سيظل الإسلام دين العفة والطهارة بتشريعاته غير المسبوقة وسنقدم في هذه السلسلة من المقالات أدلة شرعية وعلمية علي ذلك : أولًا: معايير اختيار الزوجين في الإسلام: لا أستطيع أن أصف سعادتي عند حضور عقد قران مسلم. وأنا أسمع ولي أمر الزوجة يقول: ¢زوجتك ابنتي فلانة¢ البنت البكر علي كتاب الله وسنة نبيه.. إلخ. لماذا تلك السعادة تغمرني؟ لأن الإسلام أعلي من شأن شرف المرأة. حتي صارت بكارتها عَلمًا يُحتفل به. ولا تختفي من مخيلتي في أثناء دراستي للدكتوراه في الغربة منظر عروس وعريس في ثياب عرس ترتدي فيه العروس فستان الزفاف. وقد تضخمت وانتفخت البطن» ليفصح عن امرأة حامل تزف في ثياب عرس. حينئذ وجدت نفسي أهتف فرحًا مرددًا ¢الحمد لله الذي جعلني من المسلمين¢. فعند المسلمين يأتي الولد بعد الزواج لا قبله. وتعالَوا بنا نقف مع سنة النبي محمد - صلي الله عليه وسلم - وهديه في اختيار الزوج والزوجة. وقبل ذلك نستمع إلي قول الحق - تبارك وتعالي -: "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" "الأحزاب : 35". ¢الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة¢. هكذا علَّمنا الرسول - صلي الله عليه وسلم - أن الخير في صلاح المرأة. وكما قال ربُّنا في كتابه العزيز: "فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتى حَافِظَاتى لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ" "النساء: 34". وفي حديث واحد للرسول - صلي الله عليه وسلم - يحدد الإسلام معايير اختيار الزوجة الصالحة» حيث يقول: ¢تُنكح المرأة لأربع» لمالها ولحسبها. ولجمالها ودينها» فاظفر بذات الدين تَرِبت يداك¢. وذات الدين محتشمة. أنيقة في غير ابتذال. رقيقة في غير خنوع. مَرِحة في غير انفتاح. مدبرة في غير تبذير. ولا تقتير. فدينها يجعلها في الوسط» إن رفعت صوتها كانت غير خاضعة في قولها» حتي لا يطمع الذي في قلبه مرض. وإن مشت اعتدلت في مِشيتها بغير تمايُل ولا ضرب في الأرض. إن سمعت وعت. وإن تكلمت صدقت. جمالها لزوجها. مقصورة علي زوجها. إن غاب عنها حفظته في ماله وفي نفسها. بإيجاز هي زوجة متدينة تقية. تعرف حدود الله في فعلها وقولها. وكم من جميلات أفسدهنَّ الجمال بعيدًا عن الدين. ومن كان معياره في اختيار الزوجة الجمال وفقط. فسيظل ذليلاً لذلك الجمال الخاوي من الروح. ومع ذلك فالجمال يزول. ومن كان معياره في اختيار الزوجة الحسب وفقط. فسيظل وضيعًا. ومهما قلتُ. فلن أعبر عن سوء الاختيار بأفضل ما نطق به من أُوتِي جوامع الكلم وخير المعاني» فعن أنس أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: ¢من تزوَّج امرأة لعزِّها. لم يزده الله إلا ذلاًّ. ومن تزوَّجها لمالها. لم يزده الله إلا فقرًا. ومن تزوجها لحسَبها لم يزده الله إلا دناءة. ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره. ويُحصِّن فرجه. أو ليصل رحمه. بارك الله له فيها. وبارك لها فيه¢. وقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: ¢إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد عريض¢. وتستوقفني في حديث الرسول - صلي الله عليه وسلم - كلمتي ¢من ترضون¢. فالدين هو الدين في أصله وفروعه. أما الذي يحتاج إلي مراجعة. فهو طريقه تديُّن الرجل. فلربما كان مصليًا صائمًا مزكيًا. ولكنه فظّى غليظ في تعامُله مع الناس. وذلك من سوء الخلق. ومن ثَمَّ يجب أن يسأل أهل الفتاة إذا تقدم لها من يرغب في الزواج عن مدخله ومخرجه. وصمته ونُطقه. وتعامله مع الناس» ليعرفوا مكارم الأخلاق عنده. وربما كانت كلمات يسيرة مفتاح لقبول الزوج. كأن يقال في حقه: ¢إنه رجل بمعني الكلمة¢. ولكي يكون رجلًا يجب أن يكون متدينًا ذا خلق في حدود الشرع وقبول العُرف» يقول تعالي: "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُني وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" "الفرقان: 74". وللحديث بقية