قال تعالي: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" صدق الله العظيم. عندما شاء الله وأراد أن يجعل النبي في قلوب المسلمين جمع صفات الخير كلها في آيتين من آيات القرآن علي سبيل الإجمالي. إما تفصيلات صفاته فلقد اشتملت عشرات الآيات عليها. الآية الأولي "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" "الأنبياء". ثم الثانية "وإنك لعلي خلق عظيم" "القلم". هاتان الآيتان هما هبة من الله له. فعندما سئل. لم نر أكثر منك أدبا وأحسن خلقا. من الذي أدبك؟ فقال أدبني ربي فأحسن تأديبي. إنه رباه بعد أن ولد يتيما حتي لا ينسب فضل تربيته إلي أحد من الناس. فإذا خاطب الله موسي "ولتصنع علي عيني". فلقد قال لنبيه "إنك بأعيننا". وتتجلي رحمته في تعامله مع الأعداد قبل الأصدقاء. فأهل مكة أذاقوه من العذاب والأذي ألوانا وكانوا باعترافهم يستحقون القصاص منهم ولما رأي الذلة والانكسار وهم وقوف أمامه قال لهم "ما تظنون أني فاعل بكم؟. قالوا خيرا. أخ كريم وابن أخ كريم. فقال لا تثريب عليكم اليوم. يغفر الله لكم. اذهبوا فأنتم الطلقاء". فاكتسب بذلك إسلامهم جميعا وأصبحوا قوة جديدة بعد أن كادوا يقتلون.. وغير ذلك من المواقف التي شهد بها الأعداء. حتي مع الحيوانات فعندما كان في بستان لأحد أصحابه وجد ناقة تنظر إليه فذهب إليها ووقف بجوارها فأناخت بعنقها علي كتفه الشريف وتحدثت إليه وهو منصت لها ثم التفت إلي أصحاب البستان. وقال من صاحبها؟ فقال واحد منهم. أنا يا رسول الله فقال له اتق الله فيها فإنها شكت قلة الطعام وكثرة العمل. فقال صاحبها سأنحرها لوجه الله. فقال بئس ما تصنع لا تذبحها ولكن أطعمها! ومن حسن خلقه معاملته لمن أساء إليه. جاء رجل يطلب عطية فأغلظ في طلبه وقال له أعطني من مال الله. فإنك لا تعطني من مال أبيك. والله لو قيلت لأقل مسئول لقتله. ولكنه تبسم وظل يعطيه حتي رضي ثم قال له أخرج إلي أصحابي وقل لهم لقد أرضاني حتي رضيت فإنك أحدثت في صدورهم شيئا. ومن حسن خلقه أنه لم يحرج أحدا جاءه بوشاية فعلمهم كيف يكون التعامل فقال لا ينقل أحدهم إلينا شيئا سيئا عن أخيه فإني أريد أن ألقاكم وأنا سليم الصدر! والأمثلة علي مثل هذه المواقف كثيرة يعجز الإنسان عن حصرها. جاءت زوجة عمه أبي لهب تحمل حجرا ثقيلا لقتله به وهو جالس بين أبي بكر وعمر ولكن الله أعمي بصرها عنه بعد أن عميت بصيرتها فقالت لأبي بكر أين صاحبكم الذي زعم أني سأبعث يوم القيامة وفي جيدي حبل من مسد؟ قال لا أدري مكانه. فقالت له إن جاء فأخبره أني قاتلته ثم انصرفت فقال أبوبكر له. يا رسول الله ألم ترك؟ فقال لقد أخذ الله بصرها عني. والحجر قاتلها. فتعثرت فسقطت والحجر قتلها. لا يحيق المكر السيء إلا بأهله. من أجل هذه الصفات حق لنا أن نحتفل بمولده لنستعيد هذه العطور التي تفتح أمامنا طريق الجنة أما الذين ينكرون الاحتفال بمولده فهذا شأن المتنطعين الذين لم يصل قلوبهم حب النبي. إن العالم كله يقف مبهورا أمام الشخصية الفذة لمن أنقذ البشرية ووضع أسس العدل بين جميع الناس لا فضل لإنسان علي آخر إلا بالتقوي والعمل الصالح. واليوم نحن في حاجة إلي استعادة هذه المبادئ. فلن تنصلح أحوالنا إلا لو أحسنت أخلاقنا.