عندما تهل علي الأيام العشر من ذي الحجة أشعر بنفحات الحج تطوقني. وتأخذني الذكريات لرحلة العمر التي لن أنساها أبدا. لأنها تركت في قلبي ووجداني مشاعر وروحانيات جميلة جعلتني أتوق نفسا لزيارة هذه الأماكن المباركة. فقد أكرمني الله عز وجل من قبل بحج بيته. وشرفت بأداء الكثير من العمرات التي أدعو الله سبحانه وتعالي أن يتقبلها مني. ويتقبل خالص الدعوات التي كنت أدعوا بها هناك بأن لا يحرمني الله تعالي من العودة مرة أخري لهذه الأماكن المقدسة الطاهرة. والصلاة في البيت الحرام وزيارة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وقد استجاب الله سبحانه وتعالي دعوتي هذه التي دعوت بها لي وللمسلمين جميعا لما في هذه الرحلة العظيمة من خير كثير. تذكرت زيارتي للحبيب - صلي الله عليه وسلم - ووقوفي أمام مقصورته المشرفة وسلامي عليه وعلي أصحابه وزوجاته رضي الله عليهم جميعا. وصلاتي في الروضة المشرفة التي قال عنها رسول الله: ¢ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة¢. وقد تملكتني رعشة قوية جعلت جسدي يهتز وانهمرت والدموع من عيني. ولم أصدق نفسي أنني أقف أمام خاتم النبيين وسيد المرسلين وإمام المتقين. فتذكرت قوله - صلي الله عليه وسلم - ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتي أرد عليه السلام¢. فشعرت من أعماق قلبي أن رسول الله يرد السلام علي. وبعد زيارة رسول الله توجهت لمكة المكرمة وتملكتني نفس المشاعر الفياضة. خاصة عند رؤيتي للكعبة المشرفة وطوافي بها وتقبيلي للحجر الأسود الذي وصلت اليه بصعوبة بالغة حتي وصلت الي باب الكعبة المزمل. وتعلقت بعتباته وأخدت أناجي الله وأدعوه أن يقبل توبتي ويغسل ذنوبي. ودعوت الله في هذا المكان بالدعاء المشهور: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العزيز الأكرم. فغمرت دموعي ملابس الاحرام وتذكرت رسول الله عندما وقف في نفس المكان وأخد يبكي فسأله أصحابه: وأنت تبكي يا رسول الله؟ فقال - صلي الله عليه وسلم -:¢هنا تسكب العبرات¢. صدقت يا حبيبي يا رسول الله. وعند رحيلي دعوت الله الا يحرمني من العودة لتلك الأماكن الطاهرة مرات ومرات. هذه الأيام العشر من ذي الحجة قال عنها الله تعالي: ¢وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق . ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات¢. وقال عنها رسول الله- صلي الله عليه وسلم: ¢ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلي الله من هذه الأيام قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء¢. يجب علينا أن نغتنمها بالاكثار من العبادات والطاعات والأعمال الصالحة لأن ثوابها كبير عند الله. أللهم تقبل واكتب لنا ولكل محروم هذه الرحلة المباركة.