هو أحد رسل القرآن الذين وفدوا إلي مصر للدراسة علي يد علمائها من نيجيريا وهو يقول إن أهل نيجيريا يتفانون في سبيل حفظ القرآن ويتحملون من أجله أية مشقة مهما عظمت. ويفتخرون دائماً بما سجله الرحالة العربي. ابن بطوطة حول هذه الظاهرة حينما قال : هم يجعلون لأولادهم القيود إذا ظهر في حقهم التقصير في حفظه فلا تفك عنهم حتي يحفظوه. ولقد دخلت علي القاضي يوم العيد وأولاده مقيدون فقلت له : ألا تسرحهم؟ فقال : لا أفعل حتي يحفظوا القرآن" .. هو الشاب النيجيري إبراهيم كمارا البالغ من العمر 19عاماً والذي استضافته عقيدتي واستمعت منه حول حياته مع القرآن ووصلت اجاباته من خلال الحوار التالي : * بداية نود أن نعرف حكايتك مع حفظ القرآن الكريم؟ ** أتممت حفظ القرآن وعمري 12سنة وبدأت الحفظ وعمري خمس سنوات حيث يحرص الأهل لدينا في الشمال النيجيري علي تحفيظ أبنائهم القرآن الكريم ونحن نحفظ القرآن علي يد الشيخ الذي يعاقبنا بشدة إذا اخطأنا ونبدأ الحفظ بتلقين سوراً قرآنية قصيرة من الفاتحة إلي سورة الفيل. حفظاً بدون شرح المعاني ثم تبدأ المرحلة الثانية بمبادئ القراءة أولاً بدون تشكيل. ثم الانتقال إلي التشكيل مع مواصلة حفظ السور إلي سورة الأعلي. وطريقنا في تعليم القراءة في هذه المرحلة. طريقة طريفة ومتميزة حيث نبدأ بالاستعاذة. فالبسملة. ثم سورة الفاتحة. فسورة الناس إلي آخر السور المستهدفة وبهذا يتعلم التلميذ الحروف التي في كل جملة حرفاً حرفاً. ونجعل للحروف العربية أسماء بلغة الهوسا المحلية. * في مصر يطلقون علي مكان تعلم القرآن الكتاتيب فماذا تطلقون عليها في نيجيريا؟ ** لدينا في نيجيريا نسميها "مكرنتر ألو" ومعناها مدارس اللوح. وهناك مدارس نظامية إسلامية حديثة تعرف بالمدارس العربية والمدارس الإسلامية أو بمدارس علوم القرآن وفي هذه المدارس نتلقي التعليم الأولي بعدها علي الطالب أن ينتقل من تلك المدرسة ليبحث عن معلم من معلمي ومحفظي القرآن الكريم الكبار في نيجيريا ليحفظ علي يديه القرآن كاملاً ويقرأه عليه وبعد أن يتم الطالب الحفظ كاملاً تقيم أسرته حفل ومأدبة كبيرة للاحتفال به ويجري في هذا الاحتفال تقديم الهدية أو الصدقة للمعلم. وقد يتعدي إلي تنظيم وليمة يدعي لها حشد كبير من الناس. خاصة عند اكمال المرحلة الأخيرة. فيجلس الحافظ وسط حلقة من الناس ويراجعه المعلم. ليظهر للملأ مقدرته وجودة حفظه ويقدم له لوح به زخارف جميلة ملونة بمختلف الألوان تشبه الزخرفة التي نشاهدها في الصفحات الأولي من المصحف عند سورة الفاتحة والآيات الأولي من سورة البقرة. وتسمي "زينة" وهي بمنزلة شهادة التخرج التي تمنح في المدارس الحديثة. اهتمام الدولة * وهل تهتم الدولة رسمياً بحفظة القرآن؟ ** إلي حد كبير تهتم الدولة وتولي رعايتها لحفظة القرآن لدينا وفي القبيلة التي يعيش فيها حافظ القرآن ينال مرتبة عليا حيث يتم تقديمه في المجلس التي يحضرها ويستمعون لرأيه ويجلون هذا الرأي ومؤخراً قامت الحكومة باعتماد برنامج تأهيل حفظة القرآن الكريم في مدينة "كانو" النيجيرية فكرة مبتكرة واختراقاً حقيقياً لسنوات التهميش الذي عاني منه حفظة كتاب الله وارتقاء نوعياً لمستقبل قطاع منهم من شباب المسلمين وقد لقي البرنامج قبولاً كبيراً رسمياً وشعبياً وظلت الطلبات والاستفسارات تنهال علي الوكالة ولكن للأسف كانت تجربة يتيمة إذ لم تستطع تكرارها لأن منبع التمويل قد جف بسبب فقر الحكومة فقد كان تمويل التجربة بتبرع كريم من أحد المحسنين العرب. * وهل شاركت في مسابقات لحفظ القرآن الكريم؟ ** نعم شاركت في العديد من المسابقات داخل نيجيريا وحصدت كثيراً من الجوائز والحمد لله ولكن مازلت افتخر بالمشاركة في المسابقة الدينية لحفظ القرآن الكريم والتي يرعاها الأزهر الشريف حيث تعطيني تلك المشاركة دفعة قوية لمواصلة مسيرة القرآن حيث إنني شاركت مرتين في نفس المسابقة وأحرزت مراكز متقدمة وأحب هنا أن أشير إلي حب كل شباب نيجيريا للأزهر الشريف وحلمهم بالدراسة فيه وأخذ العلوم الشرعية علي يد علماء الأزهر الشريف الذين نجلهم ونحترمهم. أثر القرآن * وكيف أثر فيك حفظك للقرآن الكريم؟ ** دراستي للقرآن وتدبري له غيرت كثيراً في شخصيتي وتعاملي مع الآخرين وجعلتني أكثر ثقة بنفسي وأكثر طاعة لأوامر الله تعالي وأوامر أهلي وجعلتني باراً بأهلي وأنا أقوم حالياً بتحفيظ القرآن في حلقة داخل المسجد وأنوي الاستمرار في هذا المجال ومواصلة الدراسات الشرعية. * تستغل الكثير من جماعات التبشير الفقر في افريقيا لنشر المسيحية فكيف تتصدون لهذا الأمر؟ ** بالفعل كثير من جماعات التنصير تعبث في كثير من مدن نيجيريا وتستغل فقر الناس للترويج لديانتهم وهم يدخلون دوماً تحت ستار العمل الخيري ولكن أنا وغيري من حفظة القرآن الكريم. نبذل قصاري جهدنا لتوعية المسلمين في نيجيريا من خطر تلك الجماعات كذلك نبذل قصاري جهدنا للتواصل مع مؤسسات العمل الخيري في البلدان الإسلامية حتي تمدنا بالانشطة الخيرية التي تكون بديلاً عن العمل الخيري للمنظمات المسيحية والحمد لله فإن المسلم النيجيري يفضل دوماً الحصول علي حاجته من المؤسسات الإسلامية عن الحصول عنها من المؤسسات المسيحية وهو ما يؤكد تمسك النيجيريين بهويتهم الاسلامية.