العيد أقبل.. فقُم أيها المسلم الذي صام وصلي. وعاهد فأوفي. وأشاع الرحمة والتعاون في مجتمع. إيماناً منه بأن الإسلام يأبي إلا أن تتحاب الناس. وتتعارف الأسر. وتتعاون في عمل الخير. فالصيام في رمضان عمل متعدد الأغراض والمعاني. ففضلاً عن أنه طاعة لله يخضع لها العبد المؤمن دالاً علي عبوديته لخالقه. فهو بعث لمعاني الوحدة والتجمع والتعاون والتفاؤل. تصوم الناس زمناً محدداً ويفطرون في وقت واحد كما يبدأون صيامهم في لحظة واحدة.. وليس الصوم إمساكاً عن الطعام والشراب فقط بل هو إمساك عن كل المعاصي والذنوب ولهفة إلي عمل الخير. وتسابق لأداء المسئولية الإنسانية لدي غيرنا من البشر. فإذا مر رمضان بخير وسلام علي الوجه الذي يرضي الله تعالي.. تكون الجائزة الكبري هو الاحتفال بالعيد الذي يبدأ يومه بالصلاة والدعاء والتجمع علي الوقوف أمام الله في تلك الصلاة لنتذكر جميعاً أن الله أكبر من كل ما حولنا. والحمد له وحده علي ما أعطانا من نعم لا حصر لها أقواها وأعظمها وأنفعها هو العقل.. فالعقل هو محرك الهمم ومشعل آفاق التقدم والحضارة والإنسانية ورقيها وأعمال العقل واستخدامه في بناء الحياة هو شكر لله علي تلك النعمة العظيمة. يلتقي الناس في يوم العيد ليهنئ بعضهم بعضاً ويدعو له بدعاء فحواه أن يدرك الأعياد القادمة بصحة وعافية.. فتزداد الألفة وتعم المحبة. يتسامح الإنسان مع أخيه الإنسان ويغفر له ما أخذ عليه من فلتات أو أخطاء رغبة في الألفة وعشقاً لشيوع السلام بين الناس. في العيد معني إنساني جميل حيث حث الإسلام الناس بإخراج زكاة الفطر قبل الصلاة والتي تدخل البهجة في قلوب المحتاجين والمساكين ولم يستطع أن يحصل علي ما يحتاجه في ذلك اليوم البهيج حرصاّ من هذا الدين العظيم علي دوام التكافل بين أفراد المجتمع ورغبة في ازدياد الشعور الإنساني بين الناس لاستقامة المجتمع واستتباب الأمن والأمان وتحقيقاً لقول المصطفي صلي الله عليه وسلم في وصف المجتمع المؤمن بأنه كالبنيان يشد بعضها بعضاً وأنه كالجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي. ليت المسلمين يعرفون هذه المعاني ويعملون بها لأن مجرد العلم دون العمل كالجسد بلا روح. ودين بلا هواء أو ماء. الاحتفال بالعيد فيه المسرة وفيه الفرحة وفيه السرور بإنشاد الأشعار الجميلة وعزف الأنغام التي ترقق المشاعر وتصفي النفس وتزرع البهجة والسرور في الآفاق. لا تلك التي تخرج الإنسان عن وقاره وتلهم العنف أو الميوعة والخلاعة. تتزين الناس بلبس كل جميل وجديد لا يري الناظر فيهم إلي الأخر إلا منظراً حسناً. ولا يشم إلا ريحاً طيباً. فالرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً وحذائه حسنه. ذلك أن الله جميل يحب الجمال. مادام لا يوجد في نفسه الكبر الذي يبطر الحق ويغمط الناس "مستوحي من حديث ابن مسعود عن رسول الله" رواه الترمذي. لم يستنكر رسول الله غناء جواري الأنصار حين غنين يوم العيد. ورد علي أبي بكر حين استنكر ذلك بقوله صلي الله عليه وسلم أن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا "رواه البخاري". الاحتفال بالعيد في هذه الأيام لا يكون في نظر الدهماء إلا فوضي عارمة وهمجية مخيفة نأت عن الرقي والتحضر فبدلاً من أن تلقي الزهور والورد علي الناس.. تلقي الألعاب النارية تحت أقدام المارة من النساء والأولاد فتضطرب نفوسهم ويصيبهم الخوف والهلع ويزداد الصراخ ممن أصابته هذه الحماقة فتتعالي أصوات الهمج بالضحك والصياح فرحين بما أتوا من أعمال صبيانية أوحاها إليهم فكرهم المراهق وعقلهم الأبله.. وتري السيارات تجوب الشوارع يطلق سائقوها النفير عالياً بصورة منفرة ومؤذية وبعضهم يسير بسرعة فائقة غير مبال بالمارة ومنهم الطفل وكبير السن والنساء والفتيات وأخرون تصدر من سياراتهم أصوات تبعث الرهبة والخوف في قلوب الناس ومنهم المريض أو الذي أرهقته الأعمال اليومية فلجأ إلي بيته يطلب قسطاً من الراحة. قد ينتهي يوم العيد بكارثة والعياذ بالله تصيب المستهتر الذي فقد اتزانه وضاع صوابه أو تصيب أبرياء لا ذنب لهم سوي أن قدرهم ساقهم إلي أماكن ازدحمت بفاقدي عقولهم وعديمي الذوق واللباقة. ولا تقتصر هذه الأفعال علي أيام عيد الفطر أو الأضحي فقط. إنما تمتد إلي كل يوم تحتفل فيه البلاد بمناسبة يليق الاحتفال بها حتي لو كان فوزاً في مباراة كرة القدم وأحياناً بلا مناسبة. ليت الناس تعرف معني العيد والهدف من الاحتفال به وكيفية أداء هذا الاحتفال. الفرح والسرور في الإسلام شيء محبب ومطلوب دائماً بطريقة إنسانية رائعة وبمنهج حضاري راق. والاحتفال بالعيد واجب إنساني حث عليه الإسلام. نهي الرسول صلي الله عليه وسلم الصيام فيه حتي يكمل الاحتفال وذلك لأهميته. وعن عمر بن الخطاب أنه قال ان الرسول نهي عن صوم يومي عيد الفطر وعيد الأضحي رواه مسلم.. وحبب الإفطار يوم عيد الفطر علي تمرات. وفي يوم الأضحي الأكل من الأضحية إمعاناً وتأكيداّ علي عدم الصيام في هذين اليومين. كلمات سريعة توضح أهمية الأعياد لدي المسلمين وكيفية الاحتفال بها وضرورته حتي تستروح النفس وتجدد نشاطها لتقبل علي السير في درب الحياة المعبد بالإصرار علي عمل الخير. والتناغم الإنساني لنهضة الأمة ومُضيِّها في طريق التقدم والازدهار والخروج من عنق الفوضي وآبار الاحزان إلي آفاق الأمل وشروق الحياة. لعلنا نعرف أن الإسلام دين يدعو إلي بناء الإنسان وتوجيهه ورشده لإعمار الحياة.