حدود حرية الفكر والتعبير والإبداع من الإشكاليات التي مازالت تثير كثيرا من الجدل حتي الآن . نظرا لتداخل اعتبارات عديدة سياسية واجتماعية ودينية. البعض يرفض وجود رقابة من أي نوع ويعتبرها قيودا مرفوضة وضد الحرية وتحد من العملية الإبداعية ويراها منعا ومصادرة للآراء ومطاردة للمبدعين والمثقفين والمفكرين. بينما هناك من يرفض انتهاك القيم والتطاول علي الذات الإلهية والمقدسات. ويعتبرها صورة صريحة للعدوان علي الآخرين تمس الثوابت وتضر بالناس في معتقداتهم وقيمهم ويطالب بمنع الأعمال التي تتضمن خروجا علي قيم المجتمع. وتقييدها واللجوء إلي القضاء للفصل فيها أو للحكم علي مدي أصالتها. في البداية يرفض الدكتور مبروك عطية. أستاذ ورئيس قسم اللغويات بكلية الدراسات الإسلامية والعربية - جامعة الأزهر. الحرية المطلقة الي تسقط كل الاعتبارات والقيم بحجة الإبداع وحرية الرأي. لأن الإشكالية يصنعها الأدعياء بالهجوم علي قيم المجتمع ومحاولة العبث بثوابته والمساس بمقدساته. وأشار الدكتور مبروك إلي أن كثيرين من النخب الثقافية ومن يشتغلون بالإبداع ينفصلون عن الناس ومشكلاتهم الحقيقية. لأنهم ابتعدوا عن الواقع وما فيه من أزمات ومشكلات طاحنة وكرسوا اهتمامهم للأعمال إلي تتحدي أعراف المجتمع وقيمه وثوابته بهدف البحث عن الشهرة والنجاح الإعلامي. ويوضح الدكتور مبروك عطية . أن هناك أفكارا وكتابات يعتبرها بعض هؤلاء - بالباطل والكذب پ- قمة في الإبداع ولكنها في الحقيقة تروج لقيم فاسدة. وتعد خروجا عما هو معلوم من الدين بالضرورة وتنكر حقائق الإسلام المستقرة وتنتهك المقدسات الدينية والشرائع السماوية والآداب العامة والقيم القومية وتثير الفتن وتزعزع تماسك وحدة الأمة التي هي الركيزة الأساسية لبناء الدولة. وتسأل الدكتور مبروك عطية: هل من المقبول الصمت علي ازدراء الأديان والتطاول علي الذات الإلهية تحت مسمي الحرية الفكرية والإبداع. معتبرا أن الخلاف ليس حول قضايا تتعلق بالمعاملات أو قضايا فرعية يمكن قبول الجدل والمحاججة حولها ولكن المشكلة الحقيقية هي في تعمد الطعن في الدين والخروج علي الآداب العامة وسوء الخلق وضحالة الفكر والبعد عن الموضوعية وعدم فهم مقاصد الدين الحنيف ومحاولة تزييف وعي الأمة وهدم ثوابتها وتمييع وتسطيح الأمور وإشاعة الفوضي باسم حرية الفكر. ونحن نؤمن بحرية الفكر ونقدر الحوار والمناقشات ونرفض أن يكون هناك أي قيد علي حرية التفكير ولا حجر علي اختيار الآراء والأفكار إلا إذا كانت خارجة علي الشرعية الدينية أو القانونية وهذه هي الديمقراطية. قضية مفتعلة شدد المستشار توفيق وهبة. رئيس المركز العربي لدراسات وبحوث التراث. علي أن قضية حرية الإبداع في مصر قضية مفتعلة وليس لها أساس وهي محاولة يائسة تنم عن إفلاس فكري وقيمي وخيانة لمسئولية الكلمة والفكر ولدور المبدع والمثقف الذي عليه مسئولية قيادة أمته نحو التقدم والتطور والرقي وليس جرها إلي الفوضي والانحلال باسم الحرية والإبداع. موضحا أن بعض الأدعياء لا يريد الاحتكام إلي المعايير الموضوعية والفنية التي تحكم علي الأعمال ومدي أصالتها وجديتها ويرفع لافتة الحرية من باب الحجر علي المجتمع وفرض الغثاء عليه وهناك تجاهل فاضح لكل القوانين والنصوص الدستورية التي تؤكد علي خصوصية المجتمع المصري وأن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية وأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وأن