أثارت قضية الاعتداءات التي تعرضت لها مكتبات شارع النبي دانيال بالإسكندرية التساؤل عن شخصية "دانيال" وهل هو حقيقة نبي؟.. وفي أي العصور والأزمنة؟ ولمن بُعث؟ "عقيدتي" طرحت السؤال علي أساتذة التاريخ: يشير الدكتور عبدالمقصود باشا رئيس قسم التاريخ بجامعة الأزهر إلي أن النبي دانيال هو أحد أنبياء بني إسرائيل. موضحاً أن هناك فرقاً بين النبي والرسول. فالنبي هو من أمر بشرع ولم يؤمر بتبليغه للناس بل قد يؤمر بالنبوة له هو فقط وهؤلاء كُثُر في بني إسرائيل. يضيف: ونظراً لوجود لجنة التسميات بكل محافظة فهي التي تختار أسماء الشوارع وتضم في عضويتها أساتذة تاريخ ويتم الاختيار لبعض الأسماء التي لها إسهامات في مجالات حياتية مختلفة سواء دينية أو اجتماعية و ثقافية أو فنية أو بناء علي رغبة واختيار أهل المنطقة. وبما أن أكثرية سكان شارع النبي دانيال من المسيحيين وتكريماً لهم تم اختيار هذا الاسم وفي بعض الأحيان يتم الاختيار بلا ارتباط بين الاسم والمكان مثال تسمية الشارع المجاور لجامعة الأزهر باسم الفنان محمود المليجي وهكذا. يستطرد د.باشا قائلاً: وشارع النبي دانيال مشهور بكتبه القديمة والتي تمثل تاريخ أمة. لذلك فما تم من اعتداء وتدمير للكتب هناك امتهان لثقافة الأمة حيث ساوي المعتدون بين بائع الكتب والفكر والثقافة وبائع الطماطم مع أن المفترض أن يتم التعامل مع الكتب وبائعيها باحترام شديد لأن احترام الكتاب من احترام الأمة ذاتها أما أن يهان الكتاب ويلقي في الشوارع والطرقات ويداس بالأقدام فهذا امتهان لثقافة الأمة. مجمع التراث يلتقط خيط الحديث الدكتور عبدالخالق محمد لاشين أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة عين شمس موضحاً أن أي رجل دين في عصو النبوة التي يؤمن بها يعتبر قديساً أو نبياً لذلك فما أكثر أنبياء بني إسرائيل؟ يضيف د.لاشين: وقد اكتسب شارع النبي دانيال شهرته من كونه مجمعاً لبيع وتداول الكتب القديمة ك "سور الأزبكية" و"شارع الجمهورية" و"حارة الصنادقية" وغيرها حيث تباع الكتب القديمة النادرة التي تختفي نسخها و"يدوخ" الباحث والكاتب بحثاً عنها. وقد اقتني كثير من المثقفين كتبهم وثروتهم العلمية من تلك الأماكن لذلك فما حدث من اعتداء علي معالم ذلك الشارع خاصة المكتبات وما بها من تراث ينم عن جهل مطبق وعصر انحطاط فكري لا أتصور أن بعده انحطاطاً فنحن نعيش مرحلة الفكر الغيبي الذي طفح علي سطح وجلد الأمة المصرية. ويحذر د.لاشين من مثل هذه الهجمات التي تتعرض لها مصر وللأسف الشديد يأيدي أبنائها وليس المحتل الذي يستنفر وجوده كل أمصال المواجهة والتحدي بعكس أبناء الوطن والذين يدعون أنهم "النخبة" وما هم إلا مطربون أو مقرئون في موكب كل نظام حاكم. من هو؟ يُذكر أن النبي دانيال عليه السلام من أنبياء بني إسرائيل ممن لا يعلم وقته علي اليقين. إلا أنه كان في الزمن الذي بعد داود. وقبل زكريا ويحيي عليهماالسلام. كما قول بعض المصادر التاريخية وكان في الوقت الذي قدم فيه بختنصر إلي بيت المقدس وخربه. وقتل فيه من قتل من بني إسرائيل وسبي من سبي وأحرق التوراة وقيل: إنه أسر دانيال الأصغر. وقيل: بل وجدوه ميتاً عندما دخل بختنصر بيت المقدس. والظاهر أنه كان في بني إسرائيل دانيال الأكبر ودانيال الأصغر. وقد ورد ابن أبي الدنيا بإسناده إلي عبدالله بن أبي الهذيل أن بختنصر سلط أسدين علي دانيال بعد أن ألقاه في جُب أي بئر فلم يفعلا به شيئاً. فمكث ماشاء الله تعالي ثم اشتهي ما يشتهي الآدميون من الطعام والشراب. فأوحي الله إلي أرمياء وهو من أنبياء بني إسرائيل وهو بالشام أن أعد طعاماً وشراباً ل "دانيال" فقال: يارب أنا بالأرض المقدسة. ودانيال بأرض بابل من أرض العراق. فأوحي الله إليه أن أعد ما أمرناك به فإنا سنرسل من يحملك ويحمل ما أعددت. ففعل وأرسل إليه من حمله وحمل ما أعده حتي وقف علي رأس الجب. فقال دانيال: من هذا؟ قال: أنا أرمياء فقال: ما جاء بك؟ فقال: أرسلني إليك ربك. قال: وقد ذكرني ربي؟ قال: نعم. فقال دانيال: الحمد لله الذي لا ينسي من ذكره. والحمد لله الذي يجيب من دعاه. والحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلي غيره. والحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحساناً. والحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة. والحمد لله الذي هو يكشف ضرنا وكربنا. والحمد لله الذي يقينا حين يسوء ظننا بأعمالنا. والحمد لله الذي هو رجاؤنا حين تنقطع الحيل عنا. اشتهر أن الصحابة رضي الله عنهم عثروا علي قبره عندما فتحوا "تستر" ثم أمرهم عمر بن الخطاب أن يغيبوا قبره خشية أن يتخذه الناس معبداً أو يشرك بالله عنده. وقيل إن الذي وجدوه رجل صالح. والأول أشهر. وأخرج ابن أبي الدنيا بإسناد حسن كما قال الحافظ ابن كثير عن أبي الزناد قال: رأيت في يد أبي بردة بن أبي موسي الأشعري خاتماً نقش فصه "أسدان بينهما رجل يلحسان ذلك الرجل" قال أبو بردة وهذا خاتم ذلك الرجل الميت الذي زعم أهل هذه البلدة أنه دانيال أخذه أبو موسي يوم دفنه أي يوم دفن دانيال. قال أبو بردة: فسأل أبو موسي علماء تلك القرية عن نقش ذلك الخاتم فقالوا: إن الملك الذي كان دانيال في سلطانه. جاءه المنجمون وأصحاب العلم فقالوا له: إنه يولد كذا وكذا غلام يذهب ملكك ويفسده. فقال الملك: والله لا يبقي تلك الليلة مولود إلا قتلته إلا أنهم أخذوا دانيال فألقوه في أجمة الأسد فبات الأسد ولبؤته يلحسانه ولم يضراه. فجاءت أمه فوجدتهما يلحسانه فنجاه الله بذلك حتي بلغ ما بلغ.. قال أبو موسي: قال علماء تلك القرية: فنقش دانيال صورته وصورة الأسدين يلحسانه في فص خاتمه لئلا ينسي نعمة الله عليه في ذلك.