولاياتالمتحدة إلى الاتفاق في أقل من شهرين. وجاء ذلك عبر إنشاء مجموعتين عاملتين لدراسة العقوبات الاقتصادية على إيران التي ستحتاج الولاياتالمتحدة إلى رفعها للعودة إلى الامثتال لقرارات مجلس الأمن الدولي، والخطوات التي ستتخذها إيران لجعل برنامجها النووي يتماشى مع الشروط المنصوص عليها في اتفاق 2015. أجواء عودة المباحثات لم تجر الولاياتالمتحدة محادثات مباشرة مع الوفد الإيراني في فيينا هذا الأسبوع ولكنها تنقل الرسائل بشكل رئيسي إلى الأعضاء الأوروبيين في الهيئة التي تشرف على الصفقة. وتصر إيران على ضرورة رفع جميع العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة منذ عام 2016، بما في ذلك تلك التي صنفتها الولاياتالمتحدة على أنها غير ذات صلة بالأسلحة النووية، وليس من الواضح ما إذا كانت إيران ستتخذ خطواتها للعودة إلى الامتثال إلى أن تقتنع بأن رفع العقوبات كان له تأثير عملي على قدرتها على ممارسة الأعمال التجارية، بما في ذلك تصدير نفطها. فرضت إدارة ترامب جداراً من العقوبات على إيران قبل وبعد خروجها من الاتفاق في عام 2018. و ميزت الولاياتالمتحدة في الماضي بين استعدادها لرفع العقوبات المتعلقة بالأسلحة النووية و رغبتها في الاحتفاظ بالعقوبات غير المرتبطة بالاتفاق النووي، مثل العقوبات الخاصة بانتهاك حقوق الإنسان أو المتعلقة بدعم الإرهاب. وبدوره قال نائب وزير الخارجية الإيراني في نهاية المحادثات يوم الجمعة الماضي "إن رفع جميع العقوبات الأمريكية المفروضة في عهد الرئيس الأمريكي السابق خطوة ضرورية لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، وفقط بعد التحقق من رفع تلك العقوبات ستكون إيران مستعدة لوقف إجراءاتها العلاجية والعودة إلى التنفيذ الكامل للصفقة". وستُستأنف محادثات واسعة النطاق على مستوى نواب وزارة الخارجية يوم الأربعاء القادم، مع استمرار المحادثات الفنية بين المسئولين في غضون ذلك. تابع وزير الخارجية "لن يكون هناك جدوى من مواصلة المحادثات ما لم تكن هناك جدية على الجانب الأمريكي. في رأينا، يتعين على أمريكا أن تتخذ إجراءاتها في خطوة واحدة، ثم سنتحقق، بعدها سيتبع ذلك رد فعل من إيران. كيف سيحدث التحقق هي مسألة أخرى". وقال كاظم غريبابادي، سفير إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعضو وفد إيران إلى المحادثات، إن اختبار التحقق يتمثل في نقطة رئيسية" يجب أن تكون الجمهورية الإسلامية قادرة على إبرام عقودها النفطية وتصدير نفطها. وفي القطاع المصرفي، يجب أن يسمح له إجراء المعاملات المالية من خلال قنوات مالية مختلفة". وتحدث السفراء الروس والصينيون الحاضرون في المحادثات عن التقدم المحرز في المحادثات والحاجة إلى الحفاظ على الزخم. جدير بالذكر أن إيران كانت قد بدأت في تقليص امتثالها النووي بموجب الاتفاق بعد أن وجه ترامب بالانسحاب الأمريكي بسبب "فشل الأطراف في حماية إيران من العقوبات".فبموجب قانون أقره البرلمان الإيراني في ديسمبر الماضي ، بدأت الإدارة الإيرانية في إنتاج وتخزين اليورانيوم المخصب بمستوى نقاء 20 ٪ ، مما أدى إلى اجتياز معيار التخصيب 3.67٪ الذي حددته الاتفاقية النووية لعام 2015. ومع ذلك، قالت طهران مراراً وتكراراً إنه سيتم عكس إجراءاتها بمجرد أن تزيل واشنطن عقوباتها. وفي بيان مبهم، قالت اللجنة المشتركة التي تشرف على الاتفاق: "قام المشاركون بتقييم المناقشات التي أجريت على مختلف المستويات منذ آخر لجنة مشتركة في ضوء احتمال عودة الولاياتالمتحدة إلى الاتفاق وناقشوا سبل ضمان العودة إلى تنفيذها الكامل والفعال. "وأحيطت اللجنة المشتركة علما بعمل فريقي الخبراء المعنيين برفع العقوبات وتدابير التنفيذ النووي، وأحيط المشاركون علما بالتبادلات البناءة والموجهة نحو تحقيق النتائج المرجوه". الصين غيرت المعادلة التفاوضية إيران تريد رفع كامل للعقوبات شرط عودتها للاتفاق, وفي نفس الوقت تصر إدارة الرئيس بايدن علي رفع العقوبات تدريجياً لتكون العقوبات المتبقية ضماناً فعالاً في مواجهة أي تراجع لإيران عن التزاماتها. وهي معادلة يطالب فيها كل طرف من الطرف الآخر أن يبادر بامتثاله لإرادة الطرف الثاني. وتأتي هذه المباحثات علي خلفية اتفاقية الشراكة الشاملة بين الصينوإيران, حيث تحصل إيران علي استثمارات بقيمة 400مليار دولار من الصين وتشتري الصين النفط الإيراني بأسعار غير مسبوقة, وهو ما يكسر الحصار الأمريكي المفروض علي النفط الإيراني, ويقوي الموقف الإيراني في التفاوض ويزيل الآثر المدمر للعقوبات الاقتصادية الأمريكية التي أضعفت الاقتصاد الإيراني, و هو ما يجعل امتثال إيران الذي يطمح إليه الرئيس الأمريكي أمراً مستبعداً. وفي الوقت نفسه, و في حالة عودة الولاياتالمتحدة للاتفاق النووي, ستتمكن إيران من تعديل بنود الاتفاق غير المعلن مع الصين بحيث تضمن لنفسها تنوع مصادر شراء النفط, وهو ما سيحسن بدوره وضع إيران الاقتصادي علي مختلف الأصعدة. ووفقاً لهذه المعطيات, تعلو الأصوات المتشككة في النوايا الإيرانية في الداخل الأمريكي, فلقد أدي التدخل الصيني لتحسين الموقف الإيراني لدرجة تجعل من إيران الطرف الاقوي. والعقوبات الأمريكية لم تنجح في إيقاف تطوير إيران لبرنامجها نحو امتلاك السلاح النووي, كما لم يقدم الاتفاق السابق (2015) الضمانات الفعلية والقاطعة أن إيران توقفت بالفعل عن تطوير برنامجها النووي بشكل ضار بالأمن العالمي.