هذا وقد تم تشكيل المجلس الوطني لتنسيق المشاركة العامة في تشييد سد النهضة. وهو المجلس الذي يعبر عن الطابع القومي للمشروع لدي الأثيوبيين. وتم تشكيله بغرض إتاحة الفرصة لكل إثيوبي داخل البلاد وخارجها للإسهام في هذا المشروع. الذي تم وصفه بالحدث التاريخي. كما يضم في تشكيله جميع أطياف الشعب الأثيوبي "75 عضوًا من الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة والمشاهير والمثقفين والزعماء الدينيين والجمعيات المدنية". ويتكون المشروع بالأساس من سد رئيسي من الخرسانة المضغوطة RCC - أحد طرق بناء السدود وتم استخدامها في سد التنور بالأردن- وسد فرعي علي المناطق المنخفضة المجاورة للخزان لمنع غمرها بالمياه. ومحطتين لتوليد الطاقة الكهربية. ومنطقة تحويل بطاقة 500 كيلو فولت. بالإضافة إلي المفيض "قناة تصريف فائض المياه". وتم تصميم المشروع بسعة تخزين 74 مليار متر مكعب عند مستوي الإمداد الكامل. ويغطي مساحة 1680 كيلو مترا مربعا سيتم استخدامها بشكل أساسي في توليد الطاقة الكهربية. ويبلغ عدد العاملين بالمشروع نحو 4225 شخصًا منهم 131 من الأجانب و2905 عمال محليين و1189مقاولين من الباطن. وتبلغ الآلات والمعدات المستخدمة فيه نحو 991 وحدة. منها 893 تابعة لمقاولين و81 تابعة لمقاولين من الباطن بالإضافة إلي 17 وحدة مؤجرة.. وذلك وفقا للتقرير الصادر عن إدارة المشروع والمجلس الوطني لتنسيق المشاركة العامة في تشييد سد النهضة. وعند اكتمال إنشائه يصبح المشروع أكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية. والعاشر عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجا للكهرباء. وتتجاوز تكلفته أربع مليارات دولار. وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيد لغرض توليد الطاقة الكهرمائية في إثيوبيا. ويبلغ ارتفاع السد 145 مترا. في حين يبلغ طوله الذي يعترض مجري النيل الأزرق نحو 1800متر. ويمكنه توليد 6 آلاف ميجا واط. أي نحو ثلاثة أمثال الطاقة الكهربائية المولدة من المحطة الكهرومائية للسد العالي في مصر. ومن المتوقع أن يكون أكبر منشأة للطاقة الكهرومائية في إفريقيا. ومن الواضح أن فكرة إنشاء السد كانت فكرة قديمة حيث بدأت الدراسات حول سد النهضة أو "الألفية" منذ عام 1946. بواسطة مكتب الاستصلاح الأمريكي. في دراسة موسعة حددت 26 موقعًا لإنشاء السدود. أهمها أربعة سدود علي النيل الأزرق. وحمل سد الألفية في تلك الدراسة اسم سد بوردر "Border". ويؤكد الدكتور مغاوري شحاتة خبير المياه العالمي أن النيل الأزرق كان محل اهتمام الأمريكيين عام 1964. ردا علي إنشاء الزعيم جمال عبد الناصر للسد العالي بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي. فقررت أمريكا إنشاء 34 سد علي النيل الأزرق. نكاية في عبد الناصر. بحجة تطوير أثيوبيا. وأشار إلي أن تربة أثيوبيا غير صالحة لإنشاء سدود. وليس من المستبعد أن ينهار عقب إنشائه. علي غرار سد ¢تكيزي¢ الأثيوبي وهو ما يمثل خطرا كاسحا علي السودان بوجه التحديد. رغم أن السودان أعلنت أنها لا تضار. والمشكلة في بناء هذا المشروع الضخم تتمثل في تلك الفترة المطلوبة لملء خزان السد. حيث ستحول كميات كبيرة من مياه النيل الأزرق التي