حالة من الدهشة تسيطر علي الأزهر بعد التصريحات الغريبة التي أدلي بها وزير الثقافة العائد من عصر مبارك جابر عصفور والتي أعلن فيها اعتراضه علي رفض هيئة كبار العلماء بالأزهر عرض فيلم نوح الذي يجسد شخصية النبي نوح عليه السلام وقال عصفور أن الأزهر لا يملي أراؤه علي وزارة الثقافة زاعما أن مواد الدستور تمنح وزارة الثقافة الحق في عرض ما تريد ومنع ما تريد وفي البداية تحفظ علماء الأزهر عن الرد في محاولة لتهدئة الامور ولكن عصفور ظل علي رأيه بل وظهر في عدد من المداخلات الهاتفية علي عديد من الفضائيات يبرر وجهة نظره الغريبة قائلا أنه استند في إصراره علي عرض فيلم نوح علي رأي أحد علماء الأزهر المتخصصين في أصول الدين. وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان رد علي الرجل قائلا: في البداية حاولنا التحفظ وعدم الرد في محاولة لإعطاء الوزير فرصة للتراجع ولكنه أصر وللأسف فقد جاءت كلماته وتبريراته غريبة وسمعنا منه كلمات أغرب عن استناده لعالم متخصص في أصول الدين وهو تخصص غير موجود في جامعة الأزهر ونحن من جانبنا نقول للوزير أن الأزهر ليس في عداء مع وزير الثقافة أو غيره ولكننا نؤكد أن موقفنا ثابت من عرض فيلم نوح وهو موقف واضح وصريح وهو الرفض الكامل لعرض هذا الفيلم المسيء. ومن جانبه قال الشيخ محمد زكي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية أن التصريح بعرض فيلم نوح يعارض مواد الدستور الذي وافق عليه المصريون والذي ينص علي ان الأزهر هو المرجعية الدينية المختصة بمناقشة كل ما يخص الدين الإسلامي من شأن في الدولة المصرية لهذا فإن رأي الأزهر بالنسبة لفيلم نوح جاء تطبيقا لنصوص الدستور وعلي الجميع احترام هذا الرأي خاصة وأن التجربة قد أثبتت مدي حرص الأزهر علي الدعوة الإسلامية وهو ما جعل الأزهر ينال احترام الجميع أما من حاولوا الإساءة إليه فإنهم لم ينالوا إلا سوء المصير حتي في كتب التاريخ. وأضاف أمين عام مجمع البحوث الإسلامية أن تجسيد الانبياء إنما هي محاولات للإساءة لهم صلوات الله عليهم وسلامه وللأسف فإن الإساءة هذه المرة ستأتي من الداخل الإسلامي فمن يدرينا طبيعة سلوك من قام بتمثيل شخصية نبي الله نوح وهل هو علي خلق أم لا والشخص مهما كان في الصلاح والتقي فلن يبلغ منزلة الرسول. ولايوجد شخص يستحق أن يجسد دور الأنبياءپوأنا أؤكد للجميع أن أي تجسيد لنبي في شخص ممثل مرفوض جملة وتفصيلا برغم الحجج المزعومة التي يقدمونها بأنه هدفهم نبيل. ومن جانبه قال الدكتور محمد كمال إمام رئيس قسم الشريعة بجامعة الإسكندرية وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن ما قاله وزير الثقافة مرفوض تماما وعليه ان يعيد النظر في تصريحاته الصادمة ونربأ به أن يبدأ عهده بهذا الصدام مع مؤسسة بحجم الأزهر الشريف وعليه أن يدرك أنه سيكون الخاسر في حال إصراره علي خوض تلك المعركة فلا يوجد أحد سبق له الإنتصار في مواجهة فكرية مع الأزهر وعلماؤه وعليه أن يدرك ان العلماء لم يصدروا فتواهم بحرمة تجسيد الأنبياء إلا بعد دراسة وافية ولهذا فقد اتفقت كل المجامع الفقهية دون استثناء علي هذا الرفض فتجسيد الأنبياء خط أحمر وعليه أن يدرك أن من هناك ما يقرب من الملياري مسلم يرفضون النيل من مكانة الأنبياء ولن يرضوا أبدا أن يري ممثلا يقوم بدور النبي نوح في عمل فني ثم يرونه في وقت أخر أو في