خلق الله الإنسان والدواب وجميع الكائنات الحية من الماء. وأخرجه من الأرض. وأنزله من السماء عذبًا فراتًا طهورًا بقدري في دورة طبيعية تحفظ كميته ثابتة كلَّ عام. مع اختلاف تصريفه من بلد إلي بلد. أساله الله في الأودية بحسبها. يشربه الناس والأنعام. ويُحيي به الأرض بعد موتها. وأجراه في البحار المتجاورة» بحيث لا يطغي ماء بحر علي ماء بحر آخر. وأوجد بينهما برزخًا وحاجزًا. أنزله الله من السماء وأسكنه في الأرض وَفق سنن مقدرة وسيره علي حالات ثلاث في ظروف الأرض الطبيعية» سائل. وبخار. وجمد. ويزخرالقرآن الكريم بالإشارات العلمية الكثيرة حول خصائص ووظائف. وطرق إنزال الماء وحفظه. وتأثيره في جميع مخلوقات الله الحية وغير الحية. وسوف نعرض خصائص الماء في القرآن والعلم الحديث في النقاط التالية: أولاً: الماء أساس كل شيء حي: يقول تعالي في محكم التنزيل: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءي حَيّي "الأنبياء: 30". وخلق كل شيء من الماء. وحفظ كل شيء بالماء. ومن الماء خلق الإنسان. وأدق تعريف للماء أنه سائل الحياة. وخلق الماء ليؤدي دوره في الحياة وَفْق سنن تُسيِّره فيما قُدِّر له. فسنن تجعله سُحبًا طائرة. وسنن تجعله قطرات متساقطة. وسنن تحوله أنهارًا جارية وعيونًا متفجرة. وسنن تدفعه في أغصان الشجر وأوراقه. وسنن تجعل الماء وسطًا كيماويًّا صالحا لأداء وظائف حيوية هامة. وسنن تحول الماء جزءًا من الدم الجاري في العروق. والإنسان يبدأ من دفقة ماء» يقول تعالي: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءي دَافِقي "الطارق : 516 ". وبعد 3 أيام يحوي الجنين 97 % من وزنه ماء. وعندما يصبح عمره 3 شهور تقل نسبة الماء في جسده إلي 91 % من وزنه ماء. وتصل نسبة الماء في الطفل المولود إلي 80 % من وزنه. وعندما يبلغ عامه الأول تكون نسبة الماء في جسمه 66% كما في البالغين. وتختلف نسبة الماء في كل عضو بحسب وظيفته. فخلايا الدماغ تتكون من 70 % من الماء. وتبلغ هذه النسبة 82 % في الدم. بينما تصل إلي 90 % في الرئتين. وسبحانه عز وجل يقول: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا "الفرقان 54" ثانيًا: الماء سائل عجيب: سلوك كثافة الماء: للماء في كثافته سِرُّ فريد. فهو ينكمش بالبرودة كسائر السوائل الأخري. وإذا كانت السوائل تزداد كثافتها كلما زادت برودتها. إلا أن الماء يسلك سلوكًا فريدًا عند درجة 4 مئوية» حيث يبدأ في التمدد ولا ينكمش كسائر السوائل. وحينما يتجمد عند درجة الصفر المئوي. تكون كثافته قد انخفضت بمقدار 10 % عن كثافته عند 4م. وحينما تقل كثافته يزداد حجمه. ولو لم تكن للماء تلك الخاصية الفريدة. لهبط الثلج الموجود في البحار المتجمدة إلي القاع. ويتراكم حتي السطح. وحينئذ يصبح البحر قطعة واحدة من الثلج. فتتجمد الأسماك وسائر كائنات البحار. ولكن الماء بتقدير من خالقه بتجمد عند السطح. ويظل الماء تحته سائلاً رحمة بكائنات تعيش في الماء. وتلعب الظاهرة تلك دورًا في تكسير الصخور في المناطق الجليدية. فحينما يتجمد الماء في الشقوق. يزداد حجمه ويولد ضغطًا علي الصخر. فيكسره. فينتج من فتاة الصخر تربة تزرع. بل إن تجمد الماء وَفْق تلك الظاهرة تمثل إحدي العلامات تركها الله في الأرض» ليقدر بها العلماء درجات الحرارة في أزمنة ماضية. عن طريق قياس نسبة نظيري عنصر الأكسجين في بقايا القواقع والأصداف الموجودة كأحافير في الصخور القديمة» حيث تحتوي تلك الأحافير علي قدر أعلي من نظير الأكسجين الأخف "أكسجين 16 بينما تحتوي جزيئات الماء المتجمد علي نسبة أكبر من نظير الأكسجين الثقيل أكسجين 18" وللحديث بقية