سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وصول نسبة الأمية إلى 25 %.. وصمة عار.. الخطط والاستراتيجيات تسير فى اتجاه محو الأمية أم نحو الأمية؟.. خبراء التربية: برامج محو الأمية ل"التسكين" والقائمون على تعليم الكبار غير متخصصين
كشفت احصائيات حديثة للجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء، حول توزيع السكان فى المنظومة التعليمية، أن إجمالى عدد السكان فى سن التعليم بدءاً من 4 سنوات فأكثر نحو 84.3 مليون نسمة خلال عام 2017، وتشكل نسبة المتعلمين من هذا العدد "التحق بالتعليم وأنهاه" 35.6% بعدد 30.079 مليون فرد، بينما مثلت نسبة غير المتعلمين "لم يلتحق/ أمى" 26.8% بنحو 22.6 مليون فرد من إجمالى عدد السكان بدءاً من 4 سنوات فأكثر. فيما شكلت نسبة المتسربين من التعليم "التحق وتسرب" 7.2% بعدد 6.1 مليون فرد، منهم 3.3 مليون فرد من الذكور مقابل 2.8 مليون فتاة متسربة. ارتفعت نسبة الأمية "لم يلتحقوا بالتعليم" بين الإناث عن الذكور عكس الحال فى التسرب من التعليم، حيث بلغ عدد الأميين الذكور نحو 10 ملايين أمى، مقابل 12.6 مليون أنثى غير متعلمة. بينما مثلت نسبة الدارسين حالياً "ملتحق بالتعليم/ طالب" 30.2% بنحو 25.5 مليون فرد من إجمالى عدد السكان بدءاً من 4 سنوات. حجم الأمية وبحسب الدراسة الإحصائية للجهاز، حول حجم الأمية فى مصر، فان معدل الأمية انخفض من 39.4% عام 1996 إلى 29.7% عام 2006، ثم إلى 25.8% عام 2017. ونجد أن عدد الأميين انخفض بدءًا من 10 سنوات فأكثر" من 17.6 عام 1996 إلى 17 مليون فرد عام 2006، بانخفاض 3.6% خلال هذه الفترة، ثم ارتفع العدد منذ عام 2006 حتى وصل إلى 18.4 مليون فرد عام 2017، بزيادة قدرها 8.3%. وارتفعت معدلات الأمية بين الإناث بدرجة كبيرة، حيث بلغت 30.8% مقابل 21.1% للذكور عام 2017، كذلك ارتفعت معدلات الأمية بالريف بدرجة كبيرة حيث بلغت 32%، مقابل 17.7% فى الحضر. كما تشير الدراسة إلى انخفاض معدل الأمية للفئات العمرية الصغيرة، حيث بلغ 4.1% لفئة الأطفال "10- 14"، ولم يتعد معدل الأمية 10% للسكان فى الفئة العمرية "15- 19" عام خلال عام 2017، ولم يتعد 20% للشباب فى عمر "20-29 ". ويتجه معدل الأمية للتزايد مع ارتفاع العمر، حيث ارتفع إلى 28% للفئة العمرية "35- 39 "، ثم إلى 38.8% للفئة " 45- 49 "، ويتزايد معدل الأمية إلى 46.9% للفئة العمرية "50-54 "، وإلى أكثر من 50% للفئات العمرية 55 سنة فأكثر. فعلى الرغم من تبنى الدولة خططا واستراتيجيات تهدف الى محو الأمية لكن المجتمع مازال يعانى من ارتفاع نسبة الأمية الامر الذى يعوق التنمية نحو تحقيق الرؤية التى تنشدها الدولة فى التقدم والنمو ومحاربة الارهاب والتطرف. جودة التعليم وفى ذات السياق قال د.