أضيفت للمكتبة العربية في السنين القليلة الماضية مجموعة من الكتب المؤلفة والمترجمة للدكتور محمد مندور، ينشر بعضها لأول مرة، أو يعاد طبعها بعد مرور عشرات السنين علي طبعتها الأولي. من أهم هذه الكتب «كتابات محمد مندور المجهولة» التي جمعها من الدوريات الصحفية سامي سليمان أحمد، وتصدر تباعا في ستة أجزاء، وكتاب «محاكمة الضمير الوطني» الذي أعده وقدم له طارق مندور مع كتب أخري لمندور عن الصحافة، وفنون السرد، وأساتذة وزملاء محمد مندور وغيرها. كما أعيد طبع كتاب مندور «قضايا جديدة في أدبنا الحديث» الذي صدر في بيروت عن دار الآداب سنة 1958، وترجمة مندور لرواية «مدام بوفاري» لفلوبير، و«دفاع عن الأدب» لجورج ديهاميل.. وتحت الطبع أيضا من ترجمات مندور كتاب «المدينة الإغريقية» لجوستاف جلوتس، الذي يتحدث فيه مؤلفه عن بزوغ وأفول الديمقراطية اليونانية قبل الميلاد.. يشارك في إصدار هذه الكتب الهيئة المصرية العامة للكتاب، والهيئة العامة لقصور الثقافة، والمركز القومي للترجمة. ومع هذا فلاتزال هناك أوراق مخطوطة لمندور بحاجة إلي من يبحث عنها في مكتبته الخاصة التي تعرضت للبعثرة، حين أراد صاحب العمارة التي أقام فيها مندور في منيل الروضة استرداد الشقة بعد رحيل زوجة مندور، وعدم إقامة أحد من أبنائه فيها. ولأن محمد مندور ليس بالناقد العابر الذي يمكن للحركة الثقافية أن تتجاهله، أو لا تحتفل بكل ما كتب وترجم، فإني أنتهز مناسبة قرب حلول الذكري الخامسة والأربعين علي رحيله، في التاسع عشر من شهر مايو القادم، للدعوة لاستكمال هذا الجهد الذي بذل ويبذل للمحافظة علي المخطوطات والمسودات التي خلفها مندور، وهي تتضمن مسرحية للكاتب الروماني هوريا ليفيتسكو عنوانها «القلعة المحطمة»، ترجمها مندور سنة 1958 ولا أحد من أسرته أو من المثقفين يعرف عنها شيئا غير ما كتبه مندور نفسه عنها في إحدي مقالاته المنشورة في جريدة «الشعب»، ينوه فيها بالقيمة الأدبية لهذه المسرحية، وباتفاق مضمونها الإنساني مع مضمون الحياة في بلادنا في تلك الأيام المشبعة بروح الثورة، التي يمجد فيها العمل ويسخر من الضعف والجبن. وكان مندور قد زار في 1956 الجمهورية الشعبية الرومانية مع وفد من الأدباء المصريين، وتعرف علي مدي أسبوعين علي معالمها ومتاحفها وحياتها الثقافية، والتقي بكتابها وشعرائها، وأعجب بأدب الكثير منهم.. وفي ضوء هذا اللقاء الذي وصفه مندور بالتفصيل في كتابه الصغير «جولة في العالم الاشتراكي»، اختار مندور هذه المسرحية لترجمتها، كما ترجم مجموعة قصص رومانية صدرت في حياته بمقدمة ضافية يعرض فيها لوجوه الشبه بين أدبنا والأدب الروماني في خصائصه الفنية، وبين حياة الشعب العربي وحياة الشعب الروماني، في الكفاح الوطني، وفي الدفاع عن الأصالة القومية. فهل هناك أمل في العثور علي هذه المسرحية المفقودة قبل أن تختفي إلي الأبد، ونشرها في ذكري مندور؟!.