تنتهي إلي السودان ثم مصر ستتحول إلي الخزان. إذ يتوقع أن تتقلص حصة البلدين من تدفق النيل بشكل ملحوظ خلال فترة ملء الخزان. وتسعي القاهرة والخرطوم مقابل الموافقة علي إنشاء السد. إلي تنظيم عملية ملء الخزان علي نحو يقلل من حجم الضرر المائي علي البلدين. ويري الخبراء أن الدولتين ستدفعان باتجاه تقنين فترة ملء الخزان بجعل فترة ملء الخزان لا تقل عن خمسة عشر عاما. وبإشراف خبراء من البلدين. إلي جانب التوقف عن عملية الملء في حال تراجع المنسوب إلي أقل من المتوسط العام. في ظل استخدام إثيوبيا أسلوب ¢التمويه والخداع الاستراتيجي¢ في إدارة ملف حوض النيل والمراوغة لكسب الوقت. وأخيرا استباقها قرار اللجنة الثلاثية المكلفة بتقييم السد وبدأت في فرض مشروعها كأمر واقع جديد بالإعلان عن تحويل مجري النيل الأزرق لبدء الأعمال الإنشائية لسد الألفية. ومن ثم تضاعف قلق المصريين والسودانيين بخصوص تأثيره علي تدفق مياه النيل وحصة مصر والسودان منها.اللجنة الثلاثية المكلفة بتقييم سد النهضة: وإزاء هواجس مصر والسودان من هذا المشروع المثير للجدل. تكونت لجنة ثلاثية لتقييم سد النهضة ومدي تأثيره علي حصة مصر والسودان من مياه النيل جراء بناء هذا السد. من خبيرين من إثيوبيا. وخبيرين من السودان. وخبيرين من مصر. بالإضافة إلي أربعة خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية. والأعمال الهيدرولوجية. والبيئة. والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود من ألمانيا وفرنسا وجنوب إفريقيا. وعلي الرغم من أن قرارات هذه اللجنة غير ملزمة فإن مصر تستطيع التحرك علي جميع المستويات. خصوصا وأن نتائج التقرير الفني أوضحت أنه لا توجد دراسات كافية لإقامة السد العملاق بشهاده الخبراء الدوليين. الأمر الذي يعزز أطروحة انهيار السد. وتأثيره البالغ علي مصر والسودان. المحور الثالث: إسرائيل والعبث بحصص مصر والسودان من مياه النيل: الناظر المدقق لما يحدث في قضية المياه لا يستطيع أن يغض الطرف عما تدبره إسرائيل في هذا الصدد. فبعد أن لمح الرئيس أنور السادات بأنه سيمد إسرائيل بالمياه. "إبان معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية". ولم يحدث ذلك. ناهيك عن مصادرة إسرائيل للمياه العربية وسرقتها للموارد المائية في: الجولان السوري المحتل. والجنوب اللبناني. والأراضي الفلسطينية المحتلة. وتحويل مسارها بالقوة. وبناء المشاريع عليها بصورة تمثل انتهاكاً خطيراً لقواعد القانون الدولي وللشرعية الدولية التي تكفل مبدأ السيادة الدائمة للشعوب الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي علي مواردها الطبيعية بما فيها الأراضي والمياه. مما يشكل تهديداً للأمن المائي العربي وبالتالي للأمن القومي العربي. كل ذلك في ظل تحرك صهيوني ماكر ودائب في دول حوض النيل خصوصا إثيوبيا للتأثير علي حصة مصر من مياه النيل. وإثارة القلاقل بشأن المياه.. وهذه سياسة إسرائيلية قديمة -أشرنا إليها من قبل- كما أننا لا يمكن أيضا أن نغض الطرف عن تخطيط إسرائيل لنقل المياه من إثيوبيا إليها عبر خراطيم ضخمة تمر في قاع البحر الأحمر..!!. وفي ظل توتر الأجواء المصرية السودانية بسبب سد النهضة الأثيوبي. المدعوم