قال تعالي: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" التقوي بالنسبة للعبادة كالرأس بالنسبة للجسد فكما انه لا حياة للإنسان بدون رأس كذلك لا معني للعبادة بدون تقوي وقد أشار النبي صلي الله عليه وسلم للتقوي فقال: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" ويجب ان تعلم ان الله مطلع عليك بالليل والنهار وإذا كنت تستحي من الناس وهم عبيد مثلك أفلا تستحي من رب العباد إذا كنت تخشي الناس وهم لا يملكون لك ضراً ولا نفعاً أفلا تخشي الله الذي إذا أراد شيئاً ان يقول له كن فيكون إذا كنت تظن أو تعتقد أنك تفلت من عدالة الناس في هذه الدنيا أفتظن أو تعتقد أنك تستطيع أن تفلت من عدالة الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور يجب علينا أن نراقب أنفسنا وان نتذكره عند كل معصية فإن حدث ذلك فقد نجونا لذلك روي أن رجلاً فاسقاً فاجراً خلا بامرأة فأمرته نفسه الامارة بالسوء ان يراودها عن نفسها فرفضت بكل شدة فقال لها لماذا ترفضين ونحن هنا وحيدين لا يرانا أنس ولا جان ولا ترانا إلا هذه الكواكب التي لا تعرف شيئاً فردت المرأة علي الفور إذا كانت لا ترانا الكواكب فأين مكوكبها - أي رب هذه الكواكب وحدث التاريخ أيضاً في فضل مراقبة الله تعالي "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل منادياً ينادي في المدينة أيها الناس لا تغشو الماء باللبن وكانت هناك امرأة أتقنت هذه الصفة وكانت معها بنت فنادتها في هذا اليوم وسألتها قائلة هل خلطت الماء باللبن يابنيتي فقالت البنت ألم تسمعي أمير المؤمنين يحذر الناس من غش ألبانهم فقالت الأم ولكن ليس معنا الآن عمر فقالت البنت إذا لم يكن عمر معنا فمعنا رب عمر يا أماه. وكذلك ورد ان رجلا من الصالحين كان معلماً وكان له تلاميذ يفقهم في الدين وذات يوم اراد ان يمتحنهم فأعطي كل واحد منهم سكيناً وطائرا يذبحه في مكان بحيث لا يراه فيه أحد فذهب كل واحد ورجع بعد لحظات وطائره مذبوح غير تلميذ واحد هو الذي رجع وطائره في يده لم يذبح فسأله أستاذه لماذا لم يذبح طائره كسائر زملائه فأجاب لأنك يا سيدي أمرتني ان اذبحه في مكان لا يراني فيه أحد ولكني ما ذهبت إلي مكان إلا وجدت الله فيه معي صدقت يا غلام إذا أردت أخي المسلم ان تراقب الله في كل أحوالك فكن تقي الان تقوي الله أساس كل خير وعماد كل فضيلة ولذلك عندما جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه وسلم وقال أوصني كان جواب رسول الله صلي الله عليه وسلم "عليك بتقوي الله فإنها جماع كل خير" واعلم اخي المسلم ان من يتقي الله يجعل له مخرجاً لذلك روي ان سالم بن عوف أسره العدو فشكي أبوه لرسول الله فقال له "اتق الله وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ففعل فبينما هو في بيته اذ طرق ابنه الباب ومعه مائة من الإبل غفل عنها العدو فأخذها".