قال صحابي لرسول الله يوماً: "إني أحبك" فأجابه صلي الله عليه وسلم قائلا: "أبشر بالفقر" وهو معني يلفت النظر ويثير الفضول نحو المعرفة ومعني جوامع الكلم في الحديث النبوي الشريف.. فما هي ياتري حكمة ارتباط الحب بالفقر؟ وما هو مقصود رسول الله صلي الله عليه وسلم في هذه العبارة البليغة؟ أم أن هذا خاص بهذا الصحابي فقط لمنزلته هو؟ فالأصل الا يخلو قلب مسلم من محبة لرسول الله وإن كان يختلف في بريقه وقدره فعلي قدر المحبة يكون الايمان. وقد تكررت كلمة الحب في الحديث الشريف كثيرا "المرء مع من أحب" "أحبوني لحب الله" "لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه" "لن يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من والديه وولده والناس أجمعين" حتي نستطيع ان نقول إن الحب هو عنوان الايمان وأساسه وبابه.. بل علي قدر المحبة لرسول الله يكون الايمان. فالحب.. هذا المعني الذي لا يعرفه غير من كابده هو المعني الذي يطوي كل المعاني وهو الياقوتة بين الجواهر.. بل السلطان الذي قام عليه الوجود واستمر.. وهو أخيرا أمر يستدعي الاهتمام.. لأنه بلا مبالغة قضية المسلمين في هذا الزمن.. لأن القضية الآن ايمانية وليست اسلامية. ان العرب تسمي الحب من الحبة والتي توضع في باطن الارض فتنفلق إلي شقين.. ويكون منهما النبتة الخضراء والثمرة المطلوبة.. فهكذا الحب الصادق.. صاحب ثمرة لا تخطئ صاحبيها.. فالثمرة من حبة واحدة قد أصبحت مرآة في اثنين. ان الحب أساسه المعرفة.. وعلي قدر المعرفة تكون المحبة.. وكلما زادت المعرفة بمن تحب زادت المحبة والتعلق بمن تحب.. فإذا كان باب الايمان الوحيد هو تحقيق المحبة لرسول الله وبشروطه صلي الله عليه وسلم بنص الحديث الشريف "لن يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من والديه وولده والناس أجمعين" إذن فهناك ارتباط وثيق بين المعرفة والايمان. لذا فنحن في حاجة إلي حديث جديد وتعريف جديد لانوار النبوة والرسالة.. والمعاني الايمانية في القرآن والحديث الشريف.. حديث يشبع قلوب وأرواح أتباع رسول الله صلي الله عليه وسلم في هذا الزمن.. حتي تنبت المحبة ومن ثم الايمان. فالكلام البسيط المكرر من مئآت السنين لم يعد يحقق الاشباع الكافي لأهل هذه الحقبة. فهي معرفة ناقصة قياسا علي تطور مادي وعلمي يقاس باليوم.. له تأثيره المباشر علي العقول.