من إسرائيل. وفي ظل الغضب المصري العارم من الكيان الصهيوني بسبب سياساته الاستفزازية لمصر والسودان. وما قد ينجم عن ذلك من ثورة مصرية عارمة قد تتجه صوب تل أبيب. تطالعنا بعض الصحف العبرية ببعض الأخبار لتبرأ ساحة إسرائيل من ذلك. بل والأعجب أنها تؤكد أنه لا يوجد دليل واحد علي وجود أي علاقة لإسرائيل بهذا المشروع... متهمة عرب إسرائيل بالتسبب في الأزمة المصرية - الإسرائيلية.. يقول الكاتب الصحفي الأستاذ عبد الباري عطوان. رئيس تحرير صحيفة القدس العربي اللندنية. في افتتاحية صحيفته بعددها الصادر يوم الخميس 30 مايو 2013م: ¢إن مصر تتعرض لمأزق حاد.. فالنظام المصري السابق اتبع سياسات كارثية في إفريقيا. ودول حوض النيل علي وجه الخصوص. وتصرف بطريقة متعالية متكبرة حاقدة مع دولة السودان لحوالي عشر سنوات. الأمر الذي أدي بإسرائيل إلي التسلل وملء الفراغ. ومحاربة مصر من فنائها الخلفي وضرب أمنها القومي والشقّ المائي منه علي وجه الخصوص¢. ويستطرد ¢إن بناء هذا السد هو نتيجة التحريض الإسرائيلي... وأن ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي السابق. هدد من قبل بقصف السد العالي وإغراق مصر. كما قام بجولة في خمس دول إفريقية في عام 2011م علي رأس وفد إسرائيلي يضم أكثر من مائة شخص معظمهم من رجال المال والأعمال فضلا عن الخبرات الهندسية المتخصصة في مجال بناء السدود. وعرض خدمات إسرائيل في بناء السدود وتمويلها لتحويل مياه النيل.. وكان من أبرز الثمار المسمومة لهذا التحريض اتفاقية ¢عنتيبي¢. ولم نفاجأ بهذه الطعنة. مثلما لم نفاجأ بتوقيع شركات إسرائيلية اتفاقا لتولي توزيع منتوج الطاقة العائد من السدّ الجديد¢أ.ه. إن توجه إسرائيل نحو دول إفريقيا ظل دائمًا يشكل جزءًا من الصراع العربي الإسرائيلي. وجزءًا من نظرية الأمن الإسرائيلية القائمة علي التفوق العسكري واكتساب الشرعية والهيمنة والتحكم في المنطقة وتطويق الدول العربية - خاصة مصر- وحرمانها من أي نفوذ داخل القارة الإفريقية. لذلك يحاول الكيان الصهيوني دائمًا استغلال الخلافات العربية مع بعض الدول الإفريقية وتعميقها. وتهديد أمن الدول العربية المعتمدة علي نهر النيل بمحاولة زيادة نفوذها في الدول المتحكمة في مياه النيل من منابعه. مع التركيز علي إقامة مشروعات زراعية تعتمد علي سحب المياه من بحيرة فكتوريا. وهي تستغل في ذلك العداء التاريخي بين إثيوبيا والعرب وإمكاناتها في التأثير في السياسة الأوغندية. إلي جانب قيامها بتشجيع الحركات الانفصالية في جنوب السودان. كما تسعي إلي خلق تيار مناهض للعرب خاصة في المناطق المطلة علي الساحل الشرقي في إفريقيا. وفقا للدراسة المنشورة في الجزيرة نت للكاتب غازي دحمان تحت عنوان: ¢التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا ومخاطره علي الأمن العربي¢.. وهكذا تولي إسرائيل أهمية خاصة للقرن الإفريقي لاعتبارات عديدة منها وجود السودان باعتباره دولة إسلامية لها نشاط إسلامي ملموس في الدول الإفريقية. وتخوف إسرائيل من أن يتحول القرن الإفريقي -خصوصًا علي امتداد الساحل البحري- إلي منطقة نفوذ إيرانية سودانية. من شأنها تعريض مصالحها الاستراتيجية لخطر كبير. كما تركز إسرائيل علي نيجيريا