أحمد موسى: مصر لها جيش يحمي حدودها وشعبها ومقدراته    «القليوبية» تنفي تلوث مياه الشرب في المحافظة    تحديث أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في ختام التعاملات المسائية    بالصواريخ.. حزب الله يقصف قاعدة إيلانيا الإسرائيلية    وزير خارجية لبنان: حوالي نصف مليون نازح بسبب العدوان الإسرائيلي    تحرك عاجل من كاف قبل 72 ساعة من مباراة الأهلي والزمالك بسبب «الشلماني»    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بأكتوبر    بعد ظهورها في أسوان.. تعرف على طرق الوقاية من بكتيريا الإيكولاي    بشرى للموظفين.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للقطاع العام والخاص والبنوك (هتأجز 9 أيام)    عمارة ل«البوابة نيوز»: جامعة الأقصر شريك أساسي لتنمية المحافظة وبيننا تعاون مستمر    محافظ أسوان يطمئن المصريين: ننتظر خروج كل المصابين نهاية الأسبوع.. والحالات في تناقص    ريم البارودي تعود في قرار الاعتذار عن مسلسل «جوما»: استعد لبدء التصوير    «صعبت عليا نفسي جامد».. محمد شريف يتحدث عن لقطته مع كيروش    البحرين وكينيا تبحثان تطوير أوجه التعاون الثنائي في مختلف المجالات    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء في الدوري الإسباني وكأس كاراباو بإنجلترا    قصف جنوب إسرائيل واشتعال قاعدة عسكرية للاحتلال    الاحتلال الإسرائيلي يواصل غاراته على جنوب لبنان ويسقط المزيد من القتلى والجرحى    خطر على القلب.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول الموز على معدة غارفة    وزير الاتصالات: التعاون مع الصين امتد ليشمل إنشاء مصانع لكابلات الألياف الضوئية والهواتف المحمولة    قطع المياه اليوم 4 ساعات عن 11 قرية بالمنوفية    حال خسارة السوبر.. ناقد رياضي: مؤمن سليمان مرشح لخلافة جوميز    حمادة طلبة: الزمالك قادر على تحقيق لقب السوبر الأفريقي.. والتدعيمات الجديدة ستضيف الكثير أمام الأهلي    وفاة إعلامي بماسبيرو.. و"الوطنية للإعلام" تتقدم بالعزاء لأسرته    فريق عمل السفارة الأمريكية يؤكد الحرص على دفع التعاون مع مصر    بعد اختفائه 25 يوما، العثور على رفات جثة شاب داخل بالوعة صرف صحي بالأقصر    غلطة سائق.. النيابة تستعلم عن صحة 9 أشخاص أصيبوا في انقلاب سيارة بالصف    زيادة جديدة في أسعار سيارات جي إيه سي إمباو    محافظ الأقصر: «أي مواطن لديه مشكلة في التصالح يتوجه لمقابلتي فورًا»    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    محافظ الأقصر ل«البوابة نيوز»: المرحلة الثانية لمبادرة حياة كريمة تستهدف قرى البياضية والقرنة    قرار جديد من الكويت بشأن منح وسحب الجنسية    الكيلو ب7 جنيهات.. شعبة الخضروات تكشف مفاجأة سارة بشأن سعر الطماطم    السفير ماجد عبد الفتاح: تعديل موعد جلسة مجلس الأمن للخميس بمشاركة محتملة لماكرون وميقاتي    السعودية وبلغاريا تبحثان تعزيز علاقات التعاون    مقتل عنصر إجرامي خطر خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة في قنا    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء والأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    لرفضه زواجه من شقيقته.. الجنايات تعاقب سائق وصديقه قتلوا شاب بالسلام    حريق داخل محل بجوار مستشفى خاص بالمهندسين    المباراة 300 ل أنشيلوتي.. ريال مدريد يكسر قاعدة الشوط الأول ويفلت من عودة ألافيس    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    وفاة الإعلامي أيمن يوسف.. وعمرو