** يسأل محمد مجدي من البحيرة : تثور بين الحين والأخر مسألة تولي أهل الذمة مناصب قيادية في الدولة التي يمثل المسلمون أغلبية فيها فهل يجوز ذلك ؟ * يجيب عن هذا السؤال العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين قائلا : إن آفة كثير من الدارسين. وخصوصًا في جيل الشباب: التسرع في الفتوي في الأمور الكبيرة والخطيرة. قبل التأني والمراجعة. والمشاورة مع أهل العلم. ممن هم أكبر منهم سنًا. أو أرسخ منهم قدمًا. وهذا قد يجعله يحرم الحلال أو يحلل الحرام. أو يسقط الواجبات. أو يرقي ببعض المستحبات إلي الواجبات. أو ببعض المكرهات إلي المحرمات. أو ببعض الصغائر إلي الكبائر. وقد نجد بعض هؤلاء يعسرّون ما يسر الله. أو يُعقِّدون ما "بسّطه" الشرع. أو يضيقون علي الناس فيما وسع الله فيه. وهو ما أنكره النبي صلي الله عليه وسلم علي بعض الصحابة رضي الله عنهم. حين تسرعوا فأفتوا بما لم يعلموا. وتسببت فتواهم في قتل مسلم بغير حق. وذلك حين أصابت رجلاً جراحة. ثم أصابته جنابه. فأفتاه هؤلاء بضرورة الاغتسال. فاغتسل الرجل. فتفاقمت الجراحة. ومات! وبلغ ذلك النبي صلي الله عليه وسلم. فقال: قتلوه قتلهم الله! هلا سألوا إذْ لم يعلموا؟ فإنما شفاء العيّ السؤال. إنما كان يكفيه أن يعصب علي جرحه ويتيمم. وقد أجاز المسلمون خلال العصور المختلفة. أن يتولي غير المسلمين من أهل الذمة: وزارة التنفيذ. وعرف كثير من الوزراء في الدولة العباسية. ولم ينكر عليهم أحد من العلماء ذلك ولم يذهب فقيه معتبر إلي منع هؤلاء من الوزراة وما يشبهها بحجة: أن لا ولاية لكافر علي مسلم. لأن المسلمين هم الذين ولوهم هذا المنصب بمقتضي توجيهات دينهم. فهم أولياء في وزارتهم أو ولايتهم. ولكن تحت الولاية العامة للمسلمين وينبغي أن نعلم: أن هناك ألوانا من الأخوة يعترف بها الإسلام غير الأخوة الدينية فهناك الأخوة الوطنية. والأخوة القومية. والأخوة الإنسانية. ومن هنا وجدنا القرآن يقول: {كذبت قوم نوح المرسلين. إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون} الشعراء: 105. 106 {كذبت قوم لوط المرسلين. إذ قال لهم أخوهم لوط..} الشعراء: 160. 161 وفي "عاد" قال: {إذ قال لهم أخوهم هود 124 أو في "ثمود" قال: {قال لهم أخوهم صالح} 124 فأثبت لهؤلاء الرسل الأخوة لأقوامهم مع تكذيبهم لهم. وكفرهم بهم. فهي ليست أخوة دينية وإنما هي أخوة قومية. وفي الحديث الذي رواه أحمد عن زيد بن أرقم "أنا شهيد أن العباد كلهم أخوة" فهذه أخوّة بشرية فلا غرو أن تكون بين المسلمين والأقباط في مصر أخوة وطنية. وكذلك بين المسلمين والمسيحيين في لبنان وسورية والأردن أخوة وطنية. وبين المسلمين والمسيحيين في الوطن العربي كله: أخوة قومية. أما دعوات الغلاة من الفريقين فهي مرفوضة. وهي في الواقع ضد الوطن وضد الدين كليهما. ولا تخدم إلا أعداء الأمة الذين يتربصون بها الدوائر. ويريدون أن يمزقوها شر ممزق. وكل بلد يخترعون له من الوسائل والآليات ما يفرق بين أبنائه. ففي بعض الأقطار يثيرون قضية: سنة وشيعة. وفي بعضها يثيرون قضية: عرب وبربر. أو عرب وأكراد. وفي بعضها يثيرون قضية: مسلمين وغير مسلمين. وإذا لم يجدوا شيئًا من هذا فلا بد أنهم سيبتكرون شيئًا يفرق بين الأخ وأخيه. "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".