يقول تعالي عن قصة الخلق في سورة الحجر آية "29".:" فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين" والقرآن فيه الكثير من الآيات الدالة علي هذين المعنيين:- الأول: اللَّه سبحانه وتعالي قد نفخ من روحه في آدم والبشر. الثاني : أن اللَّه تعالي أقرب إليه من حبل الوريد. وروح المؤمن والكافر .. مؤمنة عارفة باللَّه تعالي نورانية المنشأ والصفات والأثر سواء في الكافر أو المؤمن فهي قائمة بذاتها ولا ترتبط بالنفس أو الجسد إلا ارتباط النسبة والإمداد بأنوارها وهداها .. ولكن النفس لها حجاب عليها لأنها واسطة بين الروح والجسد . فالروح مانحة النور.. وهي رحمانية لا يحدها مكان أو زمان وهي قديمة. والنفس مانحة الحياة.. وهي أثيرية تسري في الدم كالبخار وفيها الصفات والإحساس والإدراك وهي تموت وتحيا. و الجسد مانح الحركة.. وهو ترابي مؤقت يظهر اعتبارًا من الحمل ويفني بالموت. لا نريد أن نتوسع في هذا الأمر فإن الاستفاضة فيه تحتاج إلي كتاب " يمكنك الرجوع إلي كتابنا قواعد الإيمان الباب الثاني" .. ومقصودنا في قولنا هذا هو أن اللَّه تعالي أقرب إليك من حبل الوريد الذي هو داخل صدرك في أقصي عمق بين العظام والعضلات ولا أدري كيف يكون هناك قرب أكثر من هذا. ويقول " في الحديث القدسي : ¢ما وسعتني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن¢ ذكره في الإحياء بلفظ قال اللَّه: ¢ لم يسعني سمائي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن اللين الوادع.¢ قال العراقي وفي حديث أبي عتبة عند الطبراني بعد قوله ¢ وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين وأحبها إليه ألينها وأرقها ¢ . و قد تعرضنا من قبل للآية الكريمة من سورة التوبة آية 128:" لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم" وذكرنا قبلاً أيضاً أن الشيطان يجري في ابن آدم مجري الدم.. مجموعة تأملات تشعر منها ببساطة أن الإنسان في ذاته عالم متكامل. فإذا قال اللَّه تعالي في سورة طه آية 7 :" وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفي" فهذا منطقي فاللَّه داخلك كما هو خارجك لذلك يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.. الأعمال بالنيات كما قال " .. والنية محلها القلب. وعلي أفعال القلب وتوجه النية فيه يكون الثواب علي العمل الصادر من الجسد كما قلنا قبلاً وبعد ذلك تتبقي لدينا أعمال باطنية صرفة .. مثل الحب والخشية والحسد والرياء .. إلخ. وهذه أيضًا محل الحساب والجزاء .