لنتأكد فقط من أن مقام الصحبة لرسول الله شرف لا يدانيه شرف.. وأنه لمجرد الصحبة فقط.. نال صحابة رسول الله درجة لا يدانيهم فيها أحد من الأمة.. فكل من صافح رسول الله أو جالس رسول الله.. أو رأي وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم .. كان صحابياً ونال شرف الصحبة.. ودخل في زمرة الآية الكريمة "محمد رسول الله والذين معه". فإذا تصافح المسلمون تناثرت الذنوب.. فكيف بمن يصافح رسول الله.. وإذا كانوا هم القوم لا يشقي جليسهم.. فكيف بمن يجالس رسول الله؟! فالقياس والتفضيل في مقام صحبة الذات الشريفة لم يكن بالأفعال.. فمن الصحابة من جاهد بما يملك في سبيل الله.. ومنهم من كان لا يملك شيئاً "تفيض أعينهم من الدمع ألا يجدوا ما ينفقون" ولم يكن كلهم حافظين لكتاب الله.. ومنهم من كان يقوم الليل ومنهم من كان لا يقوم "وطائفة من الذين معك" ولكنهم جميعاً نالوا درجة الصحبة لرسول الله وللحديث بقية إن شاء الله. كذلك الأمر بالنسبة لأمهات المؤمنين.. لقد نلن هذه الدرجة العظمي وأصبحن أمهات للمؤمنين أي لكل ما هو مؤمن لمجرد الجوار المادي لذات الشريفة فسرت الرحمة من الروح المحمدية إلي قلوب زوجاته فاتسعت القلوب بالمحبة لكل ما هو مؤمن.. فصرن أمهات لكل المؤمنين. فأمر النبوة وأنوارها وأسرارها لا يدرك بالحواس الظاهرة.. لذا كان الحب شرطاً للإيمان.. فالحديث عن عالم الأنوار والأرواح.. هذا الجانب الخفي من حولنا.. والذي يفعل بنا وفينا ما يشاء.. لا تنفع معه لغة الكلام والحروف.. فهذه الدنيا.. أما عالم الملكوت وما فيه.. فالتذوق هو الوسيلة. وقد أصبح مهماً في زماننا هذا الحديث عن الأمور الروحية.. والإشارة إليها في مكانها الصحيح.. سواء في الايات القرآنية أو الحديث الشريف.. بما يناسب أهل هذه الحقبة من الزمن.. لسطوة المادة علي القلوب.. ولتحقيق التوازن المطلوب.. ولتمكين القلوب من محبة رسول الله.. فلا محبة من غير معرفة. لكن هل منا من يستطيع أن يجالس الذات الشريفة.. الجواب بالعقل لا يجدي.. لكن الحق سبحانه وتعالي شرع لنا بل وفرض علينا الصلاة علي رسوله وجعل نفسه إماماً لها وداعياً إليها لعظمتها بقوله سبحانه وتعالي: "إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً" ورسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكي السلام يقول: "من صلي علي صلاة رد الله إلي روحي لأرد عليه السلام" إذا فهناك تجاوب ومؤانسة ومجاورة روحية.