أعلنت الحكومة الإثيوبية، امس الاول"الاثنين"، عن افتتاحها سد جديد يحمل اسم "غيدابو" بتكلفة 29 مليون دولار، غرب جوجي ومناطق سيداما فى منطقة "أوروميا"، وتصل السعة التخزينية له 62.5 مليون متر مكعب ويبلغ ارتفاعه 25.8 متر، وطوله 335 مترًا، وتتجاوز الاستفادة منه لاكثر من 10 آلاف مزارع إثيوبي، وأكثر من 192 ألف فرصة عمل للشباب، فيما أوضح دكتور" ضياء القوصى" المستشار السابق لوزير الري والموارد المائية وخبير المياه الدولي، أنه عبارة عن سد صغير خارج حدود نهر النيل لدرجة لا تدعو للقلق لعدة عوامل منها، مكانه الذي لا يقع على حوض نهر النيل الأزرق من جهة وصغر حجمه، ولن يؤثر علينا بأي شكل من الأشكال،، مشيرا الى أن هذا السد لا يمثل ثلث ما ينتجه السد العالي يوميًا، وانما اقيم للحفاظ على المياه أثناء هطول الأمطار والغرض الرئيس منه الزراعة. واضاف" القوصى" ان هذا المشروع رغم صغر حجمه وسعته إلا أنه عانى من مشكلات فنية أخرت افتتحه أكثر من مرة، وكان رئيس الوزراء" آبي أحمد"، انتقد عمليات تمديد تاريخ الانتهاء منه بسبب تعديلات فنية فى تصميمه، مؤكدا ان الاخطر هو السد العملاق"سد النهضة" ولابد ان نراقب بشدة خطواته وغيره من السدود الإثيوبية المتزايدة على روافد الأنهار على النيل الأزرق. ورغم التطورات الاخيرة فى ملف سد النهضة والتى يراها البعض فى مصلحة مصر، الا ان الوضع لا يزال مثيرا للقلق، فحتى بعد اعلان"ابى حمد" أن التأخير فى تشييد السد أفرز زيادة فى تكلفة بنائه بنسبة 60 %، ومن قبلها تم الاعلان عن تأخر البناء بسبب وجود واد عميق خلال تغيير مجرى المياه يعرقل استئناف العمل علاوة على مشاكل فنية اخرى، الا ان "القوصى" يرى ان التأجيل السد بسبب وجود بعض المشاكل الفنية والمادية امر متوقعناه، ولكن الاهم هو الفرصة التى اتيحت اما المسئولين لاعادة المفاوضات، والاستفادة من هذا التأخير خاصة فى وجود رئيس الوزراء الإثيوبى "المتفهم" والذى يختلف لدرجة كبيرة عن "الرئيس زيناوى"، حيث استطاع"بى حمد" أن يحل العديد من حل المشاكل مع الدول المجاورة وهو ما يشجع على شرح حقيقة مخاوفنا من المخاطر المتوقعة، وبناء عليه لابد من الاسراع فى المفاوضات وعدم التراخى، وانتهاز فرصة تأخير اكتمال السد وإلا لن يكون لقرار التأخير قيمة، وإثيوبيا يمكن أن تكمل السد فى فترة وجيزة إذا توافرت لها الإمكانيات المادية، خاصة ان المفاوضات خلال الفترة الماضية كانت حول طريقة التشغيل وملء السد، ولكن بعد التعثر والإعلان عن التأخير، فهناك أمل للمشاركة المصرية، خاصة مع وجود خبرة لبعض الشركات فى بناء السدود، على سبيل المثال "إسناد إنشاء سد ستيجلر جورج فى تنزانيا لشركة المقاولون العرب ليس بغرض الربح بل للمساعدة فى التنمية"، وبما ان لا يزال هناك جزءًا لم يكتمل، فيمكن إصلاح الوضع والمشاركة فى النواحى الفنية والمادية للسد، وعمل توربينات بمستويات معقولة تناسب المكان ولا تضر بمصلحتنا. وعن الخسائر التى يسببها السد لمصر فى حالة اكتماله يرى" القوصى" أن الأزمة ليست فى سد النهضه نفسه، فلن تحدث معاناة منه فى ظل وجود السد العالى وامتلاء البحيرة، التى يمكن ان يتم السحب منها حتى تمر الأزمة، وبالتالى نستطيع التغلب على الخسارة المائية، ويمكن ان يتم الاتفاق على تفاصيل جديدة للسد للخروج بأقل خسائر ممكنة،ولكن المشكلة فى السدود الأخرى المتوقع بناؤها على النهر الرئيسى، والتى تحتاج لاتفاق واضح حتى لا نكرر سيناريو هذا السد، والتأكيد على عدم عمل مشروعات إلا بعد التفاوض مع دول المصب، وتجنب الخسائر السياسية لتجاهل إثيوبيا الاتفاقيات والأعراف الدولية، خاصة وأن الوضع اصبح سيئًا حيث انخفض نصيب الفرد من المياه لنحو 565 م3 كما ان 98% من حصتنا من المياه تأتى من خارج مصر، و 85% من مياه النيل تأتى من إثيوبيا فقط من 3 أنهار رئيسية هى عطبرة والنيل الأزرق والسوباط، فى حين يوفرالنيل الأزرق الذى يقام عليه سد النهضة حالياً بمفرده 50 مليار م3 بما يعادل 60% من مياه النيل ويأتى من حوض النيل84 مليار م3 إلى السودان ومصرأى ما يعادل 5% من كميات الأمطارالتى تسقط على الحوض و1% من كمية الأمطار التى تسقط على ال 11 دولة لحوض النيل. واضاف " القوصى" أنه من الضرورى أولا معرفة الطبيعة المائية والطبوغرافية لإثيوبيا حتى نفهم أهمية السد وخطورته، حيث إن الأخدود الإفريقى حالياً مركز لبراكين وزلازل نشطة، وبالتالى تمتلئ الهضبة وجميع السدود الإثيوبية بالعديد من التشققات، ولأنه فالق ضخم تتشعب منه فوالق أصغر، وهذه من أكبر المشاكل التى تواجه إثيوبيا، فبعد إنشاء السدود تتسرب المياه عبر الشقوق بعد عدة شهور، كما حدث فى تيجرى، وهذه المياه تصل للمحيط الهندى ولا تكون خزانات جوفية، وبالتالى هناك خطورة شديدة من أى مشروعات مائية خاصة المشروعات الكبرى، وحتى صخور البازلت ليست من القوة التى تتحمل الإنشاءات الضخمة كالسدود، لأن البراكين عند نشاطها مرة تلو الأخرى تنشأ عنها طبقات بينها فراغات وتؤدى لمشاكل من الناحية الهندسية، ورغم أن الصخورالتى يقام عليها سد النهضة هى صخور"جرانيتية قديمة ومتحللة" إلا أنها مليئة بالتشققات وهى إحدى المشاكل التى تواجه السد، مؤكدا ان الخطورة ليست فى السد الرئيسى على النيل الأزرق، ولكن فى السد الجانبى المكمل على بعد 5 كم فهو ضعيف وبه تقوس، وبالتالى هو أشد خطورة لأن البحيرة لو ملئت فى وجود فيضان سيحدث له انهيارمؤكد، ولو حدث سيدمر السودان اولا.