محمود منسي "عميد سابق بكلية التربية جامعة الاسكندرية" ان نسبة الأمية المرتفعة تعود الى سوء جودة التعليم الاساسي، من حيث كثافة الفصول، وضعف الإمكانات المادية للمدارس حيث توجد مدارس ليس بها دورات مياه وحجر للأنشطة لجذب الطلاب، بالاضافة الى عدم وجود وسائل تعليمية وتكنولوجية حديثة، فضلا عن ان معظم المعلمين غير أكفاء وليسوا من خريجى كليات التربية بل من كليات أخرى. وأضاف أن تطوير مدخلات التعليم وتلبية متطلبات التعليم أمر ضرورى وذلك من حيث تهيئة المناخ المدرسي وتطوير الكتاب والمناهج الدراسية الامر الذى ينعكس بالايجاب على مخرجاته. ولفت الى ان تسرب الملتحقين بالتعليم يعد "سبة فى الجبين" ويجب على أجهزة الدولة التكاتف لمواجهة ارتفاع نسب التسرب فضلا عن تحسين احوال التعليم الاساسي لجعل المدرسة جاذبة وليست طاردة للتلاميذ. واشار الى ان الدولة تبنت مبادرات واستراتيجيات عديدة وانشأت الهيئة القومية لمحو الامية وتعليم الكبار، الا اننا مازلنا نعانى من تجاهل اصحاب التربية والمتخصصين من أساتذة كليات التربية فى المشاركة فى اعداد هذه الخطط التى ما زالت لم تؤت جدواها عبر هذه السنوات، الامر الذى يتطلب الثقة فى الجهود المصرية والاستعانة بالخبراء والمتخصصين. معدلات الفقر وقال د.صلاح عبد السميع " استاذ المناهج بجامعه حلوان وعضو لجنة التربية بالمجلس الاعلى للثقافة" ان القائمين على تعليم الكبار ساهموا فى ارتفاع نسبة الأمية لان برامج محو الأمية لا يتم تفعيلها على ارض الواقع وغالبا ما تكون برامج للتسكين، بالاضافة الى ان الموازنات التى تخصص لبرامج محو الأمية لا يعرف احد اين تذهب، ولاتوجد جدية حقيقية للتعامل مع محو الأمية. وأضاف أن هناك أسبابا عدة ساهمت فى انتشار الأمية منها ارتفاع معدلات الفقر، وغياب منظومة التعليم عن أداء دورها بالاضافة الى انه لاتوجد آلية حقيقية للتعامل مع تسرب الأطفال من التعليم ومتابعتهم والمتأخرين دراسيا. ولفت الى ان ارتفاع نسبة الأمية بين الإناث اكثر من الذكور يعود الى ان نسبة الانجاب الفعلى فى الشريحة العمرية للإناث اكثر من الذكور، وهناك احصائيات كشفت أن نسبة التعليم بين الإناث اكثر من الذكور، وبالتالى فان انتشار الأمية بين الذكور يرجع الى حالة الإحباط عند الشباب لعدم توافر فرص عمل بالاضافة إلى الفجوة الموجودة بين التعليم وسوق العمل. وأشار إلى خطورة ارتفاع نسبة الأمية فى المجتمع الامر الذى يؤدى الى العشوائية والفوضى وغياب الانتماء للوطن فضلا عن مزيد من الأعباء على الدولة والاقتصاد، واصفا المبادرات التى تبنتها الدولة للقضاء على الأمية بانها مبادرات واستراتيجيات متخبطة ثم مرت بمرحلة محاولة النهوض وصولا الى مرحلة السقوط المريع لغياب الرؤية. الأمية بين الشباب وقال د.سامى نضار " استاذ التربية بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة " ان ارتفاع نسبة الأمية بين الشباب يعد مؤشرا خطيرا يؤثر سلبا على التنمية والانتاج والمشاركة السياسية لهذه الفئة العمرية التى هى فى سن العمل، موضحا ان السبب يرجع الى ضعف المستوى التعليمي الذى يقدم فى المدارس. واضاف ان العديد من الدول استطاعت ان تقضى على الأمية مثل كوبا والاتحاد السوفيتى والصين وغيرها من الدول، وذلك عن طريق وضع خطة شاملة لها اهداف محددة ومدى زمنى معين التزمت بها كل اجهزة الدولة، ولم يقتصر الامر على تبنى مشروعات او مبادرات فى وقت معين. ولفت الى ان نسبة الأمية فى مصر على الرغم من انها تتناقص عبر السنوات الماضية، لكن العدد يتزايد الامر الذى يرجع الى الزيادة السكانية مع عدم تحسين الظروف المادية والمعيشية للافراد. مشروع قومي واشار استاذ التربية بمعهد الدراسات التربوية، الى ان المدرسة من دورها ان تعلم وتغرس فى الاطفال حب الوطن والانتماء، وليس من دورها ان تمحو اميتهم مستنكرا تطبيق وزارة التعليم لبرنامج القرائية لمحو الأمية فى المدارس. وقال د.