لم يؤد انتهاء حالة الطوارئ بموجب حكم محكمة القضاء الإداري الي توقف الجدل حول قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذي تسعي الحكومة لإصداره. بل ازداد وتصاعد. خاصة أن هناك من يتمسك بضرورة اصداره بحجة حماية البلاد من الفوضي والعنف والعمليات الإرهابية المتوقع حدوثها . بينما يرفض جانب كبير من القانونيين والخبراء والسياسيين مشروع القانون ويرون أن البلاد ليست بحاجة لقانون للإرهاب.. وان آثاره السلبية تفوق هدفه. خاصة انه سيعطي صورة مشوهة عن مصر أمام العالم تدفع في اتجاه تأكيد أن ما حدث هو انقلاب علي الشرعية. وشددوا علي أن قانون العقوبات يحتوي علي نصوص رادعة لمكافحة الارهاب ومواد لمواجهة العنف ضد الدولة وينبغي تفعيلها وليس إصدار تشريعات جديدة يحوم حولها شبهات تقييد الحريات والعصف بالحقوق المدنية. ويتضمن نص مشروع القانون الذي أعدته وزارة الداخلية وقدمته لوزارة العدل لاعتماد صيغته النهائية تمهيدا لمناقشته بمجلس الوزراء. أربعة أبواب. مقسمة الي 57 مادة. وخصص الباب الأول للأحكام العامة. والثاني للجرائم والعقوبات. والثالث للأحكام الإجرائية. ونص الباب الرابع علي أحكام التعاون القضائي الدولي. وعرف القانون العمل الإرهابي بأنه: ¢كل عمل استخدمت فيه القوة أو العنف أو التهديد بهدف الإخلال الجسيم بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع والمواطنين للخطر. أو إلحاق الضرر بالبيئة أو الموارد الطبيعية أو الآثار والأمول أو عرقلة مؤسسات السلطة العامة ومصالح الحكومة والوحدات المحلية أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية عن ممارسة كل أو بعض أوجه نشاطها¢. واعتبر مشروع القانون أن قيام 3 أفراد بالتخطيط أو الدعوة لإحدي الجرائم المنصوص عليها في مشروع القانون. تأسيسا لتنظيم إرهابي تنطبق عليه شروط وأحكام القانون. والعقوبات المنصوص عليها فيه. ويستهدف فرض الرقابة اللازمة علي مواقع شبكة المعلومات الدولية. ومواقع التواصل الاجتماعي. لضمان عدم استخدامها في الأغراض الإرهابية المنصوص عليها. إذ تضمنت ¢القيام بأعمال من شأنها الاعتداء علي المواطنين. وعلي منشآت الدولة. وتعطيل المؤسسات التعليمية والدينية عن القيام بأعمالها. وتعطيل مؤسسات الدولة الحيوية عن القيام بأنشطتها¢. وأجاز للنيابة العامة إصدار قرار بحجب أو منع المواقع الإلكترونية إذا ما استخدمت في الأعمال الإرهابية بالدعوة إليها. أو تم عبرها تبادل رسائل حول القيام بأحد الأعمال المنصوص عليها في المشروع. كما نص المشروع علي: ¢قيام نيابة استثنائية تحت مسمي نيابة الجرائم الإرهابية ويكون لأعضائها سلطات أعضاء النيابة العامة. وقضاة التحقيق. ومحكمة الجنح المستأنفة. ومنح الحق لرؤساء النيابات بالاطلاع علي حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم في البنوك. خلال التحقيق في أية أعمال من المنصوص عليها في مشروع القانون باعتبارها أعمالا إرهابية¢. ونص علي معاقبة كل من علم بالتخطيط للأعمال المنصوص عليها في مشروع القانون باعتبارها جرائم إرهابية. ولم يبلغ عنها قبل وقوعها. كما نص مشروع القانون علي أن تكون عقوبة جريمة الشروع في أحد الأعمال المنصوص عليها باعتبارها إرهابية. هي ذات العقوبة المقررة لاتمام الجريمة ولو لم ينتج عنها أثر. وبالرغم من وجود مؤشرات علي سحب الحكومة مشروع القانون. إلا أن أكثر من عشرين منظمة حقوقية بادرت بالاعتراض علي مشروع القانون. واعتبرته إعادة لمرتكزات الدولة البوليسية إلي سابق عهدها. وطالبت الحكومة برفض مشروع القانون. واستطلاع رأي مقرر الأممالمتحدة الخاص بمكافحة الإرهاب في مشروع القانون. وأكدت المنظمات أن القانون يتناقض مع توصيات الأممالمتحدة. مشيرة الي أن المبررات التي تضمنتها المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون لا تختلف كثيرا عما استند إليه نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك في تمرير قانون مكافحة الإرهاب إبان حكمه. وحذرت من توظيف نصوص القانون في محاصرة حرية الرأي والتعبير والإعلام وانتهاك سيادة القانون والعصف بالحقوق والحريات والعودة الي الدولة القمعية. ورفض عبد الغفار شكر. رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي. إصدار قانون الإرهاب. ووصفه بأنه ينتمي لمشاريع القوانيين الاستبدادية التي تسعي إلي تقنين حالة الطوارئ. وتوسيع مفهوم الإرهاب ليشمل العديد من أشكال الحركة الجماهيرية المشروعة تحت مبرر متطلبات الظروف الاستثنائية لمكافحة الإرهاب. مما ينذر بعودة الدولة البوليسية مرة أخري. وطالب بضرورة الاكتفاء بقوانين العقوبات الحالية لمواجهة مخاطر الإرهاب والعنف مع تعديلها لسد أي ثغرات تحد من تطبيقها. ويؤكد الناشط الحقوقي محمد زارع. رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي. أن قانون العقوبات المصري يحتوي علي نصوص ومواد تكفي لتجريم أي عمل يخل بأمن الدولة ويزعزع من هيبتها. ويتصل بعضها إلي الإعدام. موضحا أن النظام القانوني المصري يعج بترسانة من التشريعات يمكن من خلالها مواجهة أي عمل إرهابي محتمل. وقال إن المطالبة بإقرار القانون الجديد لمكافحة الإرهاب يعد مزايدة من السلطة الحالية. محذرا من اتخاذ الإرهاب حجة لتبرير عودة الدولة الأمنية من خلال إقرار هذا القانون. مبينا أن ترسيخ دولة القانون واحترام الحقوق والحريات من الجميع سواء حكومة أو اجهزة أمنية أو أفراد هو الكفيل بصيانة أمن الوطن والحفاظ علي هيبته وحماية مقدساته ومؤسساته.