نفي علماء الدين أي تعارض بين الصوم والذهاب إلي المصايف والاستمتاع البحر مع الالتزام بالضوابط الشرعية مؤكدين أن الإسلام يدعو إلي التنزه والترويح عن النفي مطالبين بالبعد عن الأعمال الشاقة خاصة في نهار رمضان حتي لا يشعر الصائم بالإرهاق والتعب موضحين أن الدين الحنيف يبيح للإنسان الفطر إذا ما أوشك علي الهلاك. محذرين من سوء استخدام هذه الرخصة.. وفي السطور القادمة آراؤهم بالتفصيل حول رمضان الصيف. بداية قال الدكتور أحمد الشرنوبي أستاذ الدعوة علي قدر المشقة يكون الثواب وكلما ازداد التعب علي الإنسان كلما زاد ثوابه عند الله تعالي وقد صادفنا هذه السنوات أن يأتي رمضان في فصل الصيف حيث ارتفاع درجة الحرارة وطول عدد ساعات النهار ومع كبر عدد ساعات الصيام قد يشعر الإنسان العادي وليس المريض بالتعب والارهاق لكننا نقول له إنك إذا أخلصت النية لله واحتسبت صيامك لوجهه تعالي فسوف يعينك الله علي صومك ويجزيك خير الجزاء ومعروف أن الصوم من أعظم العبادات وأفضل الفرائض التي فرضها الله عز وجل علي المسلمين وجعل أعمال الخير كلها بمقادير. فالحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم كما جاء في الحديث القدسي حيث قال عز وجل : "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" وعلي الإنسان أن يحافظ علي صومه من كل شيء قد يبطله دون أن يدري حتي لا يناله من صومه إلا الجوع والعطش. مصايف رمضان أضاف د.الشرنوبي: لا تعارض من قريب أو بعيد بين ذهاب الإنسان وأسرته للمصيف بأي من المدن الساحلية وبين الصيام إذا تم ذلك وفق ضوابط الشرع فالصائم الذي يذهب لبحر ويجلس تحت الشمسية ويستمتع بمنظر البحر والجو الصافي لا حرج في ذلك ولا يوجد مانع شرعي يمنعه من نزول البحر والاستمتاع بهواية السباحة بحيث لا يقع نظره علي حرام ولا يدخل الماء في جوفه فيبطل صومه.. لكنه يحظر علي المرأة نزول البحر وسط الرجال وإن كان ولابد فعليها الالتزام بالشواطيء الخاصة بالنساء. رخصة الإفطار أشار إلي أن الذين لهم رخصة الإفطار في هذا الشهر الكريم هم المرضي والمسافرون استناداً لقول الله تعالي : "ومن كان مريضاً أو علي سفر فعدة من أيام أخر". بشرط أن يكون السفر طويلاً ومما تقصر فيه الصلاة وإذا عزم الإنسان الإقامة في البلد الساحلي التي سيذهب إليها كأن تكون له فيلا في الساحل الشمالي أو شاليه في أن مدينة ساحلية فهنا لا يجوز الإفطار إلا يوم السفر وعلي من أفطر تعويض هذا اليوم إما يتحجج بسفره وينوي الإفطار فهذا لا يجوز شرعاً ويعد نوعاً من التحايل والخداع المرفوض شكلاً ومضموناً. عمال المصانع وأوضح أن العمال الذين يعملون في ظروف قاسية كالذين يعملون في مصانع الحديد والصلب أو أولئك الذين يقفون ساعات طويلة أمام الأفران وسط درجة حرارة عالية إن أمكنهم تحويل وقت عملهم بالليل علي أن يصوموا بالنهار فهذا هو الأفضل أما إن لم يتمكنوا من ذلك فعليهم أن ينووا الصيام كل يوم ويحاولون الصيام منذ بداية اليوم وإن وجدوا مشقة في ذلك ولم يستطيعوا مواصلة الصيام فلا بأس أن يفطروا علي أن يقضوا هذه الأيام التي أفطروها. ولفت النظر إلي أن المسلمين الأوائل كانوا يصومون في ظل ظروف بيئية قاسية للغاية فمع الحرارة المرتفعة والأعمال الشاقة التي كانوا يقومون بها ورغم ذلك لم يتذمروا من الصيام ولم يشكوا ضعفهم وعدم قدرتهم علي الصوم لأنهم كانوا يستمعتون بهذه العبادة ويتقربون بها إلي الله فياليتنا نسير علي نهجهم ونأخذهم قدوة لنا لهل ذلك يزيد من صبرنا وجلدنا. مجاهدة النفس وافقه الرأي الدكتور طارق يحيي مدرس الحديث بجامعة الأزهر قائلاً: لقد شرع الله تعالي الصوم لكي يشعر الغني بالفقير فبالرغم من أن الإنسان يستطيع أن يأكل ويشرب دون أن يراه أحد إلا أنه لا يفعل ذلك لأنه يخشي الله ويريد الحصول علي الثواب كاملاً غير منقوص.. ومن يقول إن رمضان في الصيف يزداد شعور الإنسان بالإرهاق والتعب وتزيد رغبته في الحصول علي كوب ماء أو كوب عصير خاصة في وسط النهار وهنا يجيزون لأنفسهم الإفطار فهذا خطأ كبير ومبرر غير مقبول لأن حقيقة الصوم هي مجاهدة النفس والإمساك عما أحل الله وعلي الإنسان أن يستعد بالسحور يومياً ويؤخره علي أن يكون سحوره قبل الفجر بخمسين دقيقة وفي أثناء الصيام حتي لا يصاب بالإرهاق والإعياء عليه البعد عن الأعمال الشاقة خاصة وقت النهار كما عليه أن يأخذ قسطاً من الراحة ويفضل أن يكون ذلك في وقت القيلولة. وإذا كان مرهقاً ولا يقدر علي قراءة القرآن بصوت عال فعليه أن يقرأه بعينيه وإن لم يقدر فعليه الاستماع إليه عن طريق الراديو أو الفضائيات. وينصح د.