على إسماعيل "رئيس قسم اعداد المواد التعليمية بمركز البحوث التربوية سابقا" ان السبب الرئيسي فى وصول نسبة الأمية الى 25% وقد تصل ل 30%، يرجع الى ان المناهج الدراسية عقيمة لا تساعد الانسان على محو الأمية بل ساعدت على انتشارها. وأضاف ان مصر تعد من الدول التى بها نسبة تسرب من التعليم عالية الامر الذى يرجع الى ان التعليم لدينا تعليم طبقى (خاص ودولى ولغات) بالاضافة الى تكلفته عالية. واكد اسماعيل، ضرورة الاهتمام بالمناهج التى تدرس للصف الاول الابتدائى وفصول محو الأمية بحيث تأتى وفق الاتجاهات الحديثة وتقوم على فكر تربوي لغوى دقيق. لافتا الى اهمية مشاركة المجتمع الاهلى فى تبني مشروع قومى يهدف الى محو أمية الافراد الامر الذى يساهم فى تحقيق التنمية الشاملة. التنمية المحلية يذكر ان وزارة التنمية المحلية، قد أعلنت عن رؤية تنموية متكاملة من أجل القضاء على الأمية عبر 4 خطوات أولها تفعيل قرار المجلس الأعلى للجامعات بإلزام كل طالب سواء فى الجامعات العامة أوالخاصة فى الكليات النظرية بمحو أمية 8 طلاب، ثانيا إعداد دورات تأهيل تربوى للقائمين على عملية التدريس "تدريب المدربين"، ثالثا إعداد الشباب المشاركين فى المشروع القومى، رابعا توفير بعض الحوافز العينية والمادية للشباب المشاركين من الجامعة. توصيات والجدير بالذكر، أصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء 12 توصية لمواجهة الأمية، وذلك بعد أن أوضح فى دراسته، ارتفاع معدلات الأمية منذ عام 1996 وحتى عام 2017 إلى أن وصلت إلى 18.4 مليون فرد. وجاءت من ضمن التوصيات تحقيق الاستيعاب الكامل للتلاميذ فى سن الالتحاق للصف الأول الابتدائى، ومحاربة تسرب التلاميذ والعمل على مساعدة الأسر الفقيرة التى تسعى لتشغيل أطفالها وتوفير دخل لهم وتتبعهم لعدم حدوث أى تسرب. كذلك التأكيد على ضرورة الارتقاء بثقافة الإناث، من خلال محو أميتهم، وتفعيل وتطوير برامج محو الأمية، بالاضافة الى تشجيعهم على الانتظام فى التعليم على قدم المساواة مع الفتيان، باعتبار التعليم هو الأساس للتعرف على حقوقها ومسئوليتها وواجباتها تجاه المجتمع والأسرة. كما اكدت التوصيات على اهميه الاستفادة من التقدم العلمى والتقنى لمواجهة هذه الظاهرة عبر استخدام الأجهزة الذكية وشبكة الإنترنت، بالاضافة الى الاستفادة من المؤسسات والمنظمات النشيطة فى هذا المجال والاستعانة بتجارب الدول التى تغلبت على الأمية، فضلا عن ربط التعليم بالعمل فى برامج محو الأمية وتهيئة فرص اكتساب المهارات التى يتطلبها سوق العمل بالتغيرات العالمية الحديثة. كذلك زيادة الميزانية المخصصة لبرامج محو الأمية، والعمل بمراكز الشباب وبالمحليات على رفع الوعى لدى الأميين من الناحية الثقافية والصحية، بالاضافة الى العمل على تأهيل الأميين من خلال مراكز التأهيل المهنى للعمل على توفير فرص عمل كريمة لهم.