الفقي ينعيه    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحمل    خلال لقائه مدير عام اليونسكو.. عبد العاطي يدعو لتسريع الخطوات التنفيذية لمبادرة التكيف المائي    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج القوس    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحوت    حدث بالفن| وفاة شقيق فنان ورسالة تركي آل الشيخ قبل السوبر الأفريقي واعتذار حسام حبيب    رياضة ½ الليل| الزمالك وقمصان يصلان السعودية.. «أمريكي» في الأهلي.. ومبابي يتألق في الخماسية    هل الصلاة بالتاتو أو الوشم باطلة؟ داعية يحسم الجدل (فيديو)    بعد الاستقرار على تأجيله.. تحديد موعد كأس السوبر المصري في الإمارات    محافظ شمال سيناء يلتقي مشايخ وعواقل نخل بوسط سيناء    «اللي يصاب بالبرد يقعد في بيته».. جمال شعبان يحذر من متحور كورونا الجديد    هل هناك جائحة جديدة من كورونا؟.. رئيس الرابطة الطبية الأوروبية يوضح    طريقة عمل الزلابية، لتحلية رخيصة وسريعة التحضير    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    حقوق الإنسان التى تستهدفها مصر    أمين عام هيئة كبار العلماء: تناول اللحوم المستنبتة من الحيوان لا يجوز إلا بهذه الشروط    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عقيدتي" في منزل مخترع "شفرة" رأفت الهجان
د.حلمي موسي.. صائد الجوائز المحلية والعالمية في أصعب تخصص
نشر في عقيدتي يوم 24 - 01 - 2012

انكب منذ صغره علي تحصيل العلوم ولم يكتف بالكتب الدراسية بل كان شغوفاً بالجلوس في المكتبة منذ المرحلة الإعدادية لذلك كان يحصل دائما علي المركز الأول إلي ان تخرج في كلية العلوم جامعة عين شمس عام 53 وكان الأول علي دفعته.
إنه الدكتور علي حلمي موسي الحائز علي جائزة الملك فيصل العالمية في مجال اللغة العربية والحاسوب لهذا العام. والذي ولد بالاسكندرية في 23 يوليو 1933 ثم انتقل إلي مدينة طنطا وهناك التحق ب"كتّاب" الشيخ محمود ثم مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية وبعدها مدرسة طنطا الثانوية وكان ترتيبه رقم 38 علي القطر المصري "مصر والسودان" وبعد تخرجه من كلية العلوم سافر في بعثة إلي لندن من 56-58 للحصول علي درجة الدكتوراة في الفيزياء. ومنذ ذلك اليوم وهو يحصد في الجوائز العلمية محلياً وعالمياً.. فماذا في حياته؟
عندما علمنا بخبر فوزه بالجائزة اتصلنا بالأسرة التي استقبلتنا بكل ترحاب مؤكدين أن الجائزة أضفت جواً من السعادة وسط سنوات من المعاناة مع المرض اللعين الذي أوقف د.علي حلمي عن الاستمرار في انتاجه العلمي المتخصص والذي اتجه لخدمة اللغة العربية والعلوم. وقد بلغت مؤلفاته وأبحاثه أكثر من 70 مؤلفاً في فلسفة العلوم والفيزياء واللغة العربية والحاسوب.
شريط الذكريات
تستعيد الزوجة آمال الحريري ذكرياتها مع د.علي حلمي فتقول: بدأنا حياتنا الزوجية عقب تخرجي من كلية الآداب جامعة القاهرة قسم الصحافة. قبل تحويله لكلية الإعلام فيما بعد. حيث عاد من بعثته لجامعة لندن والتي حصل فيها علي الدكتوراة في "ميكانيكا الكم" عام 58 وكانت لمدة 4 سنوات من فبراير 56 والمفترض ان تنتهي في عام 60 لكنه عاد لنتزوج في ديسمبر 58 علي ان يرجع مرة أخري لكن كلية العلوم بجامعة عين شمس -والتي كان يعمل بها- تمسكت به ووعدته بتعويض هذه البعثة مستقبلاً نظراً لحاجة القسم إليه. وبالفعل استجاب لطلبهم وشاء الله تعالي ان يحصل علي جائزة أمين لطفي وهي عبارة عن منحة للخارج فسافر ثانية إلي لندن من 66-67 بنفس الجامعة التي حصل منها علي الدكتوراة.
