* يسأل ياسر أحمد حمد من سلطنة عُمان: البعض يستدل بقوله تعالي: "ولقد رآه نزلة أخري" "النجم: 13" ان نبينا محمداً "صلي الله عليه وسلم" رأي ربه ليلة المعراج. فما قولكم؟ وما حكم من أنكر المعراج؟ * * يجيب سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان: ثبت في رواية الإمام الربيع وفي رواية الشيخان البخاري ومسلم ورواية غيرهم من ائمة الحديث من رواية مسروق انه سمع أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالي عنها تقول: "من زعم أن محمداً رأي ربه فقد أعظم علي الله الفرية" قال مسروق: وكنت متكئاً فجلست وقلت يا أم المؤمنين أمهليني ولا تعجليني. ألم يقل الله تعالي: "ولقد رآه نزلة أخري" "النجم: 13". وقال: "ولقد رآه بالأفق المبين" "التكوير 23"؟ فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل رسول الله "صلي الله عليه وسلم" عن ذلك. فقال: ذلك جبريل لم أره في صورته التي خلقه الله عليها إلا مرتين رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض. فهذا نص صريح علي أن المرئي إنما هو جبريل عليه السلام. وان ذلك من كلام الرسول "صلي الله عليه وسلم" فهو المبلغ وقال من قال بأن هذا مجرد كلام من عائشة رضي الله تعالي عنها ليس كما قال. بل هي تروي ذلك عن النبي "صلي الله عليه وسلم" بصريح العبارة. علي انها استدلت بهذا النفي بقوله تعالي: "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير" "الأنعام: 103". كما ثبت ذلك في رواية هؤلاء الأئمة. والله تعالي أعلم. من أنكر المعراج فاسق. لأن الإشارة إليه واضحة في القرآن الكريم. ومن أنكر الإسراء يُشرك أما بالنسبة إلي الروايات ليست متونها كلها متساوية. طبعاً قد يكون في بعض المتون ما يدعو إلي النظر ويدعو إلي التأمل. ولكن هي في مجموعها قوية وتدل علي أمر ثابت. هذا في مجموعها. لا أعني ان كل واحد من هذه المتون كذلك. ولكن في مجموعها تدل علي ثبوت ما جاءت داله عليه بمجموعها. فيعوّل علي مثل هذه الرواية مع استفاضة هذه الروايات وشد بعضها أزر بعض. يري بعض العلماء ان المعراج حدث مرتين ويستدلون علي ذلك بقول الله سبحانه وتعالي: "ولقد رآه نزلة أخري عند سدرة المنتهي" "النجم: 13 14". فما هو رأيكم؟. هذا كلام من لم يطلع علي الحديث أو من تجاهل الحديث. لأن حديث النبي صلي الله عليه وسلم يقول بأن ذلك جبريل لم أره في صورته التي خلقه الله عليها إلا مرتين. رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض. المرة الأولي التي رأي فيها النبي "صلي الله عليه وسلم" جبريل كهيئته التي خلقه الله تعالي عليها إنما كانت في بداية الوحي عندما ناداه من السماء فرفع بصره إليه فرآه في السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض. فرجع النبي "صلي الله عليه وسلم" وهو ترجف بوادره مما ألم به من الخوف الطبيعي الذي ينتاب كل أحد عندما يري أمراً كهذا الأمر الذي هو خارج عن المألوف. فهذا بطبيعة الحال روّع النبي "صلي الله عليه وسلم" ورجع إلي أهله وقال: زملوني. زملوني كما ثبت ذلك. وأنزل الله تعالي فيه "يا أيها المدثر" و"يا أيها المزمل" إلي آخره. والمرة الثانية هي هذه المرة التي وقع فيها هذا الحدث كا أخبر الله تعالي فيها بقوله: "ولقد رآه نزلة أخري عند سدرة المنتهي عندها جنة المأوي إذ يغشي السدرة ما يغشي ما زاغ البصر وما طغي لقد رأي من آيات ربه الكبري" "النجم 13 18". فهذا مما دل عليه القرآن. والسنة جاءت موضحة لما أجمله القرآن الكريم. فيعوّل علي ذلك. أما ان يقال بأن الحدث تكرر مرتين فالمرة الثانية متي كانت؟ هل بعد ما فتح النبي "صلي الله عليه وسلم" مكة أو عندما سار في عمرة القضية بعد ما صد عن الحديبية؟ لا. فإذا كان إنما كان هذا الحدث قبل الهجرة فليس هناك دليل علي وقوعه مرة أخري. القرآن ذكر ذلك مرة واحدة. سورة النجم سورة مكية. سورة الإسراء سورة مكية. فكيف يقال بإن هذا الحدث وقع مرة بالمدينة ومرة بمكة. ليس هنالك من دليل علي هذا قط.