هناك أنواع عديدة من الرياح والريح قد ذكرت في القرآن» مثل: الرياح المبشرات. والرياح اللواقح. والرخاء. ريح طيبة. وريح ساكنة. ريح جارية. والذاريات. والريح الشديدة. وريح مصفرة. وريح عقيم. وريح عاتية. وريح عاصف. قاصف من الريح. وإنه لشيء مدهش حقًّا ذلك التوافق التام بين مقياس بيفورت لقوي الريح وبين أنواع الريح والرياح في القرآن الكريم. إن منظومة القسم في صدر سور الذاريات والمرسلات والنازعات ترتبط من وجهة نظري بعلاقات تعمل معًا في إنشاء ظواهر مناخية خطيرة. من أهمها الإعصار. أ- في سورة الذاريات: يقول تعالي: "وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا" "الذاريات: 1-4". ورد في كتب التفسير أن: "وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا" الذاريات هي الرياح. "فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا" هي السحاب. "فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا" هي السفن وقيل النجوم. تلك أربعة أنواع من القسم القرآني. ومن عجائب القرآن أن عدد كل قسم مكون من كلمتين. وقد رُوي عن سعيد بن المسيب أنه قال: جاء صبيغ التميمي إلي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن "وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا" فقال - رضي الله عنه -: هي الرياح. ولولا أني سمعت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقوله ما قلته. قال فأخبرني عن "فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا" قال - رضي الله عنه - هي السفن. ولولا أني سمعت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقوله ما قلته. وعن عامر بن واثله أن ابن الكواء سأل عليًّا - رضي الله عنه - فقال يا أمير المؤمنين ما "وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا". قال: ويحك سل تفقها ولا تسل تعنتا. و"وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا" الرياح و"فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا" السحاب و"فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا" السفن و"فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا" الملائكة. ب- في سورة المرسلات: يقول تعالي : "وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا * وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا * فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا * فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا" "المرسلات: 1 - 5". ورد في التفاسير أن: "وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا" : الرياح التي أرسلت متتابعة. وقيل أيضا السحاب. "فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا" : الرياح بغير اختلاف وإن قيل أيضا الملائكة الموكلون بالرياح أو بعصف روح الكافر» وقيل إنها الآيات المهلكة كالزلزال والخسوف. "وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا" : الملائكة وما ينشر من الكتب وأعمال العباد. والبعث تنشر فيه الأرواح.پ "فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا" : الملائكة تفرق بين الحق والباطل. أو تفرق من الرزق والآجال والأقوات. وقيل الرياح تفرق بين السحاب وتبدده. وقيل الفرقان. وقيل الرسل. "فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا" : الملائكة بإجماع. وقيل الرسل. ج- في سورة النازعات: يقول تعالي : "وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا * وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا" "النازعات: 1 - 5". يقسم الله تعالي بالنازعات والناشطات والسابقات والفارقات والمدبرات. وقد تعددت أقوال المفسرين في معاني المقسم عليه: "وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا" : النزع جذب الشيء من مقره بشدة. والغرق هو التوغل في الشيء. والبلوغ أقصي درجاته والمبالغة في النزع. "وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا" : النشط هو الجذب بسرعة. والأنشوطة عقدة يسهل حلها. والناشط الرابط. وقال المفسرون أن النازعات والناشطات فهي ملائكة تنزع أرواح بني آدم وأخري تجذب نفس المؤمن. أو الموت ينزع النفوس وينشط نفس الإنسان. أو النجوم تنزع من أفق إلي أفق وتنشط من بلد إلي بلد. أو النفوس حينما تفرق عند الموت أو تنشط. "وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا" : السابحات هي الملائكة أو النوم أو الخيل في سبيل الله. أو أرواح المؤمنين تسبح شوقا للقاء الله. "فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا" : أي اللائي يسبحن فيسبقن. "فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا" : المدبرات هم الملائكة تدبر الأمر من السماء إلي الأرض. مما سبق يتضح أن الرياح قد حملت أسماء مختلفة فهي الذاريات والعاصفات. وتارة ما يوصف السحاب بالحاملات وقرا وبالمرسلات عرفا. تصريف الرياح وظن التحكم في الأعاصير: إن المحاولات العلمية لدراسة تشريح الأعاصير تلقي الضوء حول الدقة المتناهية لإشارات القرآن حول تكوين الأعاصير والتي يحاول العلماء كشف سترها في هذه الأيام. وهنا يتجلي الإعجاز العلمي حول حقائق أشار القرآن إليها في القسم القرآني السابق ذكره عن تكوين الأعاصير والتي لم تكن معروفة عند نزول القرآن. ويتم تكوين الأعاصير في عدة خطوات متتابعات: الخطوة الأولي: "وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا". أ- "وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا" الذاريات - أي الصاعدات للذري - تذرو في طريقها الجزيئات التي تبعثرها وتخلخلها. ويصعد الهواء الساخن لأعلي. وتبدأ الأعاصير بالتشكل حينما تطلق المحيطات المدارية الحرارة والماء إلي الجو. منتجة بذلك كميات كبيرة من الهواء الدافئ الرطب فوق سطحها پ ب- "فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا" : يتصاعد الهواء الدافئ. وأثناء ذلك يتكاثف بخار الماء الذي يحويه ليشكل سحبا وأمطارا فإذا أضيف إلي السحب نويات التكاثف» من الجسيمات الدقيقة التي تذروها الرياح. من غبار الأرض وأتربتها. ورذاذ البحر. والرماد البركاني. فحينئذ تمطر السحابة الحبلي بإذن الله. ج- تنتج عملية التكاثف السابقة حرارة تتسبب في تصاعد الهواء أكثر فأكثر إلي الأعلي داخل السحب الرعدية النامية باستمرار. الخطوة الثانية: أ- تتكون منطقة ضغط منخفض فوق البحار المدارية نتيجة لإطلاق الحرارة. وتنتج فيها كميات إضافية من الهواء الدافئ الرطب المتدفق من المحيط الخارجي ب- "وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا" : تنطلق كميات هائلة من الحرارة والهواء نحو السماء إلي داخل العاصفة الرعدية الناشئة وتشير كلمة "عُرْفًا" في الآية الأولي إلي ذلك التصاعد. والعرب تسمي كل مرتفع من الأرض عرفا. وتوجد تلك الرياح النفاثة علي ارتفاعات عالية جدا في الغلاف الجوي. وبهذا يتضح أن القسم "وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا" قسم بالرياح العلوية المرسلة لما لها من أهمية يعلمها الله ثم تعقبها الرياح العاصفات. وهذه تكون علي سطح الأرض. الخطوة الثالثة: "فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا" : إن انتقال الحرارة باتجاه الأعلي يواصلان تحريض تجميع الهواء المحيط نحو المركز المتنامي للعاصفة. التي تبدأ بالدوران تحت تأثير دوران الأرض الخطوة الرابعة:الإعصار: "وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا". تزداد قوة العاصفة وتشتد وتتشكل عادة بقعة هادئة منخفضة الضغط تسمي العين تطوقها حلقات من السحب والرياح السريعة تسمي ¢جدار العين تطوقها حلقات من السحب والرياح السريعة تسمي جدار الإعصار. وهكذا تصبح العاصفة إعصارا الخطوة الخامسة: "وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا". "وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا" : يتعذر علي الهواء الصاعد الذي جري تسخينه والذي فقد معظم رطوبته أن يتابع الصعود. لأن الغلاف الطبقي "الاستراتوسفير" يعمل كغطاء فوق الإعصار. وهذا يؤدي إلي سقوط بعض هذا الهواء الجاف في داخل ¢العين¢ وبين أحزمة السحب. الخطوة السادسة: "وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا" و"فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا" : يتحرك الهواء الجاف المتبقي في حركة لولبية مبتعدا عن مركز العاصفة ويهبط نحو الأسفل "شكل 6-3". وفي هذه الأثناء تقود تيارات هوائية مجاورة واسعة النطاق الإعصار علي امتداد مساره. التدخل في الإعصار َضرر أكثر من نفع: يقول تعالي: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" "الروم: 41". هذه صورة من العصر القادم» عصر الزخرف. يصدق فيها قوله تعالي: "...حَتَّيَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمي يَتَفَكَّرُونَ" "يونس: 24". وتشير النماذج الحاسوبية لمحاكاة الأعاصير إلي أن التغيرات في هطل المطر والتبخر ودرجة حرارة الهواء يمكن أن تعدل من مسار العاصفة أو تضعف ريحا. و يمكن التدخل فيها بأشكال متنوعة منها: 1- تعويق نمو وشدة ¢جدار العين¢ عن طريق حرمانه من الماء الذي يحتاج. ويتم ذلك عن طريق إضافة مادة يوديد الفضة أو مواد أخري تسبب هطل المطر. ومما لا شك فيه أن إدخال كيماويات في السحب ستؤدي حتما إلي تلويث مياه البحار علي المدي البعيد. 2- الحد من تبخر ماء البحر في المناطق التي يسير فيها الإعصار عن طريق نشر طبقة رقيقة من النفط علي سطح البحر. وسيؤدي التوسع في هذا إلي تلوث البحار بالمواد البترولية مما يسبب هلاكا للكائنات البحرية وإحداث خلل في التوازن الحيوي في حالة استخدام التقويض البيئي في القضاء علي بقع النفط بعد زوال الإعصار. 3- استخدام مرايا عملاقة تستجمع ضوء الشمس في محطات توليد الطاقة من الشمس. والتي تدور في مدارات حول الأرض. وتوجيه هذه الطاقة نحو الأرض. 4- تسخين الهواء باستخدام التقانة السابقة عن طريق إرسال موجات ميكروية ذات ترددات مناسبة. يسهل امتصاصها من قبل جزيئات بخار الماء في العاصفة أو في الأوساط المحيطة بها. وتتسبب هذه الموجات في اهتزاز جزيئات الماء وتسخين الهواء المحيط. وهذا يؤدي إلي إضعاف الإعصار أو انتقاله إلي الاتجاه المرغوب. ربما استخدمت الدول المتقدمة تقانات التحكم في الأعاصير كسلاح تدمير شامل يهلك الحرث والنسل. وقد يؤدي تسخين الهواء إلي ذوبان الجليد ومن ثم يرتفع مستوي ماء البحار وتغرق المناطق الساحلية في الكثير من البلدان. أي فساد هذا! وللإعصار مركز يسمي العين . وهي منطقة هادئة تمتد من 10-30 ميلا وهي منطقة هادئة دافئة. ورياحها معتدلة. وسماؤها صافية. ولو تمكن البشر من أسر ما قيمته 1% من طاقة الإعصار. لكانت تلك الكمية كافية لتوفير الطاقة اللازمة للولايات المتحدةالأمريكية من كل محطات القوي والوقود والتدفئة لمدة عام كامل. وتبلغ القوة اللازمة لحركة لب الإعصار العظيم 500 تريليون حصان. وتلك الطاقة تكافئ تلك المتولدة من انفجار قنبلة ذرية كل عشر ثوان.