كان قبل بعثته معيداً بالجامعة. فهو الأول علي دفعته عام 53 مع مرتبة الشرف وهي نفس الدفعة التي بها د.مصطفي السيد وكان عمره وهو معيد 19 سنة ونصفاً لدرجة أنه كان يدرس لطلبة من سنه ثم حصل علي الماجستير بالجامعة. ثم حصل علي درجة الدكتوراة في وقت قياسي خلال السنتين اللتين قضاهما في البعثة من جامعة لندن. وكان أستاذه "السير هنري ماسي" يجلسه مع الطلبة العرب الوافدين في بعثات ليشرح لهم قبل التحاقهم بالقسم وكان يفخر بأن لديه طالباً مصريا "متقد الذكاء" وعلي وصفه بالانجليزية "brilliant".
شخصية مثالية
تضيف الحريري: كان أستاذاً مثالياً في عمله. حيث يذهب للجامعة مبكرا ويلقي محاضراته بإخلاص وعندما أصبح مشرفاً علي رسائل الماجستير والدكتوراة كان له أسلوبه المميز أو مدرسته الخاصة في الإعداد والمناقشة. وكان مخلصاً جداً في عمله لدرجة أنه يعمل طوال تواجده بالبيت وهو "منكب" علي رسائله وأبحاثه ليذهب في الصباح ويعيد ما كتبه علي جهاز الكمبيوتر الذي لم يكن معروفا كما هو الحال الآن. وبسبب حبه وشغفه بعمله وتخصصه الصعب جدا في الذرة وانقساماتها. حبب طلابه أيضا في هذا العلم لدرجة أنهم كانوا يقولون له: سهلت لنا الفيزياء والنظريات يا دكتور.
نظراً لأنه كان من أوائل من تعلم الكمبيوتر بالخارج أثناء بعثته أسند له إنشاء أول مركز حاسب آلي بكلية العلوم -وتولي رئاسته- وكان هذا القسم هدية من الحكومة الأمريكية لما قدمه د.علي من تعاون في مشروع "الهرم" وكان يتضمن البحث بأشعة الليزر وبالنظريات الحسابية المعقدة داخل الأهرامات الثلاث عن وجود الغرف الخاصة بالملوك الفراعنة.
وقد استقل المركز فيما بعد وأصبح كلية الحاسبات بجامعة عين شمس. كما أدخل هذا العلم أيضا في مجلس الشعب المصري بإنشاء مركز الحاسب الآلي ووضع كل المضابط بالعربية وكان منتدباً بالمجلس حتي مرضه.
ولجهوده وتميزه شغل منصب رئيس القسم بعد عودته من السفر تولي الرئاسة ثانية.
المعاجم العربية.. بالكمبيوتر
في عام 69 أعير د.علي لجامعة الكويت وهناك رأي ضرورة الاهتمام باللغة العربية وتطويع الأجهزة الحديثة مثل الحاسوب لخدمتها فسعي لتحقيق ذلك. حيث قام بوضع معاجم مختار الصحاح وتاج العروس ولسان العرب. علي الكمبيوتر وإخراج أبحاث في هذا الشأن طبعتها جامعة الكويت. واستمر في عطائه لخدمة هذا المجال فأصدر عدة كتب منها "ألفاظ القرآن الكريم.. دراسة علمية تكنولوجية" وعقب عودته من الكويت في 72 انضم لمجمع اللغة العربية في لجنة تعريب مصطلحات الفيزياء برئاسة د.عطية عاشور وأصبح هو وكيل اللجنة وأصدر كتاب "قرن الفيزياء".
ثم سافر أيضا إلي جامعة الملك بن عبدالعزيز رئيساً لقسم الفيزياء من 79-84 لكن أهم مشاريعه وإنتاجه علي الإطلاق -ونتمني أن يري النور- هو "المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم علي الكمبيوتر" فقد بذل جهد عامين في تحقيقه لأن المعجم الذي وضعه "عبدالباقي" لم يكن كاملاً وكان بالفعل بدأ يرسل الملازم إلي المطبعة التي بدورها تكتب وتعيد الملازم إليه لمراجعتها لكن الله لم يرد له ان ينهي هذا العمل الضخم. حيث مرض ولم يستطع أحد منذ ذلك التاريخ إكماله -وكما تقول رفيقة عمره-: أنا احتفظ بهذا العمل باعتباره جهداً خاصاً من زوجي بعد أن سعيت لإتمامه مع أحد زملائه أو تلاميذه فلم أجد. حتي تلميذته النابهة د.وفاء كامل بكلية اللغة العربية بعين شمس لم تستطع لأن د.علي كانت له وجهة نظر معينة في شكل إخراجه وإصداره فهو يحتاج لشخص يجمع بين اتقان اللغة العربية وعلوم الكمبيوتر والفيزياء أيضا.
