تنمية الاحساس لدي الشباب بالانتماء والمواطنة ضرورة وطنية واجتماعية لغرس مفهوم الانتماء والمواطنة في عقول ومشاعر الأطفال والتلاميذ والتلميذات والشباب عموما. ومن أهم القضايا التي تشغلني باعتباري الأمين العام للاتحاد العالمي للمدارس العربية الإسلامية الدولية هي قضايا الانتماء والمواطنة حيث أنها تأخذ حيزا مهما وواضحا في الساحة السياسية والاجتماعية داخل المجتمعات العربية وخاصة داخل المجتمع المصري. وتحديدا لدي فئة الشباب وهذه الفئة تعتبر ركيزة أساسية في بناء المجتمع والمؤثر الأكثر فيه . ومن هذا المنطلق احتلت فكرة المواطنة حيزا كبيرا من الاهتمام لذا فإنني أري أنه من الضروري تعزيز مفهوم المواطنة وغرسه وتكريسه في نفوس وعقول الأطفال والشباب وذلك من خلال التنشئة الوطنية وتحديا في التركيز علي تدريس مواد التربية الوطنية. وأنني أري مع كثير من الباحثين أن الهدف الرئيسي للنظام التربوي هو تحقيق المواطنة الصالحة وتنمية سلوك المواطنة بين أبناء المجتمع . كما أنني اتفق مع بعض الباحثين بأن تعريف التربية هي "علم أو صناعة المواطنين الصالحين" وكما أشرت من قبل فإن أهمية موضوع المواطنة تستلزم تركيزها علي شريحة هامة داخل المجتمع والمتمثلة في شريحة الشباب بحكم كونها الشريحة الأكبر والسائدة داخل المجتمع والمؤثرة في صنع القرار. وأن تفعيل الدور الحيوي لفكرة الانتماء والمواطنة وخاصة في الفترة الراهنة والتأثيرات التي تمر بها مصرنا الحبيبة وهذا يسهم بشكل مباشر في مساعدة راسمي السياسة الاجتماعية داخل المجتمع في وضع البرامج المستقبلية العملية والتطبيقية للتعزيز من قيم الانتماء والمواطنة والتي تعتبر أبرز مقومات الإنتاج داخل المجتمع. إن الاهتمام بمفهومي المواطنة والانتماء تستلزم متابعة ممارسات أفراد المجتمع وتحديدا سلوك الشباب وذلك من الكشف عن جزء من الهوية الاجتماعية لشريحة الشباب داخل المجتمع المصري من خلال التعرض لهذين المفهومين القيمين المواطنة والانتماء والكشف عن الاختلافات الاجتماعية والثقافية في تحديد سلوك المواطنة والانتماء لدي شريحة هامة ورئيسية وهي شريحة الشباب. يجب أن نتابع كيفية تفاعل شريحة الشباب داخل المجتمع المصري مع الوطن ومحيطة ومدي امتلاك الشباب لقيم الانتماء والمواطنة حتي نتمكن من الوقوف علي أبرز المشكلات التي من الممكن أن تؤثر علي البناء الاجتماعي للمجتمع ونسيجه. إن الظروف الراهنة والتطورات المتلاحقة التي تمر بها مصر تستلزم توسيع قاعدة المواطنة وهذا الأمر محكوم بنوع من العلاقة بين الفرد ونظام الحكم لأن الشعور والانتماء والمواطنة يشتد ويقوي إذا تمكن المواطن من الحصول علي حقوقه وحصل علي حاجاته الأساسية ولكن إذا حدث العكس لا يشتد ولا يقوي هذا الشعور . والمواطنة والانتماء من الجانب الوجداني والعاطفي قصد بهما تلك المشاعر الوجدانية والعاطفية والانتماء الذي يمتلكه المواطن للأرض التي يقيم عليها ولأفراد المجتمع الذي يعيش معهم حيث يجد المواطن فيه ذاته ولكن بعد أن يتم اشباع وتلبية احتياجاته ومتطلباته الشخصية والعائلية والحفاظ علي كرامته وإنسانيته وبالتالي يدفعه الشعوب بالمواطنة والانتماء إلي التفاني والذود عن الوطن والاستماتة في الدفاع عن الحرية. ومن الجانب القانوني فقد قصد بالمواطنة والانتماء درجة التزام المواطن بالواجبات والحقوق وفقا لنظام الدولة المتبع أو الآليات الديمقراطية التي تنظمها ووفقا لما يفرضه عليه انتماؤه وولاؤه لوطنه. أما بالنسبة للبعد الأمني فإن مفهوم المواطنة والانتماء يرجع إلي الدرجة العالية التي يصل إليها المواطن في انتمائه إلي الدول كبديل عن الانتماء إلي القبيلة والعشيرة أو الطائفة أو الملة حيث يترتب علي ذلك الانتماء أو المواطنة مجموعة من المعايير والحقوق والواجبات لكل من يتمتع بصفة الانتماء كالدفاع عن الوطن وحسن النظرة إلي الآخر وصيانة المرافق العامة والحرص علي المصلحة الوطنية وإدراك المواطن لواجباته في التصدي للتحديات التي تواجه الوطن كما يحرص المواطن إلي تغليب الانتماء الوطني علي الانتماء الطائفي أو القبلي وتفعيل ذلك سلوكيا في الممارسات الحياتية اليومية وإذا لم يلتزم المواطن بهذه المعايير فإنه يقوم بتزوير وتحوير وتحريف الانتماء والمواطنة. وأن مفهوم المواطنة يؤكد علي الاختلافات بين الأفراد والتعايش معهم واحترامهم ويمنح الشرعية للتعددية مع خصوصية احتفاظ كل طرف بعاداته وتقاليده ونمط حياته. واعتقد أن الانتماء والمواطنة تأتي صادقة من زاوية الممارسة حيث أنها انعكاسا لدرجة تفعيل إحساس المواطن بالمواطنة من خلال الفعل والممارسة فالمواطنة لا تولد مع المواطن بل يتم اكتسابها وتنمو تدريجيا من خلال التنشئة الاجتماعية أو من وسائل الأعلام والتجربة الاجتماعية وبالتالي فإن المواطنة ليست مجرد أو عبارات تردد دون وعي بجوهرها بل هي سلوك وممارسة لذا فإن المواطن هو الذي يشارك في حكم بلاده . ولذلك فإن المواطنة تكمن في مشاركة المواطنين الفاعلة في الحكم وفقا لقاعدة أن الشعب مصدر السلطات ويتم ترجمة المواطنة من خلال العملية الديمقراطية زيادة علي الاستشعار بوجود الإنصاف والمساواة بين جميع المواطنين من خلال الممارسات الحياتية اليومية مع علاقتهم مع الأنظمة والقوانين. فالمواطنة هي المشاركة الفاعلة والايجابية في صنع القرار والمساءلة والمحاسبة والشفافية ومراحل المواطنة متعددة.. وهذا ما سنعرفه في العدد القادم بإذن الله تعالي.