شكشكة عواد باع أرضه إقبال بركة الصور التى عرضها د. مصطفى مدبولى رئيس الوزراء أثناء حديثه عن كارثة الاعتداء على الأراضي الزراعية لابد وأن تثير القلق الشديد في نفس كل من يحلم بتقدم بلدنا. ولابد أن نعترف بأن ما يحدث فى مصر هذه الأيام أمر يشبه المعجزة. فبعد غفلة طالت ما يقرب من نصف القرن تنبهت الدولة فجأة إلى معضلة الاعتداء على أراضيها الزراعية. كأنها شخص امتدت يد داخل جيبه وسرقت محفظته، ثم صاح مستغيثا بعد أن هرب اللص. وفي حملة لا تراجع فيها بدأت الحكومة تسترد حقها المنهوب. آلاف من الأراضى الزراعية الخصبة اغتصبت فى غفلة من الزمن، وبتآمر بعض موظفي المحليات الذين استحلوا المال الحرام، المكلفين بحراسته، فإذا بهم وقد نهبوه. بدأت الكارثة عام 1980، وانتهت بتبوير نحو 400 ألف فدان من أجود الأراضى الزراعية منها 90 ألف فدان منذ 2011، «رسميًا أعلنت الحكومة أن 2 مليون حالة تعد على الأراضى الزراعية ارتكبت منذ عام 2011». وقد أعلنت الحكومة عن تسعير مخالفات البناء بالريف 50 جنيهًا للمتر المسطح طبقا للقانون 17لسنة 2019، ويمكن تقسيطها على 3سنوات بدون فوائد مع إمكانية التظلم من قيمة التصالح! وأن آخر موعد للتصالح 30 سبتمبر الحالى ثم تبدأ حملة لإزالة المخالفات أول أكتوبر. بعدها بدأ سباق تخفيض التصالح بين المحافظين بحجة مراعاة للبعد الاجتماعى، فلماذا هذه «الحنية» على كل من ارتكب مخالفة؟ وأي بعد اجتماعى يجب أن يراعى مع من لم يراعوه أساسا؟ ومن الذى سيدفع تكاليف إزالة المخالفات وإعادة تخصيب الأراضى وهدم الأدوار المخالفة..؟. ألم نتعامي عنهم أعوامًا طويلة وتركناهم فى غيهم يعمهون، على الرغم من صدور عدة قوانين تجرم الاستيلاء على أراضى الدولة؟!. هل هو الإحساس بالذنب من قبل الدولة واعتراف بأن تلك الجريمة النكراء ما كانت لتتم لولا غفلتها و نومها فى العسل؟!. إن حجة المسئولين هى تشجيع المواطنين على إنهاء الملف فى الوقت المناسب، فما وجه العجلة؟. جريمة إن دلت على انعدام الأخلاق والضمير والوعى، فهي تدل أيضًا على الغباء المغلف بالجهل. هل كان من الممكن الا تكتشف تلك السرقة الفاضحة المفضوحة؟!. وهل كان الغرض تجويع الشعب المصرى بسرقة أعز مايملك، ثروته الزراعية، بدلا من مضاعفتها بأراض جديدة في الظهير الصحراوي الممتد شرقًا وغربًا والتى يمكن استصلاحها وزراعتها وتوفير مساكن لأهلها وبدلا من إهدار من 150 إلى200 ألف جنيه تكلفة استصلاح الفدان الواحد!. من المجرم الحقيقى، بائع الأرض المغتصب أم شاريها الغافل أم موظفو المحليات اللصوص أم المقاولون المتغابون؟. لقد بلغ عدد طلبات التصالح وتقنين الأوضاع حوالى مليون طلب موزع على مختلف المحافظات، منها 2 مليون منذ عام 2011. فكيف تجاسر اللصوص على سرقة الشعب وهو يثور لاستعادة كرامته؟ لهذا التوقيت بالذات يجب مضاعفة العقوبة لا تقليلها. وسؤال آخر: ما هو موقف نقابة المهندسين من أعضائها الذين قاموا ببناء «ناطحات سحاب» في الحوارى الضيقة بالقرى على اراض زراعية منهوبة! والتى يتجاوز ارتفاع بعضها القيود المقررة من الطيران المدنى ومتطلبات الدفاع عن الدولة..؟ وأسئلة أخرى كثيرة تؤرقنا ولابد أن تجيبنا عليها حكومة الدكتور مصطفى مدبولى أهمها: لماذا كان الانتظار ست سنوات قبل أن تبدأ «ثورة التصحيح»؟.