حاصد الجوائز
تشير رفيقة دربه إلي أنه حصل علي العديد من الجوائز وشهادات التقدير منها علي سبيل المثال: جائزة الدولة التشجيعية عام 74. ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي عام 76. ودرجة الدكتوراة في الفيزياء الذرية. وشهادة فولبرايت لإقامته قناة علمية بين جامعة عين شمس وجامعة كنيتيكات الأمريكية. وعمل أكثر من 10 سنوات في اليونسكو. عضوية المجمع العلمي المصري الذي تعرض للإحراق في أحداث شارع مجلس الوزراء الأخيرة. عضوية المعهد البريطاني للفيزياء. وكان منتدباً للتدريس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة 10 سنوات.
له أكثر من 70 مؤلفاً وبحثاً معظمها في علوم الفيزياء وفلسفة العوم وباللغات الأجنبية والعربية ومنها: الحاسبات الإلكترونية.. حاضرها ومستقبلها. الرياضيات عند قدماء المصريين. الفرق بين نسبية جاليليو ونسبية اينشتين. اسحق نيوتن والقوة الخامسة. الحسن بن الهيثم المفتري عليه. ميكانيكا الكم ومبدأ الارتياب.
الواجبات الأبوية
رغم انغماسه في العمل لم يكن ينسي واجباته الزوجية و"الأبوية" فهم نعم الزوج والأب والأخ والصديق. مثل أعلي في كل شيء. وخصوصاً تجاه الأبناء والأحفاد السبعة "أحمد ومصطفي ونورهان نظام. ومروة ومعتز وإيهاب فريد. وعلي وسارة عماد" ولذلك كان يوم الجمعة عنده مقدساً ومخصصاً للأبناء نخرج جميعاً فيما يشبه "الويك إند" إلي نادي الشمس أو هليوليدو ويمارسون هواياتهم المختلفة من سباحة وأنشطة رياضية مختلفة مع أنه ليس له هوايات رياضية بل كلها علمية بخلاف السنوات الأخيرة التي طلب منه الأطباء ممارسة رياضة المشي. ومازال هذا التقليد متبعاً "التجمع الأسبوعي" حتي مع مرضه وتزوج جميع الأبناء واستقلال حياتهم الأسرية لكنهم يحرصون علي الحضور يوم الجمعة مع أبنائهم وإن كان د.علي لا يشعر بهم نظراً لمرضه.
كان رغم انشغاله وحرصي أنا علي عدم إشغاله بمشاكل الأبناء يحرص علي متابعة شئونهم و"حنين" جداً عليهم ولا أذكر أبداً أنه ضرب واحداً منهم بل يجلس يتحاور ويتناقش معهم وكأنهم أشخاص كبار. حتي فيما يتعلق بدرجاتهم العلمية كنت أنا أزعل لو نقصت درجة أو نصف درجة في امتحاناتهم لكنه كان يقول لي: قدر الله وما شاء فعل.. وينظر للابن نظرة عتاب فقط! وإذا كانت لديَّ وجهة نظر أو عتاب عليهم يأخذني علي جنب ويقنعني بوجهة نظره وتحل المشكلة.
فيما يتعلق بمسألة زواج الأولاد وخصوصاً البنات كان يترك لهن الحرية في الاختيار ويناقشهن لكنه يدرس ويقيم العريس المتقدم وكلنا نثق ونقتنع بذكائه وقدرته علي التقييم.
