وجد العرب وغيرهم القرآن معجزًا من عدة وجوه» من حيث تعرُّضه للحقائق التاريخية» فإن حديث القرآن عن الإخبار بالماضي مُنزه عن الخطأ. ففي الوقت الذي أنكر البعض عادًا وثمود. تبين بعد ذلك أن عادًا ""Aadita وثمود "Thamodida) مذكورتان في تاريخ بطليموس. وأن اسم عاد مقرون باسم إدراميت في كتب اليونان. ومن المعتقد أن إدراميت هي إرم كما يسميها القرآن. وقد عثر التشيكي موزيل علي هيكل منقوش عليه بالنبطية واليونانية ما فيه إشارة إلي قبائل ثمود. كما كشفت النقوش الآثارية عن اسم أبرهة علي خرائب سدِّ مأرب ملقبًا بالأمير الحبشي ملك الحبشة وسبأ وريدان. وحضرموت واليمامة وعرب الوعل والسهل. كما أن القرآن معجز في كشفه عن حجب المستقبل. ومن الأمثلة علي ذلك إخبار القرآن بعصمة الرسول من الناس في قوله تعالي: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" "المائدة: 67". وتحقق دخول المسجد الحرام آمنين: "لقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا" "الفتح: 27". غلبة الروم الفرس بعد هزيمتهم في بضع سنين. بينما كانت إمبراطورية الروم في أضعف حالاتها» "الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَي الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذي يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" "الروم 1: 6" وجاء القرآن معجزًا» من حيث تعرضه لأهل الكتاب وما حرَّفوه في كتبهم أو أخفوه. وتلك أمثلة من أي القرآن: - إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ - "النمل: 76". - يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيري قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورى وَكِتَابى مُبِينى - "المائدة: 15" "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمي آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيى وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابى عَظِيمى" "المائدة: 41". وجوه الإعجاز :القرآن معجز في كل شيء. ونظرًا لجهد المقل. فسأحدد أوجه الإعجاز الشائعة التي يتناولها المهتمون بذلك المجال. وقد أسهب البعض فعدوا قرابة ثلاثين وجهًا. ومن الوجوه التي ذكروها: وتوجد علاقات متداخلة بين بعض تلك الوجوه» كما هو الحال في الإعجاز النفسي والروحي. والإعجاز الخلقي والتربوي والتشريعي. والأسلوب والنظم والإعجاز البياني. وبما أن كل وجه من الوجوه يعد علمًا أو مجموعة علوم معًا» فإن الإعجاز العلمي يشمل كل وجوه إعجاز القرآن» لأن الله وصف كتابه العزيز قائلاً: "لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَي بِاللَّهِ شَهِيدًا" "النساء: 166" ولولا شيوع مصطلح الإعجاز العلمي» ليعبر عن حقائق العلم في القرآن في السموات والأرض والأحياء. لفضلت استخدام مصطلح الإعجاز الكوني عوضًا عن الإعجاز العلمي» وذلك لأن المصطلح الأخير يشمل كل وجوه إعجاز القرآن.