يسعي المجلس الانتقالي الليبي لإصلاح ما أفسده القذافي علي مدي أكثر من أربعة عقود في ليبيا خاصة فيما يتعلق بالمرأة.. فقد أصدر القذافي قانوناً يمنع بمقتضاه تعدد الزوجات ضارباً عرض الحائط كعادته بمبادئ وقواعد الشريعة الإسلامية.. وأخذ المجلس علي عاتقه إلغاء هذا القانون وإباحة التعدد وفقاً للضوابط والقواعد التي حددتها الشريعة الإسلامية له.. لكن يبدو أن المرأة الليبية لا يروق لها هذا الأمر فراحت تعبر عن رفضها له واعتراضها عليه ظناً منها أنه يمس بكرامتها ويطعنها في أنوثتها وليس المرأة المعارضة الوحيدة له في ليبيا فهناك بعض الرجال يعترضون عليه ويعتبرونه نوعاً من استرضاء المجلس للإسلاميين بسبب حظوتهم ونفوذهم في ليبيا.. ناقشنا هذا الموضوع مع المتخصصين وفي السطور القادمة آراؤهم بالتفصيل. قال الدكتور أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر من المقرر شرعاً أن هناك من الأحكام الشرعية ما هو ثابت ومستقر وهو من البديهيات المسلمة التي لا تقل قوة عن المسلمات العقلية فأحكامها مستقرة في الماضي والحاضر والمستقبل حلالها حلال وحرامها حرام إلي أبد الابدين وهذه الأحكام تستند إلي أدلة نصية قطعية الورود في القرآن الكريم والسنة النبوية وفي واقعة تصحيح عوار قانون وضعي يصادم تشريعاً إلهياً ألا وهو إباحة التعدد المقيد بأربع من النساء.. فهذا التعدد ليس واجباً وليس منهياً عنه وإنما يدور في الإباحة ولا يجوز تحت أي ظرف من الظروف التعديل فيه أو التغيير لقول الله عزل وجل: "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون". أضاف: ولابد من تصحيح أي قانون جائز بشرط ألا يكون ذلك إرضاء أو رفضاً لتيار من التيارات.. لكن للأسف الشديد هناك من يقوم بعرض الأحكام الشرعية من غير المرجعيات المعتمدة كالأزهر الشريف وهذا شيء يندي له الجبين فبعض التيارات تردد أن التعدد واجب وهو ليس كذلك لأنهم يريدون بذلك نقل أعراف بيئية لا علاقة لها بالدين.. أو إرضاء لسعار جنسي لديهم وكذلك هناك من يحرمه وهذه أخطاء كبيرة.. فليتنا نحترم مرجعيتنا الدينية كما يحترمها اليهود والنصاري. الاختلاط الجنسي واستشهد الدكتور طلعت أبوجبر أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر بقول الله تعالي في كتابه الكريم "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدني ألا تعولوا وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً". وفي هذا الصدد قال العلماء إن الله تبارك وتعالي أباح للإنسان أن يتزوج بامرأة أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ولا يزيد علي ذلك بشرط أن يعدل بينهن في كل شيء وكان الناس قبل الإسلام يعددون بلا حد فجاء الإسلام وأباح التعدد لكنه قيده بألا يزيد علي أربع وأن يعدل الزوج بينهن ودرج المسلمون علي هذا.. غير أن بعض من يقلد الغرب أراد أن يكتفي بامرأة واحدة وهؤلاء في واقع الأمر لا يبالون بالاختلاط الجنسي ولا يعتبرونه حراماً ومن الكبائر. وتساءل طلعت أيهما أصلح وأولي أن يتزوج الرجل بأكثر من امرأة أم أن ينطلق لإشباع رغباته بلا قيود ولا حدود ولا عقاب من قانون ولا رادع من دين. وواقع الحياة يتفق تماماً مع ما جاء به ديننا الحنيف لأن الإحصاءات تؤكد أن عدد النساء في جميع دول العالم أكثر من عدد الرجال فلو اكتفي الرجل بالزواج من امرأة واحدة فأين ستذهب الباقيات. أضاف: لقد قامت بعض المظاهرات في ألمانيا لتطالب بأن يتزوج الرجل بامرأة مدة معينة ومحددة من الزمن ثم يتزوج بأخري حلاً لمشكلة