باعتبارها دولة إسلامية كبري في إفريقيا. وقد أسهم الضغط الأميركي في فتح الأبواب النيجيرية للشركات الإسرائيلية. وتقوم جماعات تبشيرية يهودية. من بينها ¢شهود يهوه¢ التي استطاعت أن تؤثر في فئات مسيحية ومسلمة لاعتناق ما تدعو إليه عن طريق الإغراءات وتقديم المساعدات. ثم يأتي مدخل ¢المجتمع المدني والتنمية¢ حيث اتخذت إسرائيل دعم كل من المجتمع المدني والديمقراطية في إفريقيا مدخلًا للنفاذ والتغلغل داخل نسيج المجتمع الإفريقي. بالإضافة إلي تحركاتها لمكافحة الإيدز في القارة عبر إقامة مراكز طبية في الأماكن الصحراوية لهذا الغرض في بتسوانا وغيرها من الدول الإفريقية. ويعد هذا المدخل من أهم وأكثر المداخل فعالية لكسب قلوب الشعوب الإفريقية وعقولهم في هذه الآونة. وللأسف نجح الكيان الصهيوني في اختراق إفريقيا من خلال ¢المدخل الأمني¢ حيث تمتلك إسرائيل مصداقية لدي الدول الإفريقية في ميادين الاستخبارات والتدريب العسكري. كما أنها تتبني سياسة تهدف إلي إشعال الصراعات في إفريقيا وتصعيدها بهدف إسقاط جميع الأنظمة التي تسعي للتقارب مع الدول العربية.. ولإحكام السيطرة السياسية والاقتصادية الإسرائيلية تقوم بدعم أنظمة الحكم المتعاونة معها والموالية لها في القارة الإفريقية. وتوسيع دور حركات المعارضة في الدول غير الموالية لإسرائيل لنشر حالة من عدم الاستقرار السياسي. وتتعامل إسرائيل مع الأشخاص الأفارقة ذوي النفوذ الذين لهم مستقبل سياسي فاعل في بلدانهم.. وفقا لما نشر في صحيفة المصريون يوم الجمعة 31 مايو 2013م. المحور الرابع: آثار إنشاء سد النهضة علي مصر والسودان: يري الكثير من الخبراء أن إنشاء سد النهضة سيؤدي إلي مجموعة من الآثار السلبية "الحالية والمستقبلية" علي مصر والسودان. حيث أكد الدكتور عادل عامر ¢أن تأثيرها سيكون بالغ الأثر في مصر بفقدان مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية. وانخفاض كهرباء السد العالي وخزان أسوان وقناطر إسنا ونجع حمادي. وتوقف العديد من محطات مياه الشرب الموجودة علي نهر النيل. وتوقف الكثير من الصناعات. فضلًا عن تأثر محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز وتعتمد علي التبريد من مياه النيل. وتدهور نوعية المياه في الترع والمصارف. وتداخل مياه البحر في المنطقة الشمالية. وتدهور نوعية المياه في البحيرات الشمالية¢. بالإضافة إلي عجز مصر عن الوفاء باحتياجاتها من المياه. ومن ثم تأثيره الاجتماعي البالغ علي ملايين الأسر من الفلاحين. ويمكن تفصيل ذلك في النقاط التالية: - الآثار الكارثية الناجمة عن احتمالية انهيار السد: تشير مصادر مصرية مطلعة إلي أن إصرار الجانب الإثيوبي علي المضي في بناء مشروع سد الألفية بالمواصفات الحالية سيقود حتما إلي نتائج خطيرة تمس الأمن القومي لكل من السودان ومصر. وتؤكد هذه المعلومات والدراسات المتوفرة لدي جهات مصرية عدم قدرة السد علي تحمل ضغط المياه الضخمة التي سوف تحتجز خلفه. والتي تصل إلي نحو 74 مليار متر مكعب من المياه. كما أنه مشيد من الأسمنت. ومن ثم فقد ينهار في أية وقت. وعندها ستحدث الكارثة. حيث سيغرق شمال السودان وجنوب مصر ويحدث تشريد لملايين الأسر الذين سوف يتم تدمير منازلهم وزراعاتهم.