وراء كل عظيم
عن دورها كأم وزوجة كانت وراء رجل عظيم كالدكتور علي تنصح آمال الحريري كل امرأة وزوجة ان تكون متفهمة لطبيعة عمل زوجها فضلا عن التفاهم فيما بينهما كزوجين وتعطيه كل اهتمام ووقت ليتفرغ هو لعمله ولا تشغله بمشاكل الأبناء ورغم أنها كانت تعمل -بداية بأخبار اليوم ثم معهد التخطيط حتي وصلت إلي درجة وكيل وزارة التخطيط مدير مركز التدريب والتعليم- إلا أنها تؤكد أن دور الأم الرئيسي والأهم ويتمثل في تربية الأبناء خاصة في مرحلة الصغر. مؤكدة أنها نذرت حياتها لرفيق عمرها خاصة بعد أن أصيب بالمرض اللعين وخرجت هي إلي المعاش لأنه انسان "سوبر مان" في كل تعاملاته الأسرية فلم تر منه يوماً سيئاً أبداً.
تشير إلي أن الحكمة التي دائما ما يرددها د.علي هي إيمانه العميق بما يقدره له الله انطلاقاً من الأمر القرآني بألا يفرح الانسان بما آتاه ولا يحزن علي ما فاته بل يكون معتدلاً في كل أموره. فهو لم يحزن أبداً علي شيء ولم يفرح كثيراً بما يحصل عليه ويقول: كل اللي يجيبه ربنا كويس. وطالما ان الانسان بيخلص في عمله ويراعي ضميره فربنا لازم يكافئه. المهم ألا يؤجل الانسان عمله ولا يتهاون فيه حتي لو اضطره ذلك للسهر طويلاً المهم ينجزه وينهيه قبل ان ينشغل بأي شيء آخر. وكان محباً للاستماع إلي أغاني أم كلثوم والموسيقي الكلاسيك وقد أحضر معه من لندن مجموعة اسطوانات لأم كلثوم والموسيقي الكلاسيك وأذكر أنه ذهب لحفلات أم كلثوم. بالإضافة لهوايته قراءة الكتب العلمية الحديثة والقصص.
الشبل.. والأسد
يلتقط خيط الحديث الابن البكر د.عماد -استشاري طب أطفال بمستشفي سرطان الأطفال بالسيدة زينب "57357"- مؤكداً أن والده قدوة بعمله فلم يكن يقول لهم اعملوا كذا أو لا تفعلون كذا وإنما يرونه جاداً في عمله مخلصاً في أدائه صادقاً في أقواله وأفعاله فطبيعي أن يكونون مثله.. ويشير د.عماد إلي أن والده كان يصاحبهم دائما ويعطيهم من وقته ويتفرغ تماماً لهم حتي يطمئنوا وتحل مشكلتهم وهذا ليس مع أبنائه فحسب بل مع كل من يلجأ إليه.
يضيف د.عماد: لا أذكر ولا مرة أن ضربني والدي رغم شقاوتنا ونحن أطفال ويكتفي بالنظرة وهذه كانت تؤلمني جدا وتجعلني اعتذر له وأعزم علي عدم تكرار ما يغضبه.. مع ملاحظة أنه شديد الصبر والإيمان في مواجهة أي مشكلة أو احباطات تعترضه. ومثل ما كان والدي معي في تعليمه غير المباشر لي أفعل مع ابنائي فاحرص علي متابعتهم بعد عودتي من العمل مهما كنت متعباً فهذا واجب مقدس بالنسبة لي.
تاج الجوائز.
يشير د.عماد إلي أن كلية العلوم بالنسبة لوالده كانت بيته الثاني ولذلك كرّمته الجامعة أكثر من مرة ولم تبخل عليه في علاجه خاصة أن له حق العلاج باعتباره أستاذاً بها لكننا في بعض الأحيان نفضل الذهاب به لأساتذة آخرين نسمع عن تميزهم.
إذا كان د.علي قد حصد العديد من الجوائز وشهادات التكريم إلا أن الجائزة الأخيرة -جائزة الملك فيصل العالمية والتي رشحه لها مجمع اللغة العربية مناصفة مع د.نبيل علي.. لها مذاق خاص -كما يقول د.عماد- لأنها تعتبر تتويجاً لمجهودات د.علي حلمي موسي وإخلاصه فقد نال جوائز كثيرة لكنها في الأغلب كانت لبحوثه المتخصصة في مجال الفيزياء والذرة أما هذه فلجهوده في خدمة اللغة العربية وإدخالها في الحاسوب فهو من الذين أسهموا في برمجيات "السوفت وير" وتعريبها علي الكمبيوتر.