كثرة النساء غير المتزوجات لديهن. واستطرد: للأسف الشديد لقد حذا بعض الحكام العرب حذو الدول الأوروبية في الاكتفاء بامرأة واحدة ومنع التعدد وأصدروا بذلك قوانين تجرم من يتزوج بامرأتين لكن عندما يضبط رجل مع امرأة وقال إنها عشيقتي أو خليلتي فلا عقاب له وهذه كارثة مروعة تصدم الدين والأخلاق والمجتمع بأسره.. لذا أحيي المجلس الانتقالي الليبي علي هذه الخطوة التي يخطوها لأنه يحافظ بها علي الاخلاق التي هدمها القذافي. كرامة للمرأة وأشار إلي أن المرأة الليبية قبل القذافي كانت لا تعترض علي التعدد ولا ترفضه لأنه مبدأ إسلامي له شروط وضوابط فما الذي دفعها لترفضه اليوم وتطالب بمنعه.. فالتعدد في حقيقة الأمر يصون كرامة المرأة ويحافظ عليها وعلي زوجها ويقيه من الوقوع في الرذيلة ويجنبه ويجنبها كذلك أمراضاً قد تنتقل إلي زوجها إذا ما انحرف وأقام علاقة أثمة مع امرأة أجنبية.. لذا يجب علي المرأة الليبية التعقل وعدم رفض التعدد فلا تحرم ما أحله الله فإن أبغض الأمور عند الله تعالي أن يحرم ما أحل أو يحل ما حرم.. فلنعمل جميعاً علي بقاء الأمور الدينية علي ما هي عليه دون اللعب بها وتطويعها حسب هوانا لأن الله وحده تعالي هو المنزل لها وهو الأدري بمصلحة عباده. وعاب د. أبوجبر علي بعض الدول الإسلامية التي تسرف في هذا الأمر إسرافاً لا يتفق وأهداف الشرع فالتطليق لديهم سهل والجمع بين أربع من النساء شيء مألوف ومعتاد عليه لكن هذه ليس تطبيقاً للإسلام إنما هو انحراف في فهمه لذا نتمني تطبيق أمور ديننا كما هي وكما أوصانا النبي صلي الله عليه وسلم دون إسراف أو تقطير. رخصة مقيدة الداعية الاسلامية فاتن كمال الدين قالت: لقد أباح الإسلام رخصة تعدد الزوجات لكنه قيدها ببعض الشروط أهمها العدل في النفقة والمبيت والملبس هذا مع كتمان السر لكل زوجة وحفظ خصوصياتها مع زوجها بمعني ألا ينقل أخبار زوجاته لبعضهن أو يفشي أسرارهن وألا يقلل من شأن أي واحدة منهن أمام الأخري. أضاف: إن شريعة الله عز وجل قائمة علي العدل والرحمة ولو علمت الزوجة أنها حين ترضي بزواج زوجها من أخري بذلك تطيع الله عز وجل ولها الأجر والثواب وحين ترفضه أخشي أن ينطبق عليها قول الله عز وجل: "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض".. لذا أنصح كل امرأة ألا تنكر علي زوجها رغبته في الزواج بأخري لأنه إذا كان هناك من ضرر واقع عليها بسبب هذا الزواج فهناك مصالح ومنافع أكبر للجماعة والمجتمع.. كما أن زواج الرجل ثانية وثالثة ليس به إي إهانة للمرأة لكنها فطرة الله في الرجل كي يعمر الكون. التعدد والعنوسة وتري هبة عبدالعزيز المتخصصة في شئون المرأة والأسرة أن التعدد من الناحية الإنسانية إن لم يتم بطريقة قانونية وبالتزام كامل بكافة شروطه وضوابطه المتعلقة بضرورة إعلام الزوجة الأولي فهو يطعن المرأة في كرامتها ويغتال أنوثتها ويشعرها بالقصر والعجز وقلة الحيلة لأن واقع الأمر يؤكد أن الرجل الذي يسعي للزواج بأخري مستنداً إلي إباحة الدين له ذلك لا يلتزم بالضوابط الدينية فالشرع يخبرنا بأن الرجل إذا أراد الزواج بأخري فعليه البحث عن الأرملة ليعولها ويكفيها حاجتها أو يتزوج بالمطلقة.. لكنه في حقيقة الأمر لا يوجد رجل يفعل ذلك لأنه دائماً يبحث عن إشباع رغباته بالزواج من الفتاة الصغيرة الجميلة وهذه فرصتها في الزواج كبيرة عكس المطلقة أو الأرملة. أضافت: للأسف الشديد هناك بعض من الرجال الذين يفسرون الدين تفسيراً ذكورياً حسب أهوائهم وأهدافهم ورؤيتهم للأمور ولا أحد يستطيع إنكار ذلك.