الناس في حاجة إلي تبسيط المعاني الروحية لجعلها في متناول العقل.. خصوصا أن التقدم العلمي قد ترك بصمته علي أهل هذه الحقبة. فأهل القرون الأولي كانوا لا يعلمون شيئا عن دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس.. وأن الليل والنهار نتيجة لهذا الدوران.. وكان الاعتقاد هو أن شاطئ المغرب عند المحيط هو نهاية الأرض. فإذا خرجنا من نطاق الأرض لم يكن ليل أو نهار.. ثم إذا خرجنا من نطاق المجموعة الشمسية ظهر ما يسمي بالساعة الفلكية كما يقول علماء الفلك والتي تقدر ب 2000 سنة.. وما فوق هذه الساعة الفلكية هي السرمدية.. حيث لا وقت ولا زمان.. وهي ذروة المعراج لرسول الله صلي الله عليه وسلم. فمفهوم السابقين عن اليوم وتناولهم لهذا اللفظ الوارد بالقرآن كان علي قدر عقولهم وفهمهم.. وطالما ظهر الجديد واختلفت المفاهيم.. صح لنا أن نأخذها في الاعتبار "وهو الذي خلق الأرض في ستة أيام" لفظ الأيام الوارد في الآية لا يعني أياما كأيامنا.. بل لفظ مجازي.. فتعالي الله عن الزمان والمكان.. إنما هي مشيئته التي إذا توجهت لشيء كان الأمر كما أراده سبحانه وتعالي.. فهي إذا ستة تجليات أو أوامر إلهية. ومثلها "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون" فتعالي الله عن قول للكاف والنون.. فهذا الأمر يلزمه شفتين ووسط هوائي كقولنا.. وتعالي الله عن هذا علوا كبيرا.. لكن هي المشيئة الإلهية.. ووصف ما لا تعلم بما تعلم لمجرد التقريب.. وبلغة من أنزل إليهم القرآن.. وبمفردات لغتهم.. وبرمزية شديدة.. لأن أي لغة مهما اتسعت عجزت عن وصف عالم الملكوت وعظمته وما فيه وما حواه. أما عن الضمائر في القرآن فتخفي في طياتهم عظيم المعاني.. أن الله سبحانه وتعالي بدأ سورة القدر بضمير "إنا أنزلناه في ليلة القدر" وهو أمر محير.. إلا إذا كان أمرا عظيما يريد له الستر.. ومهما قال المفسرون فإن أحدا لا يستطيع أن يجزم بمقصده سبحانه وتعالي.. وقد قالوا إن الضمير يعود إلي القرآن.. لكن الآية الكريمة تحدثنا عن نزول القرآن "إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين".