دخلت الأحزاب والقوي السياسية في سباق مع الزمن مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر أن تبدأ مرحلتها الأولي ل"الشعب" في 28 من الشهر الجاري ول"الشوري" في 29 يناير 2012 ويتنافس فيها نحو عشرة آلاف مرشح علي المقاعد الفردية والقوائم الحزبية. وبعض القوي السياسية اعلنت عن برامجها الانتخابية والبعض الآخر مازال يعكف علي إعداد برامجه حتي كتابة هذه السطور. ولا يخفي أن برامج الأحزاب الانتخابية تعد بمثابة مسودة عملها السياسي. والتي علي أساسها ستخوض الانتخابات لكي يكون الناخبون علي بينة من أمرها. ويقرروا علي ضوء تلك البرامج المطروحة لمن سيعطون صوتهم في الانتخابات التي ستشكل أول برلمان بعد الثورة. ولعل أبرز الاحزاب التي انتهت من صياغة برنامجها الانتخابي حزب "الحرية والعدالة" فقد أعلنت اللجنة السياسية للحزب عن البرنامج الانتخابي المقرر أن يخوض به مرشحو الحزب الانتخابات البرلمانية والقراءة الأولية للبرنامج تكشف عن طرحه رؤية متكاملة لتأسيس ما يمكن أن يطلق عليه "الجمهورية الثانية" ويرتكز علي إعادة بناء نظام سياسي جديد يكفل الحريات ويصون الحقوق. ويؤكد مبدأ المواطنة. وتكافو الفرص. ويمنع الاستبداد ويفصل بين السلطات. ويؤسس للتعددية. ويحقق استقلال القضاء. ويفعل المحاسبة والمساءلة وحيادية الجهاز الإداري. وتطبيق لا مركزية الحكم المحلي. اعتبر البرنامج البرلماني هو الأنسب بين نظم الحكم لظروف البلاد. إذ يقوم علي أساس الفصل المرن بين السلطات. مع وجود تعاون وتوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعة. ويقضي يوجود رئيس يسوس ولا يحكم ورئيس وزراء يتولي مسئولية الحكم. إضافة إلي البرلمان مؤكداً أن أهم مزايا هذا النظام هي أن مسئولية الوزارة أمام البرلمان جماعية تضامنية وأيضا فردية. وطرح البرنامج أفكاراً عملية ل5 ملفات عاجلة تنطلق من أولويات الشعب. ويجب سرعة التعامل معها في الأجل القريب. إذ علي مستوي العلاقات الخارجية. فإن الحزب يتبني العلاقات السلمية مع الدول والشعوب الأخري. والمؤسسات الدولية. بما يعزز الاحترام المتبادل والعلاقات المتكافئة. والتعايش السلمي. مع الأخذ في الاعتبار مراجعة الاتفاقيات والمعاهدات المعقودة حتي تقوم علي أساس العدل. وتحقق المصالح لأطرافها. وفيما يتصل بالمنظومة الأمنية. شدد البرنامج علي ضرورة إعادة بناء هياكلها علي أسس علمية بمشاركة نخبة متخصصة من الخبراء. بحيث تقوم المنظومة علي الحفاظ علي أمن المواطنين. والتصدي للبلطجة والمخدرات. وغيرهما من الجرائم. وإعادة تأهيل منظومة الشرطة. بالاعتماد علي معايير علمية وموضوعية بعيداً عن الرشوة والمحسوبية. وتطبيق عملي لشعار "الشر طة في خدمة الشعب" وقصر عمل جهاز الأمن الوطني علي حماية الأمن الداخلي من خطر الإرهاب والتخابر مع الخارج". الفساد ولم يغفل البرنامج ملف الفساد ونهب المال العام. وأكد علي مواصلة التحقيق في وقائع تخريب الاقتصاد القومي ابتداء من بيع القطاع العام. وكافة اشكال الفساد. واسترداد الأموال المنهوبة والمهربة للخارج. وإعادة هيكلة الموازنة العامة. ومراجعة اتفاقيات استخراج وتصدير البترول والغاز وفقا للأسعار العالمية. واستهدف البرنامج تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح في غضون 3 سنوات. ورفع مستوي دخول المواطنين. وحماية المواطنين من انفلات الأسعار والتضخم وحماية الفئات الفقيرة من خلال نظام حماية جماعية. وقدم البرنامج حلولاً للفتنة الطائفية. وصيانة الوحدة الوطنية تتمثل في معالجة شاملة تزيل الاحتقان والأسباب التي صنعها النظام السابق ومنظومته البوليسية. فضلاً عن الأسباب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعامل مع المشكلات ومتطلبات الحلول بشجاعة وموضوعية وإعلاء سيادة القانون. وتعميق ثقافة الحوار والعيش المشترك. ودعم دور الكنيسة القبطية ووضع أطر مؤسسية وقانونية لعلاج مثل هذه المشكلات. فضلا عن تفعيل دور الإعلام. حتي التجمع وبالرغم من أن حزب التجمع الذي يخوض الانتخابات في اطار الكتلة المصرية بما يقترب من 80 مرشحا من "شوري وشعب وفردي". لم يعلن عن برنامجه الانتخابي الا أن ملامحه الرئيسية التي حددها سيد عبدالعال الامين العام لحزب التجمع تركز في الهدف السياسي علي مدنية الدولة وحداثتها. وصيغاتة دستور يؤكد مبدأ المواطنة. .وتحول شعارات الثورة ومطالبها إلي مواد دستورية وقانونية. العمل لبلورة تيار مدني ليبرالي ذي توجه اجتماعي يتبني أهداف الثورة في الحرية والعدالة الاجتماعية والدفاع عنها في مواجهة القوي التي تسعي لإعادة إنتاج النظام السابق وفي الشأن الاجتماعي والاقتصادي تبني سياسات اقتصادية واجتماعية تضمن عدالة التوزيع وتدخل الدولة. وتحميل الأثرياء جزءاً من أعباء التنمية. والتركيز علي مواجهة مشاكل القوي الاجتماعية الأكثر فقراً واحتياجاً وتقديم معالجة لقضايا مهمة مثل البطالة والضرائب التصاعدية. البناء والتنمية أما الخطوط العامة لبرنامج حزب "البناء والتنمية" الذراع السياسية للجماعة الإسلامية. فتدور حول تحقيق عدة أهداف أبرزها. الحفاظ علي الهوية الإسلامية والعربية لمصر ومواجهة كل محاولات الانقضاض عليها أو الانتقاص منها. والتصدي للفساد والانحراف والتحلل الأخلاقي والقيمي. والحفاظ علي مكتسبات ثورة 25 يناير. والعمل علي تحقيق الإصلاح السياسي والدستوري والقانوني الذي يؤسس لنظام سياسي لا يستبعد تيارا سياسيا ولا يقصي فصيلا وطنيا. ويقرر أن النظام السياسي يجب أن يؤسس علي التعددية السياسية وتداول السلطة. وأن يكون نظام الحكم ديمقراطيا برلمانيا. وضرورة وضع رقابة قضائية علي أعمال جهاز الأمن الوطني وإصدار قانون ينظم عمله. ويدعم البرنامج مشروع قانون السلطة القضائية المقدم من تيار الاستقلال. وتحقيق الاستقلال المالي للهيئات القضائية من خلال إدارج موازنة الهيئات القضائية كموازنة مستقلة. أما المستوي الاقتصادي. شدد البرنامج علي أن الحرية الاقتصادية. وضرورة تطوير التشريعات الاقتصادية لتتلائم مع أحكام الشريعة الإسلامية. ويدعو إلي إعادة النظر في منظومة الدعم خاصة دعم الطاقة والسلع الغذائية. وضرورة السيطرة علي الدين العام والحد من الدين الخارجي. ومنح البنك المركزي الاستقلال والصلاحيات الكاملة في رسم السياسات النقدية التي تخدم البرنامج الاقتصادي. ويركز البرنامج علي التنمية البشرية والمجتمعية. ويؤكد علي أن للمرأة جميع الحقوق والواجبات الثابتة للرجل في إطار ما تحدده الشريعة الإسلامية. وفي مجال الرعاية الصحية. يطالب بضرورة إيجاد شبكة ربط بين المستشفيات والمراكز المتعددة المنتشرة علي مستوي الجمهورية. وإنشاء وتشييد مستشفيات جديدة. وضرورة إشراف الدولة علي المستشفيات الخاصة من ناحية الأسعار وإلزامها باستقبال الحالات الحرجة والطارئة للفقراء. ويري في مجال العدالة الاجتماعية ضرورة توفير الحد الأدني لمتطلبات الحياة ووضع سياسة عامة للثروة القومية وحق الدولة في التدخل لإعادة توزيع الثروة بطريقة عادلة. ويقترح البرنامج توفير فرص عمل لأفراد الشعب ووجوب أخذ حق الفقراء في أموال الأغنياء وتوزيعها توزيعا عادل بينهم عن طريق الزكاة بأنواعها. برنامج الوفد أما حزب الوفد فقد استقر علي اختيار "مستقبل له تاريخ"ليكون شعاره لحملة الحزب الانتخابية. وقررت الهيئة العليا للحزب تشكيل 3 لجان لادارة العلمية الانتخابية وهي لجنة الانتخابات. ولجنة المساعدة القانونية. ولجنة الشباب. وانتهت من اعداد خطة إدارة العملية الانتخابية والحملة الاعلامية للحزب والدعم السياسي والقانوني والمؤتمرات الجماهيرية لمساندة مرشحي الحزب. ترتكز المحاور الرئيسية لبرنامج الحزب علي ضرورة اجراء إصلاح دستوري وديمقراطي وتشريعي لإحداث التغيير الديمقراطي الشامل الذي طالبت به ثورة 25 يناير. بالإضافة إلي الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي. والتعليمي والصحي. غير أن تفصيلات البرنامج لم تتحد بشكل نهائي ولا تزال في طور الدراسة. وينبغي في النهاية القول أنه من الطبيعي أن تتعدد برامج الاحزاب من كل التيارات. ويكون من المقبول أن تتفق في بعض الرؤي وتختلف حول بعض الاجتهادات بصدد قضايا أخري. نظرا لاختلاف المرجعيات والايديولوجيات التي علي أساسها تتحدد الاولويات واليات تنفيذ هذه البرامج وتحقيق اهدافها علي ارض الواقع.