وافق مجلس الشعب مساء الاثنين الماضي علي إصدار قانون لانتخاب أعضاء «الجمعية التأسيسية» لصياغة الدستور المصري الجديد، ولجأت الأغلبية المهيمنة علي المجلس والمكونة من حزبي «الحرية والعدالة» و«النور» وحلفائهما إلي إصدار القانون لتجنب الطعن علي تشكيل اللجنة أمام القضاء الإداري، كما حدث عند التشكيل الأول للجمعية والذي اعتبرته محكمة القضاء الإداري قرارا إداريا وأصدرت حكمها بإلغاء قرار تشكيل الجمعية لعدة أسباب منها تخصيص 50% من عضوية الجمعية التأسيسية من أعضاء مجلسي الشعب والشوري. ووافق الاجتماع المشترك للأعضاء المنتخبين من مجلسي الشعب والشوري علي تشكيل الجمعية التأسيسية طبقا للقوائم المقدمة من حزبي «الحرية والعدالة» و«النور» وحلفائهما وسط معارضة ومقاطعة من الأحزاب المدنية. وكانت الأحزاب والقوي السياسية قد توصلت يوم الخميس الماضي في اجتماعها مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي توزيع مقاعد الجمعية مناصفة بين تيار الإسلام السياسي (50%) والتيار المدني (50%) وعقدت الأحزاب المدنية اجتماعا يوم السبت الماضي في حزب الوفد للاتفاق علي الشخصيات العامة المدنية وممثلي المرأة والشباب والاقباط، وفوجئ الاجتماع بأنه مطلوب خصم 18 مقعدا من مقاعد الجمعية التأسيسية لممثلي المؤسسات القومية والدينية من الجمعيتين مقعد المخصصين للتيار المدني (6 للقضاة – 5 الأزهر – 4 الكنيسة – 3 ممثلي الدولة.. الحكومة – القوات المسلحة – الشرطة)، وجاءت المفاجأة الثانية عندما دعي د. السيد البدوي رئيس حزب الوفد «حزب الوسط» و«حزب البناء والتنمية» المنتميين للتيار الإسلامي لحضور الاجتماع واحتساب مقاعدهما الأربعة ضمن نسبة التيارات المدنية، ليتراجع نصيبها في النهاية إلي 28 مقعدا، وبالتالي يصبح مؤكدا هيمنة تيار الإسلام السياسي علي أكثر من 57% من أصوات «الجمعية التأسيسية»، وهي النسبة النهائية المطلوبة لإقرار الدستور وأي من مواده التي لا يتم التوافق عليها، إضافة إلي تجاهل تمثيل المرأة والأقباط والعمال والفلاحين والنقابات والكتاب والأدباء والفنانين ورجال الفقه والقانون الدستوري عدا المنتمين لتيار الإسلام السياسي! وأدي هذا الموقف إلي عدم مشاركة «انسحاب» أحزاب التجمع والمصريين الأحرار والديمقراطي الاجتماعي والتحالف الشعبي والكرامة والجبهة الديمقراطية والعدل في «الجمعية التأسيسية»، ليقتصر التمثيل في الجمعية التأسيسية علي أحزاب «الحرية والعدالة» و«النور» و«الوسط» و«البناء والتنمية» و«الحضارة» ومعها «الوفد» برئاسة د. السيد البدوي و«غد الثورة» برئاسة أيمن نور. وأرجعت مصادر سياسية أزمة تشكيل «الجمعية التأسيسية» إلي غموض المادة (60) من الإعلان الدستوري، وتقاعس المجلس الأعلي للقوات المسلحة عن إصدار إعلان دستوري مكمل يصحح خطأ المادة (60) ويزيل غموضها. وأشارت هذه المصادر إلي أن النص في المادة (60) علي تولي الأعضاء المنتخبين من مجلسي الشعب والشوري اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية يتناقض مع ما هو مستقر في الفقه الدستوري من عدم جواز قيام أي من السلطات الثلاث بصياغة الدستور، وحكم المحكمة الدستورية العليا عام 1990 الذي أكد هذا المبدأ. وأكدت محكمة القضاء الإداري في حكمها بوقف تنفيذ تشكيل الجمعية التأسيسية الصادر في 17 مارس 2012 عن الاجتماع المشترك للأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشوري بعدم جواز اختيار أي من أعضاء مجلسي الشعب والشوري من أعضاء الجمعية التأسيسية. والتشكيل الذي صدر أمس يضم عددا كبيرا من أعضاء مجلسي الشعب والشوري بالمخالفة لأحكام المحكمة الدستورية العليا. وبعد إعلان سبعة أحزاب مدنية الانسحاب من الجمعية التأسيسية، أعلن اتحاد النقابات المهنية برئاسة سامح عاشور انسحاب الاتحاد من عضوية الجمعية ومقاطعة أعمالها، كما أعلن سامح مكرم عبيد وعمرو حمزاوي ود. عمر الشوبكي ومصطفي النجار انسحابهم من الجمعية التأسيسية، كذلك أعلن نائب رئيس مجلس الدولة في اللجنة انسحابه، ومازالت قائمة المنسحبين مفتوحة.