منذ أكثر من سبع سنوات وفي عدد ¢التبيان¢ الصادر في ذي القعدة 1426ه الموافق ديسمبر سنة 2005م كان هذا هو عنوان ¢الافتتاحية¢ التي تعرضت فيها لعدد من المصطلحات التي تُفهم علي غير معناها الحقيقي. مما يؤدي إلي التباس المفاهيم. واختلاط المواقف فكريًا وسياسيًا. الاستعمار ومن تلك المصطلحات: مصطلح ¢الاستعمار¢ الذي يوحي للعامة أن العدو المحتل ما جاء إلا ليعمر بلادهم استجابة لمهمة الإنسان في الأرض التي عبر عنها القرآن الكريم في قوله: "وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا" "هود:61". ثم اتضح من سلوكه مع البلاد المستعمرة أنه ما جاء إلا لنهب خيرات هذه البلاد وإذلال أهلها واستعبادهم. العصور الوسطي المظلمة كما تحدثت عن مصطلح ¢العصور الوسطي المظلمة¢ الذي كان يُرمي به في وجه كل من ينادي بعودة الأمة الإسلامية إلي حضارتها الزاهرة في هذه العصور الوسطي التي كانت في الغرب ظلامًا وظلمًا وجهلا وعربدة. علي حين كانت عندنا نحن المسلمين صورة مشرقة للعدالة والسماحة والقيم والعلم وحرية الفكر والإبداع. العلمانية وبينت أن ¢العلمانية¢ نشأت في أوروبا رفضًا لتسلط الكنيسة علي بحوث التجارب العلمية التي كانت منتشرة في عالمنا الإسلامي وبخاصة في الأندلس. حيث أعلنت الكنيسة حرمان العلماء من رحمة السماء. فناضلوا حتي انتصروا عليها وأطلقوا علي علوم الدين أنها أساطير وخرافات فكفروا بعالم الغيب وانحازوا إلي الدنيا ومعارفها بعيدا عن الوحي كما كان أسلافهم في الجاهلية يقولون: "إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ" "المؤمنون:37". الأقباط.. سكان مصر جميعاً كما وضحت مصطلح ¢الأقباط¢ الذي يعني سكان مصر أيا كانت ديانتهم أو أجناسهم. فقد كانت الكعبة تُكسي بالقباطي. وكان للرسول صلي الله عليه وسلم حلة قباطية. وظلت السيدة هاجر المسلمة مشهورة في التاريخ بأنها هاجر القبطية. وكذلك مارية أم إبراهيم ابن رسول الله صلي الله عليه وسلم. ومازالت مصر تسمي في العالم Egypt ومازالت الجنسية المسجلة في جوازات السفر منسوبة لهذا المصطلح. ومازالت شركة مصر للطيران تسمي Air Egypt فكل من المسلم أو المسيحي يسمي ¢قبطيًاَ¢ ولا يطلق هذا المصطلح مثلا علي مسيحيي لبنان أو غيرها. ولو عقلنا هذا المعني ما كان هناك مجال لإثارة الفتن الطائفية أو العنصرية. فنحن جميعًا شعب واحد في وطن واحد. السامية أما مصطلح ¢السامية¢ فقد اختطفه اليهود وخصوا به أنفسهم واستصدروا قانونًا عالميا يسمي قانون ¢معاداة السامية¢ يعاقب به كل من عادي اليهود. وكأن سيدنا إبراهيم لم ينجب سوي إسحاق ومن بعده يعقوب وهو إسرائيل. ومعني ذلك أن يحاكم نسل إسماعيل بهذا القانون مع أنهم ساميون. الديمقراطية ومصطلح ¢الديمقراطية¢ قصروه علي ما عندهم في الغرب من أن الشعب هو الذي يشرِّع لنفسه وليس له علاقة بتشريعات السماء. وبناء علي هذا المفهوم أباحوا الزنا والربا والشذوذ.. علي الرغم من تحريم كل ذلك في جميع الشرائع السماوية. أما الإسلام فقد جاء بالمفهوم الصحيح للحكم حين فرض ¢الشوري¢ فرضًا علي المسلمين في غير ما جاء به الوحي صريحًا. حمايةً لمصالح العباد. وبذلك تحقق الجمع بين حق الله علي خلقه وحق العباد في تيسير حياتهم. ¢التنوير¢ الظلامي وأما ¢التنوير¢ فقد دخل بلادنا بعد الثورة الفرنسية وأشاعوا أن باريس هي بلد النور. والنور عندهم هو التخلص من أحكام الوحي تحت مسمي الحرية والمساواة! وتناسوا أن الإسلام هو الذي أخرج الناس من الظلمات إلي النور. وأنه دعا إلي الحرية المنضبطة بالأخلاق والقيم. وأن المساواة مقررة فيما لا يخالف الفطرة والمشاعر والخصوصيات التي تميز بها كل من الذكر والأنثي. اختراق مفاهيم الأسرة والآن يشيع لدينا مصطلح جديد تحته سم قاتل مع أن صياغته العربية قد تجد لها من يناصرها. وذلك هو ¢مقاومة العنف ضد المرأة¢ ذلك الشعار الذي جعلته الأممالمتحدة محور المؤتمر السابع والخمسين المنعقد في الشهر الماضي. وكان لمصر وفد رسمي فيه. ولأول وهلة يسرع إلي الذهن المسلم أن الإسلام فعلاً حرم العنف ضد المرأة. ويتمثل هذا العنف في منعها من الميراث الشرعي عند بعض الجهلة بالإسلام. وفي ضربها ضربا مبرحا أو إجبارها علي عمل شاق لا يناسب طبيعتها. لكننا نفاجأ بأن هذا المصطلح- الذي طبق في الغرب وفسرت أنواعه في الوثيقة المقدمة لهذا المؤتمر باللغة الإنجليزية وترجمتها العربية والتي وصلت رسميًا إلي مصر وأرسلت إلي هيئة كبار علماء الأزهر- ينص علي تأكيد تلك الوثيقة لإعلان وبرنامج عمل مؤتمر بكين الذي تبني مؤتمر القاهرة للسكان ومؤتمرات وقمم الأممالمتحدة في مجال المساواة التامة بين الجنسين وتمكين المرأة والقضاء علي جميع أشكال التمييز ضدها واتفاقية حقوق الطفل. وللحديث بقية في العدد القادم