بشير السباعي، الحاصل علي جائزة رفاعة الطهطاوي للترجمة هذا العام شاعر ومترجم، نقل إلي العربية نحو خمسين عملا إبداعيا وفكريا من الروسية والفرنسية والإنجليزية، وسبق له أن فاز عام 1971 بجائزة روسية لأفضل طالب مصري إجادة للروسية وآدابها، كما سبق له الحصول علي جائزة مؤسسة البحر المتوسط في دورتها الأولي عام 2007 عن مجمل أعماله في حقل الترجمة. ماذا يمثل لك الفوز بجائزة الترجمة هذا العام؟ الحقيقة أن الشيء الذي يتميز بأهمية خاصة في نظري هو أن الجائزة كانت من نصيب كتاب المؤرخ الفرنسي «هنري لورنس» عن «مسألة فلسطين»، وهو الكتاب الذي يعتبره المؤلف نفسه أهم مؤلفاته إلي الآن، فالكتاب يتناول تطور مسألة فلسطين منذ حملة بونابرت علي بلاد الشام منذ عام 1799، وهو عبارة عن ثلاثية تتألف من ستة كتب، وينتهي الكتاب السادس عند عشية حرب يونيو 1967، ويواصل «لورنس» العمل علي ثلاثية جديدة يبدأ مجلدها الأول من حرب يونيو 1967 إلي الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. فرادة الكتاب وما أهم ما يميز كتاب «مسألة فلسطين» من وجهة نظرك؟ أهم ما يميز كتاب «مسألة فلسطين» هو فرادته واستثنائيته من حيث إنه يتناول تطور المسألة عبر مختلف مراحلها ومن جميع جوانبها وفي هذا السياق يقدم «هنري لورنس» رؤية تاريخية موضوعية لمواقف وتحركات الفاعلين في المسألة سواء كانوا علي مسرح الساحة الفلسطينية المباشر أم علي الساحة الدولية، خاصة الأوروبية والأمريكية والروسية، ناهيك عن رصد مواقف مختلف الأطراف العربية الفاعلة إلي جانب رصد مواقف مختلف التيارات الصهيونية داخل فلسطين وخارجها وهو، بهذا المعني، كتاب في «تاريخ العلاقات الدولية» يرصد التدخلات الاستعمارية والنتائج المترتبة عليها، ليس فقط بالنسبة لمصائر مسألة فلسطين وإنما أيضا بالنسبة لمصائر المنطقة العربية عموما والجوار خصوصا، ومن الطبيعي أن الكاتب يتناول تاريخ معاداة السامية في شرق ووسط أوروبا ومآل حركات الاستيعاب داخل مجتمعات أوروبا الغربية والولايات المتحدةالأمريكية، وهو يتوقف بالطبع أمام كارثة المحرقة النازية لليهود. مواد أرشيفية وما أهم ما يميز منهج «لورانس» في الكتابة؟ يولي الكتاب أهمية خاصة لملابسات مسألة فلسطين زمن الحرب الباردة، وأضيف أن هنري لورنس يعتمد علي ذخيرة ضخمة من المواد الأرشيفية ليس فقط الصهيونية والعربية وإنما أيضا البريطانية والفرنسية والأمريكية والسوفيتية، ناهيك عن الأرشيفات الشخصية المتوافرة لدي عدد من الأفراد والتي لم يسبق الاعتماد عليها. تتميز معالجة لورنس بإدراجها المسألة في سياق جدل الاستعمار والتحرر القومي، فمن الناحية المنهجية يقدم لورنس تاريخ مسألة فلسطين علي شكل مروية واقعية وهو الشكل المتعارف عليه بين المؤرخين سواء أكانوا ينتمون إلي مدرسة الحوليات التي تركز علي السيرورة الاجتماعية - الاقتصادية طويلة الأمد أم المدرسة التي تركز علي التطورات السياسية ذات الإيقاع الأسرع. جوائز متعددة يبدو أن ترجمات كتب «لورانس» تنال جوائز عربية؟ هذا هو الكتاب الثاني لهنري لورنس والذي تحصل ترجمته علي جائزة عربية، فقد سبق لكتابه «الحملة الفرنسية في مصر» أن حصل علي جائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1996 لأفضل كتاب مترجم إلي العربية في عام 1995، وفي الحالتين كان ذلك مصدر سعادة لهنري لورنس ولي شخصيا، فالكتابان يتميزان بأهمية خاصة بالنسبة لجميع المعنيين بالتاريخ الحديث والمعاصر للمنطقة العربية.