أكد الدكتور صالح بن سليمان الوهيبي أمين عام الندوة العالمية للشباب الإسلامي ومقرّها المملكة العربية السعودية ان "التواصل" بين الأجيال مشكلة قديمة متجددة لكنها ازدادت اتساعا بفعل التقدم التكنولوجي في وسائل الاتصالات والمواصلات والمعرفة وغيرها. موضحا ان نقص روح التدين بشكل عام عند اتباع كل الأديان السماوية أدي لتدني الأخلاق مؤكدا ضرورة وضع برامج وخطط للشباب والنهوض بهم علميا ومهنيا وأخلاقيا لأن غياب هذه البرامج يعد من أكبر التحديات التي يجب التغلب عليها للحفاظ علي هذه الثروة الغالية التي يمتلكها العالم الإسلامي. وفيما يلي نص الحوار: * باعتباركم منظمة تهتم بالشباب الإسلامي فما هي أكثر التحدّيات التي تواجهه من وجهة نظركم؟ ** أكبر التحديات في العالم الإسلامي هو أن الشباب لا توجد لهم برامج لحمايتهم فالحرص علي الشباب وحمايتهم ورعايتهم علي كل المستويات مسؤولية كبيرة جداً. سواء من ذلك مثلاً أنّ الشاب لا يستطيع أن يتعلّم وإن تعلّم لا يستطيع أن يُكمل دراسته العُليا. وهكذا نجد أن الفقر والجهل والمرض كل هذه تحيط بالشباب المسلم الذكور والإناث وهي بين الإناث أكثر وبعض الأماكن في آسيا وإفريقيا هناك مشكلة كبيرة في هذا فعلاً. فهناك شباب لا يستطيعون أن يكسبوا عيشاً كريماً بسبب المستوي التعليمي. وهناك مجموعات كبيرة من الشباب لا تستطيع أن تُواصل تعليمها خاصة الذين يتخرّجون في حلقات تحفيظ القرآن أو المدارس الدينية وما إلي ذلك. ولهذا كان الاهتمام هو أن نُحاول بقدر الإمكان أن نفتح لهؤلاء سُبل التعليم والاستمرار فيه لنحاول أن ننقلهم من وحدة الفقر والجهل إلي وحدة الكرامة التي يجد فيها الإنسان وظيفة تحفظ كرامته وتساعد علي بناء أسرة مسلمة وتُبعد عنه الإغراءات المجتمعية بقدر الإمكان. * وما هي جهودكم أنتم كمنظمة معنية برعاية الشباب المسلم؟ ** إننا نقوم أولاً بتوفير المنح الدراسية للطلاب والطالبات سواء في مجتمعاتهم أو في أماكن أخري مثلاً في مصر. السودان. السعودية. ماليزيا. اليمن. وفي مناطق كثيرة. ونحاول أن نأتي بالشباب هؤلاء ذكوراً وإناثاً إلي هذه الجامعات وينهلوا من معين العلم. ثانيا: نقوم برعاية الشاب بمساعدة المجتمع كله. ببناء المساجد وحفر الآبار وبناء المستشفيات والإسهام في معالجة الفقر في تلك المجتمعات وإيجاد برامج تُعين هؤلاء علي الإنتاج ومساعدة الأسر الفقيرة. وبالنسبة للرجال فالمنظمة تساعدهم علي فتح مشروع أو متجر أو ما إلي ذلك ومن ثمّ فإن الأسرة يتحسّن مستواها المعيشي والتعليمي ويسلم أولادها وبناتها من الانحراف إن شاء الله. تردي الأخلاق * يشهد العصر الراهن حالة من تردي الأخلاق بين الشباب.. فما هي الأسباب من وجهة نظرك؟ ** هناك عدة أسباب من بينها نقص روح التدين بشكل عام عند الناس مثلا حينما تأتي إلي أوروبا والناس يذهبون إلي الكنيسة هم لا يزيدون علي 9% أو 10% في بعض البلدان مثلا في إيطاليا وأمريكا الوضع أفضل قليلا وهذا الكلام عن اليهود والنصاري المتدينين هناك فقد خضعوا للهجمة الليبرالية العلمانية وحينما نأتي للنصرانية في أوروبا وأمريكا نجد انها أباحت سلوك الشواذ وزواج المثليين وما إلي هذا وسارت النصرانية دون ان تقوم هي بمعالجة الأوضاع الفاسدة.. سارت تتكيف مع الأوضاع الفاسدة ونسأل الله ان يحمي المسلمين من ذلك لأن هذه مشكلة كبيرة في المجتمعات الأوروبية فالكنيسة إذا رأت ان الناس انحرفوا فتري انه ينبغي ان تلاحق الناس في انحرافهم وان تعتد بهذا السلوك ولو أخذنا حالة المثليين نموذجا نجد ان الكنيسة كانت ترفض ذلك لكن بعد فترة أصبحت الكنيسة تقبل بهؤلاء حتي ان رجل الكنيسة ممكن ان يكون من المثليين والعياذ بالله. أفكار غريبة * يوجد في مجتمعاتنا العربية طوفان يمثل هذه الأفكار الغريبة والغربية الوافدة علينا عبر القارات من الفضائيات فكيف نقي نحن شبابنا من هذا؟ ** نحن لا نستطيع بأي حال أن نعزل أنفسنا عن الكون وما سيأتينا منه ونحن جزء فيه. وقد رأيت في مؤتمر عن الإيدز قبل عام في جنوب أفريقيا بعض الشباب والشابات المسلمين من أنحاء متفرّقة في العالم لديهم أفكار عجيبة حول قضية المثليين والحرية الشخصية وأن هذا خيار شخصي وما إلي ذلك وفوجئت أن هناك محاولة كبيرة جداً من المنظمات والدول الغربية للتأثير علي المجتمعات المسلمة لتلحق بهذا الركب. بالمثليين والمنحرفين والشواذ وما إلي هذا والعياذ بالله. فنحن نحتاج أن نُجنّد كل الهيئات والأجهزة الحكومية والأهلية ونستغل كافة الإمكانات لمقاومة مثل هذا المد. بطالة وعنوسة * هناك تحديات مثل البطالة وتأخر سن الزواج مثل هذه المشاكل كيف تواجهونها؟ ** قضية البطالة هذه قضية عالمية وتوجد عندنا أزمة في العالم الإسلامي بسببها وأكبر فئة متضررة هي الشباب من الدرجة الأولي. ثم هناك قضية أخري يمكن أن نسمّيها بالانحراف سواء الانحراف نحو الغلو أو نحو التطرّف أو نحو التسيّب والفساد وهذه قضية كبري بين الشباب في كل مكان. وهناك الإغراءات التي تُقدّمها الحضارة الغربية وهي مشكلة كبيرة جداً. * وكيف يُمكنكم حماية الشباب المسلم من مثل هذه المشكلات؟ ** أولاً نحميه بالتربية فنقوم بتوفير وسائل التربية وسبل العيش الكريم لهؤلاء بقدر الإمكان. والأمر الثاني أن نجعل لديهم الوعي الكافي بصورة الإسلام الصحيحة. ولكن هنالك مشكلة تتمثل في أن الشباب أحياناً مع اليأس العارم في مجتمعاتهم يرون أن الفكر المُغالي والمتطرف هو الذي يُقدّم لهم الحلول! وهذا عجز عندنا نحن علي مستوي أولي الأمر وحتي المنظمات الأهلية. ينبغي أن نشترك في علاجهم. ثم أمر آخر وهو أن يكون هناك دور سياسي حقيقي. فالوضع السياسي في العالم العربي والإسلامي بعيد عن واقع الناس بشكل عام. والشباب يشعرون بأن هذا الوضع مرير ولذلك لا يثقون بأن الحُكّام سيقومون بتقديم الحلول لمجتمعاتهم ويرون عندئذ أن أيسر وسيلة أن ينفذ القانون هو بيده وأن يكون بديلاً لولي الأمر كما نقول. افتقاد القدوة * لاشك أن الشباب يفتقد القدوة. فكيف يُمكننا أن نُعيد الثقة والقدوة إليهم؟ ** هذه مسألة قناعة أولاً. والذي يُفترض أنه قادر علي أن يُقنع الشباب بشكل كبير هم علماء الأمة. ولذلك ينبغي إعادة الاعتبار أولاً لعلماء الأمة والاهتمام بهم. وهذا لا يعني الاهتمام بأشخاص فقط بل الاهتمام أيضاً بالمؤسسات العلمية والإسلامية. فنحن إن جئنا إلي كليات الشريعة والعلوم الدينية في العالم الإسلامي لوجدناها أكثر الكليات تخلّفاً في الجامعات. ولو جئنا للعلماء لوجدناهم إمّا مشردين خارج وطنهم. وإما مُهانين في وطنهم. فينبغي أن تكون هناك جهود كبيرة توفر الإمكانات لهؤلاء العلماء كي يستطيعوا أن يُعينوا الشباب علي فهم الإسلام فهماً صحيحاً وأن يكون هؤلاء هم القدوة الحقيقية. ولا أقول هذا علي سبيل الإطلاق ولكنه بشكل عام نجد أن كثيراً من العلماء خارج بلدانهم أو في بلدانهم لا يُعطون فرصة للعمل كما ينبغي. ولذا لابد إذا أردنا لعلماء الدين أن يُقنعوا الشباب أن نُعيد الاعتبار لعلمائنا ومؤسساتنا الدينية ومن ثم سنجد بإذن الله أنها أصبحت أكثر قدرة علي إقناع الشباب من وسيلة أخري. طوفان الانحلال * يُواجه شباب اليوم العديد من صور الانحلال الأخلاقي والفكري الوافد علينا من الخارج. فكيف له أن يصمد أمام هذا الطوفان من تيارات الانحلال؟ ** أولاً دعنا نؤكد أن الشباب اليوم فيه فئة كبيرة من الملتزمين بتعاليم الدين والحمد لله. وهذا الجانب يُمثل مكسباً كبيراً. لكن من جانب آخر هناك انفتاح كبير علي العالم ووسائل الاتصال أزالت كل الحدود والحواجز التي أصبحت مرفوعة بيننا وبين الآخرين ومن ثم فهذا اختبار للعاملين في الدعوة ومجالات الإرشاد للشباب وعلينا أن نتحدي ونقبل هذا التحدي ونقوم بالعمل بثقة واعتزاز لأن المهزوم دائماً لا يصلح لدخول معركة. وهذه معركة كبيرة وينبغي أن ندخلها بثقة وروح عزيزة وكريمة وأنا علي ثقة بأننا بإذن الله تعالي نستطيع أن نفعل الكثير. وهذه التحديات لا تواجهنا نحن فقط بل إن هناك شكوي مُرّة من المسيحيين الأمريكيين أنفسهم وشكوي أمرّ من الجالية اليهودية في أمريكا من أن شبابهم يذوبون في المجتمع الأمريكي وأن بعضهم الآن يتركون اليهودية أفواجاً. وأعتقد أن الوضع عندنا في العالم الإسلامي أفضل بكثير لكننا نحتاج إلي بذل المزيد من الجهد والاعتماد علي الله سبحانه وتعالي والتوكل عليه. خطط مستقبلية * وما هي خططكم لإعادة الشباب المسلم إلي جادة الطريق الصحيح؟ ** عندنا خطط مستقبلية للندوة ومن ضمنها التركيز علي عمل الشباب وهذا بحد ذاته عمل كبير لأن العالم العربي والإسلامي معظم سكانه من الشباب. ونحاول قدر الإمكان بالتفاعل مع مئات المنظمات في العالم العربي والإسلامي. نقوم برسم توجّهات بين حين وآخر سواء من خلال مؤتمراتنا أو الندوات واللقاءات حتي نظل علي اتصال بالمنظومة الدولية لنؤثر عليها. وهذا يحتاج أن نعمل في توجه مُحدد ومُنظّم لأن الأممالمتحدة والغرب يعمل في توجه مناقض لنا وهو يمتلك من القوة ما لا نملك. القوة الإعلامية والمالية وغيرها. ولذلك ينبغي لنا أن نقوم بتوحيد الجهود. وأعتقد أن منظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها من منظمات جامعة الدول العربية يمكن أن تكون منظمات فاعلة في الدفاع عن الأمة ومعتقداتها وثوابتها. فنحن نريد أن نحافظ علي ما لدينا من ثوابت دينية واجتماعية وغيرها ولا بأس أن نأخذ ما هو مناسب من الحكمة من الآخر. الفجوة بين الأجيال * وإلي أي شيء تُرجع انقطاع التواصل بين الأجيال المعاصرة؟ ** القول بانقطاع التواصل بين الأجيال صعب ولكن هناك مشكلة في التواصل بشكل عام. وأنا أقول: هذه معهودة ولو نظرت في الأدبيات منذ القدم لوجدت أن هناك ما يُسمّي فجوة بين الأجيال. لكن اليوم فالذي حدث هو أننا عشنا فترة تحوّل كبيرة علي المستوي الإعلامي والاقتصادي والثقافي وربما جيل الآباء أو بعضه لم يستوعبها والأبناء يُريدون أن يستوعب الآباء كما يستوعبون هم لأنهم وُلدوا في هذا الجو. علي سبيل المثال الأطفال يستطيعون التعامل مع شبكة الانترنت بشكل يفوق كفاءتنا نحن الذين نتعامل معها فما بالك بالذين لا يعرفون أصلاً الإنترنت ومستحدثات العصر. * هل يتركّز دوركم علي الشباب فقط أم أنّ هناك جانباً من الاهتمام بالنشء الصغير؟ ** لدينا برامج كثيرة للنشء منذ الصغر وخاصة الأيتام فالندوة تكفل اليوم قرابة 39 ألف يتيم حول العالم خاصة في المناطق المنكوبة مثل فلسطين. العراق. الصومال وغيرها. ولدينا كذلك برامج لرعاية الأمهات والأسر الفقيرة تصب في هذا القالب ولكننا لا نستطيع القيام بكل شيء ولذلك نحاول قدر الإمكان أن نُركّز علي الشباب. وهناك اهتمام آخر ببيئة الشاب من بناء مسجد أو حفر بئر أو مسكن وأعتقد أن هذا يصب في النهاية في مصلحة كل الأطراف.