لم يكن للخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أن يقف من حرية التفكير موقف النفور أو الانكار أو التحريم حين سمع عن رجل يدعي ¢صبيغ بن عسيل ¢يسعي بين الناس بأمر جلل وهو تتبع المتشابهات والغوامض في قضايا الاعتقاد فإذا به يثير في النفوس بواعث الحيرة ودواعي الارتياب فاستدعاه عمر رضي الله عنه ونهره وعنفه ومنعه من الاسترسال فيما يفعل اذ رأي الفاروق في شيوع هذا النمط من التفكير وانتشاره بين العامة خطرا كامنا يصرفهم عن جادة الصواب ويستنفد قواهم فيما لا جدوي منه ولا طائل تحته كما يؤدي بهم إلي الاستغراق في الجدل والخصام ..وما أشبه الليلة بالبارحة.. فلم يكن ظهور المدعو اسلام البحيري بحديثه في الشأن العام واحداث ضجة وفرقعة فكرية في المجتمع حالة متفردة بل سبقه الكثير من أشباه المثقفين الذين لا يؤمنون بدين ولا انبياء ولا قرآن منزل من عند الله بل راحوا يطلقون لعقولهم العنان في ان يفعلوا ما يشاءون تحت دعاوي الحرية الثوابت الدينية والاحاديث النبوية وهؤلاء هم أنفسهم الذين أشارت اليهم السنة النبوية المطهرة في مواضع متعددة وللأسف الشديد غفلنا نحن عن الوقوف علي مدلولات ومعاني واحاديث الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم وهولاء هم الرويبضة الذين قال فيهم رسول الله فيما يرويه انس ابن مالك رضي الله عنه حين قال ¢ان امام الدجال سنين خداعات يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويخون فيها الامين ويؤتمن فيها الخائن ويتكلم فيها الرويبضة .قيل وما الرويبضة؟ قال الفويسق يتكلم في امر العامة ¢رواه احمد ..وفي رواية أبي نعيم عن عوف بن مالك قيل ¢وما الرويبضة ¢قال الوضيع من الناس ..وفي رواية الطبراني قيل يا رسول الله وما الرويبضة؟ قال من لا يؤبه له..وقال الجوهري :الرويبضة التافه الحقير .اذا وبعد كل هذه الاوصاف التي ذكرها رسول الله صلي الله عليه وسلم والتي تبين مدي خفة وزن مثل هؤلاء نجد من بيننا من يفكر في التواصل معهم او السماح لهم بالتواصل مع العامة من خلال أجهزة الاعلام. في نظري ان من يدعو إلي مناظرة هذا الدعي وغيره هو غافل او لا يعرف من وراء امثال هؤلاء وما هي غايتهم سوي تضييع الاوقات والطاقات التي لا نجني من وراءها الا الفرقة والخلاف والضجة الاعلامية والدعاية لأمثال هؤلاء فلا مناظرة بين عالم وجاهل بل غاية ما نرجوه ان يستيقظ أزهرنا الشريف العامر بالعلماء لتفنيد شبهات هذا الجهول وغيره فمهمته اقتلاع النبات الفاسد من نفوس وعقول العوام بالعلم والحجة والبرهان والدليل العقلي قبل النقلي فهل يفعلها الازهر؟ نحن في الانتظار.