* تسأل: سهام علي محمود: هل يعد غرس أشجار مثمرة للنفع العام من الصدقة الجارية؟ ** يقول د. أحمد محمود كريمة أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: نعم ما سألت وذكرت.. أجل فغرس أشجار مثمرة للنفع العام من أجل صدقات جارية. فأخرج الشيخان البخاري ومسلم بسندهما عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ما من مسلم يغرس غرساً. أو يزرع زرعاً. فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة. إلا كان له منه صدقة" فالغرس باب من أبواب البر والخير يسلكه المؤمن رغبة في إعمار الأرض ودوام الأجر. ولذا جاء في رواية جابر رضي الله عنه فيما أخرجه مسلم: "ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له صدقة. وما سرق له منه صدقة. وما أكل السبع منه فهو له صدقة. وما أكلت الطير فهو له صدقة. ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة". وجاء في الحديث الشريف: "سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته... وذكر منها "غرس النخل" أخرجه أبو نعيم . ومن فضل الله وإحسانه انه جعل جميع أعمال المسلم التي ينتفع بها غيره يثاب عليها في الآخرة حتي وإن كان المنتفع به حيواناً أو طيراً. ولقد حرص الصحابة رضي الله عنهم علي وقف البساتين والزروع قربة إلي الله سبحانه وبعضهم تولي رعايتها وتوزيع نتاجها في حياته وأوصي بمن يتولاها من بعده. فقد أوقف عمر رضي الله عنه أرضاً له بخيبر. وعليّ رضي الله عنه أرضه بينبع. وأبو طلحة رضي الله عنه مزرعته "برحاء". وعمرو بن العاص رضي الله عنه أرضه المسماة "الوهيط" في الطائف. ووقف جابر بن عبدالله رضي الله عنهما بستانه علي ألا يدع ولا يوهب ولا يورث جاء في "فيض القدير": الحث علي غرس الأشجار وحفر الأنهار لتبقي هذه الدار عامرة إلي آخر أمدها المحدود والمعدود المعلوم عند خالقها. فكما غرس لك غيرك فانتفعت به فاغرس لمن يأتي بعدك لينتفع" فإن الله تعالي قال: "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون" قالوا في تفسيرها: خلقهم من أجل غاية حددها لهم وهي عبادة الرب. وعمارة الأرض. وتزكية الأنفس. إن الغرس والزرع جمع خيري الدنيا والآخرة. ففي الأولي داعماً رئيسياً للتنمية والحضارة. وفي الآخرة الثواب والأجر المستمر. يضاف إلي ما ذكر أن القيام بمهمة الاستخلاف في الأرض وإعمارها بالزروع مقصد من مقاصد الوقف الإسلامي. ويسهم في تلبية حاجات الناس الضرورية خاصة الغذاء. وصورة من صور التكافل الاجتماعي. ومظهر من مظاهر اهتمام السابقين الأولين من المسلمين بشئون مجتمعهم وضمان مستقبل أجيالهم. لمثل هذا فليعمل العاملون.