طارق بترك المصايف هذا العام والتفرغ للعبادة في هذا الشهر الكريم الذي لا يأتي إلا مرة واحدة في السنة وإن كان ولابد فليذهب إلي المتنزهات وإن كان من اعتاد علي الذهاب للمصايف في هذا الشهر فلا مانع بشرط ألا يقع نظره علي المحرمات. وأوصي بعدم إلزام أو إجبار الأطفال الذين لم يبلغوا بعد بالصوم خشية علي أن تحدث لهم مضاعفات من جراء ذلك ومن المفضل أن يصوموا بالتدرج حفاظاً علي صحتهم. مشقة أما الدكتور جمال الدين حسين أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر فقال: القاعدة الأساسية أن الصوم مشقة ولابد أن يسعي الجميع ذلك ويتحمل الجوع والعطش لكن المشقة التي توجب الإفطار هي التي يوشك صاحبها علي الهلاك. أما غير ذلك فيعد نوعاً من التحايل علي الله وهو غير مقبول خاصة أن ارتفاع حرارة الجو تفقد الإنسان كمية كبيرة من المياه تخرج عن طريق العرق مما يصيبه بالإعياء والإرهاق وهذا لا يوجب الإفطار إلا بأمر من الطبيب. عادات اجتماعية وعما إذا كان رمضان يتعارض مع العادات الاجتماعية التي اعتادها الإنسان من ذهاب لمصيف أو قضاء الإجازات في أماكن مختلفة تأكدت الدكتورة زينب النجار أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر لا أري أي تعارض أو اضطرار للتخلي عن العادات التي اعتادت الأسر أن تفعلها في فصل الصيف بسبب مجيء رمضان منتصف فصل الصيف فما المانع أن تسافر الأسر وهي صائمة وتستمتع بالبحر والجو في رمضان فالتقشف لا يعني التضييق علي الإنسان والتخلي عن عاداته لكن يجب مع ذلك ألا ينسي الإنسان الصلوات والحرص علي صلاة التراويح وقراءة جزء من القرآن يومياً. أضافت: الكثير من الناس يشعرون بالضيق بسبب ارتفاع حرارة الجو والصيام وترك المأكل والمشرب وهؤلاء أتعجب من أمرهم كثيراً فهم يريدون كل شيء علي حسب مزاجهم ورغباتهم وهذا أمر غير معقول فأين الصبر والجلد؟ استطردت: أنا شخصياً سافرت مرسي مطروح منذ عدة أيام وكنت صائمة وقضيت يومي بشكل طبيعي ولم أشعر بأي تغيير أو اختلاف كما انني أذهب لعمل يومياً بالكلية وأقوم بأعمال الكنترول لساعات طويلة في عز الحر وكنت صائمة معظم أيام شهر شعبان ورغم ذلك لم ينتابني شعور بالضيق أو بالإرهاق والتعب رغم انني أتناول بعض الأدوية إلا أن الله دائماً عوناً لي طالما النية مخلصة والعمل لوجهه الكريم. نصائح غذائية وعن كيفية الصيام الصحي الذي لا يؤثر علي الصحة العامة قالت الدكتورة رابحة أباظة خبيرة التغذية بالمركز القومي للبحوث: لا شك أن صيام ما يقرب من سبع عشرة ساعة في اليوم الواحد يحتاج لنظام غذائي دقيق ومتوازن لأن افتقاد الوجبات لعنصر غذائي مهم قد يصيب الإنسان بمضاعفات تؤثر علي صحته العامة خاصة في ظل الحرارة المرتفعة. وشدَّدت علي ضرورة تناول كميات كبيرة من المياه بعد الانتهاء من تناول وجبة الإفطار مباشرة وقبيل السحور مع الاهتمام بتناول العصائر الطازجة التي تمنح الإنسان الطاقة اللازمة وتعوضه عن كميات العرق التي فقدها طوال اليوم. أشارت إلي ضرورة تناول الوجبات الخفيفة والبعد عن الوجبات الدسمة والطواجن التي تحتوي سعرات حرارية عالية والتي تسبب بطبيعة الحال عسر للهضم لأن الوجبات الدسمة تأخذ وقتاً في الهضم وتسبب عسر هضم وهذا يتطلب بالطبع تناول كميات كبيرة من المياه وهذا ما لا يستطيع الإنسان فعله أثناء صيامه شبهة ذلك بأن الإنسان لا يستطيع ارتداء بالطو في الصيف وهكذا لا يمكنه تناول وجبات دسمة في فصل الصيف عامة وأثناء الصوم بشكل خاص وشددت علي ضرورة الالتزام بوجبة السحور وأهمية احتوائها علي عصير ونوع من الفاكهة ثم يمكن تناول المأكولات الباردة الخفيفة مؤكدة أهمية الأكل البارد للجسم من الأكل الساخن. وأشرت إلي أن البقوليات أفضل شيء يمكن تناوله في وجبة والتي تحتاج وقتا طويلاً كي يتم هضمها وهذا ما يجعل الإنسان لا يشعر بالجوع وحذرت من تناول الكنفة والقطايف في السحور لما تسببه من عسر للهضم واحتياجها لكميات كبيرة من المياه.