حالة متناقضة يعيشها سوق العقارات في مصر خلال هذه الايام ..إنخفاض ملحوظ في مواد البناء خاصة الحديد والأسمنت وبعض المواد البترولية ،بينما تواصل أسعار المساكن “الايجار والتمليك ” في الارتفاع ..فقد أسعار الحديد شهدت أكبر انخفاض لها خلال شهر أكتوبر الماضي منذ تعويم الجنيه في 2016،بمتوسط 2000 جنيه للطن، ليتراوح سعر الطن ما بين 9400 – 9900 جنيه للطن تسليم أرض مصنع..في الوقت ذاته يصرخ المواطنون من عدم قدرتهم على توفير قيمة ايجار المسكن الذي تعتبره كل منظمات حقوق الإنسان من الحقوق الأساسية للإنسان كالمأكل والمشرب .. التفاصيل في هذا التحقيق. *ميرضيش ربنا ! يقول المواطن يوسف هانى احد الشباب القاطنين بالمدن الجديدة :توجهت للمدن الجديدة لانخفاض اسعارها لانها بعيدة عن العاصمة وكانت الاسعار فى البداية “معقولة” وبالفعل قمت بشراء شقة بمبلغ 150 ألف جنيه فى عام 2016 وعند محاولتى فى عام 2018 بتغيير سكنى الذى لا يتجاوز 65متر ، لسكن اكبر لانى ربنا كرمنى بولد وبنت ومحتاج غرفة مستقلة لكل طفل فيهم ففكرت بشراء شقة 3غرف لا تتجاوز مساحتها 90متر ، الا اننى فؤجئت بمتوسط سعر الشقة يتجاوز 400ألف جنيه ، وهى شقة تابعة للاسكان الاجتماعى والان فى 2019 تجاوز سعر نفس الشقة فوق 550ألف جنيه فى حين ان سعر شقتى وصل ل350ألف جنيه ” يعنى لو حبيت اشترى اوضة زيادة يبقا سعرها 200ألف جنيه وفى نفس مكان سكنى …ده يرضى ربنا”. * عبئا ثقيلا وقال المواطن حسين شوقى موظف بالادارة الصحية ويسكن بالايجار فى احدى مناطق المجتمعات العمرانية الجديدة باكتوبر اعمل موظف راتبى لا يتجاوز 2000 جنيه واضطررت للعمل بوظيفة اخرى بمبلغ 2000جنيه ،اسكن بشقة ايجار كان ايجارها حتى اوائل 2018 لايتجاوز 1000جنيه ،الا انه فى اواخر عام 2019 قد تجاوز الايجار 1900جنيه بدون ادنى مبرر منطقى لذلك ،مع ارتفاع شديد فى سعر المتر بالنسبة للبيع والشراء بالرغم من كونها مساكن اسكان اجتماعى كان مقدمتها لا تتجاوز 5 ألف جنيه باقساط لا تزيد عن 400جنيه شهريا ،باجمالى ثمن 200ألف جنيه لمدة 20 سنة اقساط والسبب فى ذلك ان اغلب اصحاب مالكى الوحدات فى غنا عنها لذلك يقوم باستثمارها فى الايجار بتلك المبالغ بالرغم من عدم حاجتهم لها ،ومع زيادة اسعار الكهرباء والغاز والمياه والمعيشة كل هذا اصبح عبئا ثقيلا . *الخبراء يتحدثون . قال الخبير الاقتصادى وخبير اسواق المال حسام الغايش ، ان ارتفاع أسعار العقارات فى مصر على الرغم من انخفاض أسعار العملات الاجنبية أمام الجنيه المصري وايضا انخفاض سعر الفائدة على الايداع و الإقراض معا له عدة اسباب ، حيث ان سعر العقار مرتبط بعدة عوامل تتمثل فى حجم الطلب على الوحدات و تكلفة مواد البناء وقدرة الشركات على الاقتراض لتمويل مشروعاتها وتكلفة هذا الإقراض وبالتالى سنرى أن تكلفة مواد البناء انخفضت بالفعل نظرا لارتباطها بسعر الدولار . وأوضح الخبير الاقتصادى أن معظم مواد البناء تستخدم مواد خام مستوردة من الخارج وبالتالى سعر العملات الاجنبية يؤثر طرديا على سعر مواد البناء وايضا تكلفة الاقتراض انخفضت نظرا لتراجع اسعار الفائدة ولكن يبقى حجم الطلب المتزايد على الوحدات العقارية ، ولكن دائما ما يكون هناك فرق زمنى بين ما تكلفته الشركة بالفعل وبين أثر هذا الانخفاض فى التكاليف،موضحا أنه سيتم التراجع ببطء حينما يؤثر هذا التراجع على مراحل تنفيذ انشاء العقار بالكامل وبالفعل بدءت شركات كثيرة فى مد فترة السداد لعدة أعوام لخلق طلب جديد على الوحدات العقارية ولذا فمن المتوقع تراجع أسعار العديد من الوحدات الجديدة خلال الأشهر القليلة القادمة خاصة فى ظل تراجع معدلات التضخم وأسعار الفائدة على الايداع و الإقراض فى البنوك المصرية . * هو اللى بيزيد بيرخص؟! وفى ذات السياق قال ممدوح بدر الدين رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقارى ،أن اسعار العقارات لن تنخفض بل قد تزيد خلال الفترة المقبلة وكل ما سبق ليس له تاثير يذكر على اسعار العقارات حيث لايزيد عن نصف بالمئة من اليات التسعير، كما إن سعر الأرض هو العنصر الرئيسي في التسعير، والجميع يرى ارتفاع الأسعار خلال الفترة الماضية قائلا على حد قوله “هو اللى بيزيد بيرخص تانى”. ومن جانبه أكد النائب علاء والي، رئيس لجنة الإسكان السابق بمجلس النواب، أنه لن يحدث أي انخفاض في أسعار العقارات، إلا إذا خفضّت الحكومة أسعار الأراضي التي تطرحها للبيع على المطوريين، فالحكومة هي الجهة الوحيدة المسئولة عن طرح أراضي للبيع. وأوضح أن تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، إضافة إلى انخفاض سعر الحديد 2000 جنيه، مع انخفاض الفائدة، كلها مجتمعة لن تحدث أي تأثير في سعر العقارات بالسوق، ويظل سعر الأرض هو المحدد الرئيسي في التسعير، وقطعًا تعلمون أن سعر الأرض حاليًا ليس بسيطًا، بخلاف الفوائد البنكية على سداد أسعارها. *الدولار والبناء وأكد الدكتور عاطف عبد المغني الخبير العقاري، أنه من المفترض أن تؤثر كل هذه العناصر في أسعار العقارات، بنسبة انخفاض من 6 – 10%، فتكلفة الانشاء تتراوح بين 60 – 70% من سعر العقار النهائي، وعندما تنخفض هذه التكلفة من المفترض أن يتراجع سعر المنتج وهو العقار. قائلاً: «إن انخفاض سعر الدولار يؤدي إلى انخفاض أسعار مواد البناء، وبشكل خاص الحديد، فالحديد والأسمنت يمثلان نصف التكلفة الخاصة بالعقار والوحدة السكنية تقريبًا، كما أن غالبية المواد الآخرى من تشطيبات، إما مستوردة من الخارج، أو تعتمد في انتاجها على مواد خام مستوردة، كما أن معدات تصنيع العقار غالبيتها مستوردة». وتابع: «لكن هذا لن يحدث في السوق العقارية، في الوقت الحالي، بل على العكس قد نجد زيادة في الأسعار، فالشركات تسعى لتثبيت سعر العقار مقابل منح العملاء محفزات وتيسيرات في أنظمة السداد، فبعض الشركات لجأت إلى إلغاء دفعة مقدم الحجز والتعاقد ومد فترات السداد إلى 11 عام، بدون فوائد». ويرى عبد المغني، أن غالبية المطوريين يبررون عدم تخفيض الأسعار بالزيادة الكبيرة في أسعار الأراضي التي اشتروا بها من الحكومة، وبالفعل سعر الأرض هو العنصر الحاكم في التسعير، حيث أنه يشغل نحو 40% من التكلفة النهائية للعقار، وكلما زادت أسعارها، ارتفعت أسعار العقارات. وطالب الخبير العقاري، بضرورة تدخل غرفة غرفة صناعة التطوير العقارى، في تحديد آليات للتسعير، ومعرفة أسباب عدم تخفيض الأسعار، رغم تراجع التكلفة و كل مدخلات الصناعة. *التحديد العشوائي وقال إبراهيم عبد العزيز، الخبير العقاري، إنه من المفترض أن تؤثر هذه الانخفاضات في أسعار الحديد على أسعار العقارات، هذا من الناحية النظرية، أما على أرض الواقع لا توجد لدى المواطن أية انخفاضات في الأسعار، نظرًا للتحديد العشوائي في الأسعار، واعتماده على العرض والطلب، وليس تكلفة الإنتاج وحدها. وأشار عبد العزيز، إلى أنه من الضروري إيجاد آليات حاكمة للسوق العقارية وأسعار مواد البناء، رافضًا الحديث عن «سوق حرة»، فهذا غير صحيح، وتحديد السعر يتم بشكل غير منضبط. * تراجعًا كبيرًا يذكر أن أسعار الحديد قد شهدت تراجعًا كبيرًا خلال الشهر الماضي -أكتوبر-، نتيجة لعدة أسباب، أبرزها انخفاض خام البليت إلى متوسط 350 دولارا للطن، بخلاف خفض الحكومة سعر الغاز خلال نفس الشهر، على المصانع إلى 5.5 دولار للمليون وحدة حرارية بدلا من 7 دولارات، وصولاً إلى انخفاض أسعار الدولار.كما تراجع سعر صرف الدولار إلى متوسط 16.10 جنيه، نتيجة تدفقات نقدية من السياحة والتصدير في مجال البترول والغاز والاستثمار المباشر في البورصة وأدوات الدين وأموال المصريين العاملين في الخارج، فزادت التدفقات النقدية الداخلة عن الخارجة،بينما ظلت اسعار المساكن صداعا في رأس المواطن الغلبان !