إن الله عز وجل خلق الكون وفق نظام دقيق وتقدير محكم ومسير منتظم قال الله سبحانة وتعالي :" وخلق كل شيء فقدره تقديراً "2" سورة الفرقان وقال الله تعالي : "والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم"38" والقمر قدرناه منازل حتي عاد كالعرجون القديم "39" لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهر وكل في فلك يسبحون "40" سورة يس. ومن سنة الله سبحانه وتعالي أن مكن لكل أمة من الأمم وجعل مقومات حياتها وأسباب بقائها مرتبطا بالتفاعل مع هذا الكون الفسيح. والإنسان من إنه مخلوق مكرم هو المستخلف علي ما في الكون من ثروات وخيرات يبحث عنها ويستثمر وجودها لتوفير حاجياته وتحسين معيشته ولذلك أساسات وركائز فكان من الأمم من عمل بشيء منها وأغفل ما ليس له فيه هوي أو يكبح جماح نفسه الشاردة أو شهواته المارقة فجعلت عقيدة التوحيد الخالص والأخلاق الحسنة والسجايا الكريمة وتسخير ما امتازوا به من علوم وفنون بمعزل عن حياتها فاتصفت بالسطوة والطغيان مع ما كانوا فيه من تقدم في شتي فنون الحياة المختلفة من زراعة وصناعة وعمارة وتشييد فكان الهلاك عقابهم وطمس معالمه واندثار حضارتهم مآلهم. قال الله تعالي :" فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون "15" فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزي وهم لا ينصرون "16" وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمي علي الهدي فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون "17" "سورة فصلت" وقال الله سبحانه وتعالي:" الحاقة "1" ما الحاقة"2" وما أدراك ما الحاقة"3" كذبت ثموط وعاد بالقارعة "4" فأما ثمون فأهلكوا بالطاغية "5" وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية "6" سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فتري القوم فيها صرعي كأنهم اعجاز نخل خاوية "7" فهل تري لهم من باقية "8" وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة "9" فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية "10" سورة الحاقة. والأمة الإسلامية هي آخر الأمم وجوداً وربما كان ذلك لتستفيد من تجارب الأمم السابقة وتدرك اسباب إهلاكها وتعرف عوامل انهيارها لتكون بمنأي عن ذلك كله قال الله:"لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفتري ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدي ورحمه لقوم يؤمنون"111" سورة يوسف. والحضارة الإسلامية قامت علي كل ما من شأنه سعادة العالمين في معاشهم وفلاحهم في معادهم فربطت بين سنة التفاعل مع الكون والالتزام الكامل بمنهج الله عقيدة وتشريعاً وأخلاقاً في تشييد ذلك الصرح الحضاري العظيم الذي أسهم فيه علي ما أظن الجنس البشري بمختلف أعراقه ولغته. العرب وغير العرب حتي نبغ في شتي العلوم ومختلف الفنون علماء من غير العرب. وسطع نورها حتي ملأ الآفاق والأفلاك في وقت أن كانت أوروبا تعاني من عصر ظلماته حالكة وغيومه متراكمة. ثم شرعت تنفتح علي ما أحرزته الحضارة الإسلامية من سبق في شتي مناحي الحياة مشمرة ساعد الجد لدراسة ما تحتاجه من علوم ومعارف أسست عليها نهضتها العلمية والتقنية لكن مازالت البشرية تعاني من مادية الغرب الطاحنة وأوارها المسعور وتكالبها المحموم الناشيء عن تنحية الدين الإسلامي عقيدة وأخلاقاً وما أعقبه من صراع الدول وهيمنة القوة وتمييز عنصري. والسبيل إلي وضع هذا الإصر وفك ذلك الغل عن كاهل بني البشر هو عودة الأمة الإسلامية إلي ما كان عليه الأسلاف من اقامة الدين الإسلامي كلا بلا تبع ييض أو تجزئة مع ما دعا إليه من العلم النافع والعمل المتقن الذي يحقق تقدم الأمة تقنيا واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.