الأمة كلها مطالبة بحكم الدستور والقانون برعاية الأخلاق وحمايتها والتمكين للتقاليد المصرية الأصيلة ومراعاة المستوي الرفيع للتربية الدينية والقيم الخلقية والآداب العامة. وأكد المستشار وهبة. أن الحركة الثقافية في مصر تعاني من أزمة غياب المشروع التنويري الحقيقي وأن النخب الثقافية تتقاعس عن القيام بدورها الطليعي في قيادة الأمة وإضاءة طريقها وتفتقد القدرة علي القيام بدور الرعاية المنظمة لصياغة خطاب ثقافي يعبر عن قيم المجتمع وثوابته ويحول دون إساءة استخدام حرية التعبير عن الرأي في ميادين الفن والأدب والبحث العلمي لانتهاك المقدسات والعبث بالدين والتطاول علي الثوابت. هناك فرق يؤكد الدكتور عبد الجواد المحص. أستاذ الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر. أنه يجب علينا أن نفرق بين الرأي الحر النزيه الهادف وبين الإسفاف و¢الدعارة¢ الفكرية التي تخترق كل الخطوط الحمراء وتسعي للفت الأنظار والتربح علي حساب قيم وثوابت المجتمع. موضحا أن مقولةپالحرية المطلقة مرفوضة تماما ولا يوجد مجتمع أو أمة يقبل التطاول علي الذات الإلهية تحت أي مبرر أو زعم. والأدب له رسالة هي تحقيق السمو النفسي والوجداني للإنسانية وهذا لا يتحقق بالإسفاف والجنس ونشر الخلاعة والمجون وكل المجتمعات لها قيمها الأخلاقية التي تحميها من الفوضي والانهيار. ويشير الدكتور المحص . إلي أن الإسلام دين العقل والفكر والنظر والتأمل والحريةپوالاجتهاد وإعطاء العقل الفرصة الكاملة في التفاعل والتفكير في القضايا والمستجدات المعاصرة. بل إن الثوابت التاريخية تكشف أن العقل المسلم يؤدي وظيفته بكل حرية وهو ما يفسح المجال أمام حرية التفكير والتجديد والاجتهاد بأوسع معانيه. وقال الدكتور المحص: إن الإسلام يدعو إلي إعمال العقل في اكتشاف القوانين ويعتبر أن الإبداع في مضمار الحضارة ضرورة دينية وضرورة حضارية وأن تعطيل العقل يؤدي إلي تخلف الأمة عن ركب الحضارة . مشيرا الي أن المفهوم الصحيح للحرية هي الحرية الملتزمة التي تبتعد عن الحرية المطلقة التي تجلب الفوضي والتحلل. فالإسلام يرفض الاعتداء علي ثوابت العقيدة أو علي الذات الإلهية باسم الأدب أو الشعر أو الفن والإبداع بمعناه الصحيح براء من ادعاءات الفاسدين. إفساد الأخلاق أكدپناجي الشهابي. رئيس حزب الجيل والمنسق العام لتحالف أحزاب التيار المدني الاجتماعي. انه لا يمكن القبول بالعبث وإفساد الأخلاق والانحلال والفوضي ونشر الجريمة وتعاطي المخدرات وتجاهل قيم وأعراف المجتمع. وقال إن الحرية مكفولة ولكنها يجب أن تكون لبناء المجتمعات والدفاع عن القيم الإنسانية ويجب علي المبدعين العمل علي التعبير عن قيم المجتمع ومبادئه الروحية. وأضاف أن السينما بأفلامها الحالية - تعبر عن المجتمع المصري. وتسعي لنشر الفجر والانحلال وتعاطي المخدرات واستخدام العنف وإشاعة البلطجة وهو ما يهدف إليه المخطط المعادي للوطن والأمة العربية. ويجب علي الدولة أن تتدخل لمنع كل ما يضر بالمجتمع وهذا يتفق مع الدستور ومن الممكن أن يكون رادعا لمن يقدمون علي انتاج الافلام الهابطة بهدف جني الأرباح الكبيرة حتي لو كانت علي حساب الأجيال الجديدة والأخلاق الرفيعة والقيم النبيلة. وطالب الشهابي . غرفة صناعة السينما بتطهير صفوفها من الغرباء الذين يسيئون إليها وإلي صناعة كانت سفيرة لمصر لدي أمتها العربية ومثلت إحدي قواها الناعمة التي أعطتها الريادة وقيادة الأمة.