من أفضل الطاعات وأعظم القربات وأحب السنن التي تحفز إليها محبة الرسول صلي الله عليه وسلم ويوجه إليها الاتباع والاحتياج وتدعو إليها العاطفة والحنين والتطلع إلي هذه الزيارة المحبوبة التي ينال صاحبها شفاعة الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم يوم القيامة. الذهاب إلي المدينةالمنورة وزيارة الرسول والصلاة في مسجده صلي الله عليه وسلم. حيث يقول تعالي: "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً". فمن منا لم يظلم نفسه؟!.. ومن منا ليس من أرباب الخطايا؟!.. "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا".. ففي هذا توجيه لمن ظلم نفسه. ولمن هو من أصحاب الذنوب والخطايا. أن يجئ إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم الشافع المشفع ليستغفر الله عنده. ويسأله تعالي أن يشفعه في ذنوبه وأوزاره وظلمه لنفسه. وما أثقلها علي ظهره.. رجاء أن تدركه رحمة ربه.. "ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا". فمسجد وحرم الرسول صلي الله عليه وسلم آمن.. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه صلي الله عليه وسلم قال: "لا تشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصي" متفق عليه. وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال: "من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي" رواه الدار قطني.. وعن الرسول صلي الله عليه وسلم أنه قال: "من زارني محتسباً إلي المدينة كان في جواري وكنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة" رواه البيهقي. فالرسول صلي الله عليه وسلم علي زائره يرد السلام. وبذلك فإن هذه الزيارة تحقق لصاحبها مخاطبة الرسول صلي الله عليه وسلم. كما أن الصلاة في المسجد النبوي الشريف بألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام. فالصلاة فيه بمائة ألف صلاة. وفي المسجد الأقصي بخمسمائة صلاة. فعن عبدالله بن الزبير أنه صلي الله عليه وسلم قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام. وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة ألف صلاة" رواه أحمد. ولذلك كانت هذه الزيارة الشريفة مقصداً إليه يسعي جميع المسلمين. وعند أداء مناسك الحج والعمرة تطيب نفوس المسلمين بالتوجه إلي مدينة الرسول ودار هجرته صلي الله عليه وسلم. حيث الطرق معبدة وأمامهم السبل ميسرة. والرفقة موافقة والأمور مواتية لزيارته صلي الله عليه وسلم في حرمه ومسجده الشريف. ومشاهدة الأنوار الربانية والفيوضات القدسية. والاستمتاع بالصلاة في الروضة الشريفة وزيارة قبره الشريف والخطو في الأماكن الطاهرة التي سعدت بسيره ووقوفه وجلوسه وحديثه والتقاط أنفاسه صلي الله عليه وسلم. وتحقيق ما للنفس من أماني في السلام عليه والاستغفار أمامه. ورفع الحاجات والدعوات إلي الله تعالي من هذه البقعة الطاهرة التي سعدت بضم جسده الطاهر الشريف صلي الله عليه وسلم. فلقد دعا الرسول صلي الله عليه وسلم للمدينة المنورة بقوله الشريف: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد اللهم بارك لنا في صاعها ومدها وصححها لنا". وقوله: "اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة".