ما أشبه الليلة بالبارحة لقد نجح الثوار عام 1956 في دحر جحافل العدوان الثلاثي الغاشم علي أرض مصر. وسطر شباب الثوار والفدائيون أروع البطولات لتكتب أسماؤهم بحروف من نور في سجل التاريخ. واليوم يعود الشباب من جديد بدمائهم وعيونهم ليحرروا مصر من عدوان نظام استبدادي ظالم استعبد الشعب المصري لأكثر من ثلاثين عاما. بهذه الكلمات استهلت الفدائية زينب الكفراوي حديثها ل "عقيدتي" بمناسبة الاحتفال بعيد بورسعيد القومي وذكري انتصار أبناء بورسعيد علي جيوش "انجلترا وفرنسا وإسرائيل" مؤكدة علي أن كل شيء يهون في سبيل حرية وكرامة الشعب المصري وحماية اراضيه. * عقيدتي: كم كان عمرك عندما شاركت في هذه الاحداث وما هو دورك مع الفدائيين؟ ** انضممت إلي الحرس العسكري للتدريب علي حمل السلاح عام 1954 وكان عمري 15 عاما ثم شاركت مع الفدائيين أثناء العدوان الثلاثي علي بورسعيد وكنت أقوم بجمع الاسلحة من المنازل وإيصالها إلي الفدائيين في مواقعهم المختلفة داخل المحافظة. وكان الخطر يكمن في انتشار العديد من الدوريات العسكرية لجيوش انجلترا وفرنسا بجميع الطرقات والشوارع ولكن كان يحالفني التوفيق دائما في نقل السلاح. * عقيدتي: وما هو أصعب موقف صادفك خلال هذا العدوان؟ ** كان مطلوباً نقل بعض القنابل والأسلحة من مخبأ سري بعزبة النحاس إلي مكان آخر نظرا لوجود عمليات تفتيش مستمرة بهذه المنطقة وصعوبة وصول الفدائيين لهذا المخبأ. وبالفعل قمت بوضع عشر قنابل وأربع رشاشات وعدد من الذخائر علي عربة طفل صغير. ثم وضعت مرتبة صغيرة وطفل من أطفال الأسرة. وسرت بها. إلا أن أحد الضباط الانجليز استوقفني للتفتيش وكانوا يفتشون كل شيء وكل إنسان.. إلا أنني نجحت في الخروج من هذا الموقف الصعب ونقل الاسلحة إلي المكان الجديد. الثورة المصرية * عقيدتي: ماذا تقولين لشباب ثورة 25 يناير؟ ** ثورة 25 يناير صرخة في وجه الظلم والاستبداد لتحقيق "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية" واستطاع الثوار اسقاط النظام البائد إلا أن تدخل المصالح الشخصية والحزبية سارت بالثورة في اتجاه آخر.. وأحب أن أقول للثوار انتم صنعتم هذه الثورة وتحقق لكم ما اردتم اتركوا السياسة للسياسيين. ونحن فعلنا هذا من قبلكم وواجهنا جحافل العدوان الثلاثي الغاشم علي مصر ثم توارينا وتركنا البلد لمن يستطيعون إدارتها. برغم ما كان لدينا من المشاكل. كما للشباب مشاكلهم الآن إلا أننا كنا نؤمن أن من زرع ليس من الضروري أن يحصد ما يزرعه ولكن يمكن أن تحصد زرعه الاجيال القادمة. أهل مصر * عقيدتي: كيف تري وصول التيار الديني لمجلس الشعب؟ ** زينب الكفراوي: لمصر طبيعة خاصة جدا. وكلنا يعرف حديث الحجاج بن يوسف الثقفي عن المصريين عندما قال لأحد الولاه إذا ولاك أمير المؤمنين علي المصريين فلا يغرنك صبرهم واتقي غضبهم. وانتصر بهم فهم خير أجناد الأرض.. واتقي فيهم ثلاثا "نساؤهم فلا تقربهم بسوء وإلا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها وأرضهم ولا حاربتك صخور جبالهم. ونحن بالفعل دولة إسلامية وندين بالوسطية ونطبق الشريعة الإسلامية. بعيدا عن تلك المخاوف التي يثيرها البعض بالحديث عن السياحة وأموال البنوك. ولابد وأن نتعاون سويا في إدارة شئون مصر في المرحلة القادمة حتي لا ينفرد شخصا ما أو جماعة بالحكم بمفرده فنعود إلي زمن الحزب الوطني مرة أخري. * عقيدتي: هل تم تكريمك بعد هذه البطولات؟ ** الكفراوي: عندما شاركت في الدفاع عن تراب وطني لم يكن ذلك بهدف التكريم أو غيره لأننا كنا نتعرض للموت في كل لحظة وكانت القنابل وأصوات الرصاص تحيط بنا من كل اتجاه.. للأسف لم أكرم في حياتي لا من اللواء مصطفي عبداللطيف محافظ بورسعيد الأسبق.. حيث إنني سافرت إلي الجزائر عام 1964 في إعارة للعمل مدرسة هناك وانقطعت لفترة عن بورسعيد ثم عدت قبل نكسة 1967. ثم سافرت مرة أخري. ولم أعد إلا عام 1987. كما قامت جمعية الليونيز بتكريمي بمنحي رحلة حج إلي الأراضي الحجازية.