رأفت الهجان
يذكر د.عماد لوالده موقفاً وطنياً لم يتحدث عنه والده وظل سراً سنوات طوالاً حتي تم إذاعة مسلسل "رأفت الهجان" وفي إحدي حلقاته ذكر أن عالماً مصرياً وصل من الخارج واستعانت به المخابرات العامة لتدريب "الهجان" علي "شفرة" معينة لا تستطيع أجهزة العدو الصهيوني فكها. فسألهم: هل تعرفون من ذلك العالم؟ إنه أنا! يقول د.عماد تعجبنا جميعاً لأنه أخفي هذا السر حتي عن والدتي التي هي شريكة حياته. لكنه أكد لنا أنها أسرار قومية ولا يجوز إفشاؤها.. وقدم لنا تفاصيلها وما منحته وزارة الدفاع من شهادة تقدير بسببها.
منذ ذلك الحين وجدناه مغرماً بالموسيقي التصويرية للمسلسل وكان دائم الاستماع لها.
يكشف د.عماد جانباً من حياة والده د.علي حلمي حين طلب منه الذهاب به إلي مدينة طنطا. حيث كان صباه وتعليمه. فيقول: ذهبت معه وهناك كان يعيد ذكرياته ويخبرني بأنه تعلم في كتّاب الشيخ محمود القرآن الذي حفظ منه أجزاء كثيرة ومدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية الابتدائية ومدرسة طنطا الثانوية التي تخرج منها.
تربية خاصة
تعتز الابنة د.غادة -الباحثة بالمركز القومي للبحوث والمحاضرة بالجامعة البريطانية بمدينة الشروق والمتخصصة في الطب البيئي- بأنها اقتربت من والدها أكثر من باقي اخواتها خاصة في فترة وجوده بالمملكة العربية السعودية. حيث كانت معه بمفردها لأن الأسرة تواجدت بالقاهرة لمرض جدتها من والدتها ووجود اخيها عماد بالكلية مما منع سفرهم جميعاً لمرافقة الأب بخلافها هي التي حصلت علي الثانوية العامة من السعودية. وهذا أتاح لها فرصة التواجد الأكثر مع الوالد وخلال هذه الفترة ومن قبلها أيضا تعلمت منه الكثير وعلي رأس ذلك حب العمل والإخلاص فيه والصدق و"الحنية" الزائدة خاصة علي البنت فلم يكن أبداً معنفاً لها ولو بالكلمة في المقابل كانت الشقيقتين "هي وعزة" نعم الأدب والأخلاق. وكل منهما تسعي لكسب رضاه وحبه. فلم تتأخر أيهما عن المنزل ليلاً فيما عدا "ليلة كتب الكتاب" وكان أول مرة يحدث فيه تأخير.
تشير د.غادة إلي أن جو الأسرة عامة يحيطه الهدوء والسكينة والتحاور والنقاش بهدوء تام دون ارتفاع لصوت لدرجة أن الجيران يتعجبون لعدم سماعهم لصوتنا حتي عندما كنا صغاراً وكانوا يقولون لوالدتي: انتو مالكوش حس زي بقية الجيران ليه؟! وهذا ما تسعي هي شخصياً لتربية ابنائها عليه بقولها لهم: اعملوا أي حاجة بشرط لا تكذبون أبداً.
آخر العنقود
تتفق معها شقيقتها "آخر العنقود" عزة -مراقبة الحسابات بالجهاز المركزي للمحاسبات- فتؤكد أن أكثر شيء تعلمته هو مراعاة الضمير في كل عمل وعدم ظلم أي أحد وهذه ميزة نادرة حاليا وهذا ما تجتهد لغرسه في نفوس أبنائها فضلا عن "الحنية" التي تربت عليها في بيت الأسرة والمناقشة العقلانية والموضوعية بلا نرفزة أو "زعيق" وقد طبقت نفس منهج المناقشة والحرية في اختيار الزوج مع ابنتها كما تعلمته من الوالد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.