بدأ اهتمام فنان الخط العربي أحمد فارس بالفنون الإسلامية مبكراً. فقد جذبته العمارة والنصوص الخطية المكتوبة علي جدران المساجد والزخارف الهندسية والنباتية بألوانها الزاهية. ودفعه الشغف الي محاولة التجريب وعدم الاكتفاء بالمشاهدة وإنما حاول تقليد ما يراه ويسجله في ذاكرته بما يملكه من أدوات بسيطة. وفي كل محاولة يجد نفسه مدفوعاً بعشق خفي نحو الخط العربي منذ مرحلة الطفولة وعندما لمس والده هذا الاهتمام عمل علي تشجيعه. وتوجيهه قدر استطاعته وتعليمه الاجادة من خلال تكرار المحاولة. وصقل موهبته بالقراءة والاطلاع والمشاهدة المتأنية الدقيقة. وفي مرحلة التعليم الإعدادي أهدي إليه كتابا عن فن الخط العربي ويعرض ل خمسة أنواع من الخطوط. فعكف علي تقليدها واجادتها حتي مرحلة الدراسة الثانوية التي شهدت أول محاولة لخروجه الي مجال العمل والاستفادة من موهبته بالعمل لدي أحد الخطاطين التجاريين. اكتشف من خلال عمله كرسام للافتات التجارية أن الخط العربي لا يمكن رسمه وتقليده. وإلا فقد روحه وتناغمه وهندسته وظهر باهتاً تنقصه الأصالة والتميز الفني. ووجد أن امتلاك قلم مخصوص للكتابة قد يقدم بعض المساعدة الفنية البحتة لكنه لا يصنع فناً جيداً يمكن تقديمه واظهاره والاحتفاء به نظرا لافتقاره للقواعد والاصول الفنية والهندسية التي ينبغي تعلمها علي ايدي أساتذة محترفين يشرحون القواعد والنسب والابعاد والطرق والاساليب والمدارس الفنية والتجربة الحية. وهو ما دفعه الي طلب العلم في مدارس الخطوط والانخراط في هذا المجال بطريقة علمية منهجية منظمة. وكانت بدايته بالالتحاق كمستمع لبعض الأساتذة الكبار والتعرف علي فن الخط وتفسيراته وتحليل قواعده ونسبها. وفن تنسيق السطر. والأسباب التي تبني عليها الحالات المختلفة للخط. وبعد أن استوعب كل أسرار هذه المدرسة انتقل الي الدراسة العلمية النظامية بالالتحاق بمدرسة "خليل أغا" وهي أولپ مدرسة متخصصة في الخطوط العربية أنشئت عام 1922 في منطقة باب الشعرية.. ومن أبرز أساتذته حسين أمين. وعبد الله عثمان. والباهي أحمد. وعثمان التوني. وحرص علي أن يقدم أعماله الابداعية في الخط العربي بالتركيز علي كتابة الآيات القرآنية والمصاحف والمخطوطات المختلفة التي تبرز جماليات الفن الاسلامي وتفرده. وتفرد بتقديم لوحات بخط الثلث تربط بين الاصول الفنية المتعارف عليها مقترنة باضافات مستوحاة من الكائنات الحية وخاصة الجسم البشري وتميزت بالتجريد الشديد. كما كتب الكثير بالخط الفارسي وأعمال ممتزج بها أشكال الحيوانات والطيور. شغلته قضية اندثار فكرة تقديم فن الخط العربي والاستمتاع بجمالياته التي تركها الفنان المسلم خلال فترة العطاء الحضاري للجماهير. ولذلك اتجه الي بذل المزيد من الجهود للتعريف بفن الخط ومدارسه ونشر جمالياته في كل مكان وبين كل الناس. واثني النقاد علي أعماله واختياره لموضوعات لوحاته والتزامه بالاصول الفنية والجمالية والهندسية التي تكشف اسرار الحروف وتسمح للمتلقي الاستمتاع بتفاصيل الحروف وديناميكيتها. وابهار ألوانها والطاقة الروحية الكامنة فيها. حيث تميزت خطوطه بجودة التصميم وتنوع ملمحه الهندسي والمعماري والميكانيكي وتضمنه المساقط والمحاور ونقاط الارتكاز والنسب الذهبية علي غرار الموجود في فن العمارة. أشادوا بقدرته علي إبراز العلاقة بين اللون والمحتوي النصي. وتميزه بالقدرة علي انتقاء الالوان التي تنقل المتلقي علي عالم من الروحانيات الشفافة مثل حرصه علي الكتابة باللون الأزرق الذي يعده رمز الرحمة واقترانه بدلالة السماء التي تحيط بكل شيء وكذلك البحر المحيط بكل اليابسة. وأيضا اللون الذهبي الذي يعتبر بوضوح هو لون الظهور والتجلي واجتماع اللونان يعني أن الرحمة ميالة للكشف عن ذاتها مصداقا لقوله تعالي "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة". ودائما يدعو الي أن يكون الخط العربي أحد الفنون التي تنال دعم الدولة وتفتح المزيد من المدارس والمعاهد والكليات التي تحتضن الفنانين والموهوبين علي غرار ما يحدث في تركيا وإيران. وشارك في العديد من المعارض المحلية والدولية وحصل علي جوائز وشهادات تقدير من دول كثيرة.