يقول تعالي "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني" إن إطلاق معني القرب من الله سبحانه وتعالي هنا ليس صحيحاً. فالقرب في الآية الكريمة مقيد بإجابة الدعاء.. والتسلسل الطبيعي لترتيب الكلمات في الآية يشير إلي ذلك بدون تأويل.. فالخلق خلق الله وهو المتكفل بالرزق وإقامة الحياة للمخلوق علي الوجه الذي تستقيم به حياة هذا المخلوق.. زاداً من الطعام وشفاءً من الأسقام وتسخير الكون والعوالم لتكون في خدمة الإنسان بما يمكنه من أداء مهمته والتي أوجده الله من أجلها.. والفطر التي فطر الله الخلق عليها من ميلادهم بل من قبل الميلاد.. تدفع العبد رأسا إلي الخالق جل في علاه في كل رغباته.. فالدعاء وسيلة العبد إلي ربه في استجلاب الرضا وتسهيل الأمر وطلب الرزق والشفاء.. فهو سبحانه الخالق والمالك والمجيب.. وليس له ند أو نظير.. فهو سبحانه المتفرد. والحديث الشريف يقول فيه صلي الله عليه وسلم "يولد المولود علي الفطر فأبواه يهودانه أو ينصرانه" بمعني أن الفطر في أرواح الخلق وأن ما يحدث بعد الميلاد من تغيير يكون في الظاهر لذا فالخلق علي إطلاقهم مهما اختلفت عقائدهم في الظاهر لا ملجأ لهم في أمور حياتهم سوي إلي ربهم ووسيلتهم الدعاء. وهذا هو قرب الربوبية.. فالله رب للجميع.. ومسئوليته عن الجميع.. ثم إنه يفتح علي غير المؤمن إذا اجتهد وأخلص في عمله فتوحاً قد يغير وجه الحياة.. وأنظر إلي ما حولك من وسائل الحياة من كهرباء وأجهزة واتصالات وسيارات وطائرات كلها تمت بأيادي وعقول قد يكون بعضهم لا ديانة له أو من عبدة البقر.. ثم لنقرأ قوله تعالي "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" ولفظ الصالحون هنا ينصرف معناه إلي الصالح لعمارة الأرض.. مهما كان اعتقاده. وليس الصالح بمعني المؤمن. فمعارف الربوبية متاحة لمن ينهل منها إذا اجتهد وكان صالحا لها.. وهذا هو القرب المشار إليه في الآية الكريمة.. وهو قرب إجابة الدعاء.. وهو قرب عوام الخلق من ربهم. فهم علي قدر معرفتهم بربهم يسألون ويطلبون. وللحديث بقية.