فيلم أخر يراقص النساء ويشرب الخمر ويرتكب المعاصي أو نري ممثلة تجسد إحدي زوجات النبي في عمل فني ونراها في عمل آخر تقوم بدور عاهرة فذلك امر مرفوض لأننا ينبغي أن ننزه النبي صلي الله عليه وسلم من باب سد الذرائع فتصوير الأنبياء وإظهارهم في المسلسلات والأفلام أمر لايجوز شرعا في جميع الأحوال بل إنه يتنافي مع مقام النبوة فلايجوز أن تساق لذلك التبريرات لأن تجسيد الأنبياء كله محاذير لعل أهمها أنه لايوجد شخص يستحق أن يجسد. وقال الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الوزير أخطأ وعليه أن يدرك جيدا تداعيات ما يقول فللأزهر حق أصيل في التدخل لحماية الهوية الإسلامية للمجتمع المصري وهو بهذا لا يجور علي سلطة أحد ولكنه ينفذ الدور المنوط به والذي احترمه بسببه القاصي والداني ويستطيع الازهر بحكم القانون التدخل لوقف عرض الفيلم طبقا لمواد الدستور الجديد. ومن ناحية أخري قال الشيخ عبدالحميد الأطرش أن ما قاله الوزير غريب وعجيب وهو يحاول ابتزاز الازهر بصورة مرفوضة تماما فالأزهر لا يحكم مصر ولكنه كعبة العلم في العالم أجمع وكل مسلم في العالم يجله ويحترمه وإذا كان الرجل لديه من الجرأة ما يتيح له عرض فيلم يسيء لمقام النبوة فليعرضه ووقتها سيري رد الأزهر بوضوح عليه وعلي السيد وزير الثقافة أن يعي أن الأزهر مكانة مرموقة. وثمينة. حيث إنه هو الذي يرفع شعار العلم وشعاره وسطي معتدل. لافتاً إلي إن علماء الازهر هم الذين نشروا الثقافة الدينية في أنحاء العالم. علي الجانب السياسي استنكر الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور السلفي. موقف وزير الثقافة. وقال إن تصريحات الوزير تتصادم مع الدستور وفقا للمادة السابعة والتي تشير بأن الأزهر الشريف هو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية. أي في كل ما يخص الشأن الإسلامي سواء في الفن أو غيره. وأضاف مخيون في بيان له: "ألم يعلم الوزير أن الدستور يقول إن الإسلام دين الدولة. وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وأن المادة 227 تنص علي أن جميع نصوص الدستور نسيج واحد مترابط وكل لا يتجزأ وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة. فإن لم يكن للأزهر كلمة فيما يخص الشأن الإسلامي فلمن تكون الكلمة ولمن تكون المرجعية". تاريخ أسود يذكر أن جابر عصفور عرف بمعاركه الكثيرة مع الإسلام وعلمائه ففي عام 2007 وتحديدا في 13 أغسطس نشر مقال في صحيفة الأهرام تقمص فيها دور عالم الدين وأباح تقبيل الممثل للممثلة الأجنبية عنه وأعلن استيائه الشديد لرفض علماء الدين الإسلامي إباحة تقبيل الرجل للمرأة الأجنبية عنه. وفي 21/9/2009 نشر الرجل مقالا آخر في الاهرام قال فيه:پإن عصرنا خير من عصر الصحابة رضوان الله عليهم وبأن الفضل للمتأخر علي المتقدم من صحابة النبي صلي الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان من أهل القرون الثلاثة الأولي للإسلام. وفي 14/6/2010 كتب مقالا جديدا قال فيه أن فريضة الحجاب لا أصل ديني لها وأن الحجاب زي وافد علي المجتمع المصري من الدول الخليجية. وفي 26/7/2010 كتب يقول: إن وجود المادة الثانية من الدستور سبب كل ما نعانيه من مشاكل وأن الأفضل تعديل النص ليصير... والديانات السماوية مصدر إلهام للتشريع بدلاً من ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".