لم يكن أحد يتصور ان تقوم ثورة 25 يناير.. وحينما قامت لم يكن أحد يتصور أيضاً ان يحدث ما حدث فيها.. وما حدث يحتاج إلي العديد من المجلدات لسطر وتحليل أحداثها التي وقف العالم مبهورا بها.. حتي ان الرئيس الأمريكي أوباما قال.. لقد كان الشعب المصري ملهماً لنا.. وعلي الشباب الأمريكي ان يتعلم من الشباب المصري.. وبعيداًعن أن يكون هذا الكلام مجاملة لنا أو أن يكون تقرباً أو لأهداف أخري.. فإن ما قاله كان حقيقة.. وهذا ما أجمع عليه قادة العالم الغربي.. لأننا أثبتنا أننا شعب حضاري.. شعب يؤمن بالخالق عز وجل ويؤمن بعزته وكرامته وحريته.. شعب صبور لأقصي حد.. حتي أن البعض تصور أنه شعب ميت.. ونسي هذا البعض أنه شعب عبقري.. صبره تفكير وتدقيق وملاحظة.. وحينما يثور علي الظلم.. لا يستطيع كائن من كان أن يقف أمامه.. والدليل ما حدث في هذه الثورة.. فقد واجه كل صنوف القوة لكسره وتحطيمه.. إلا انه واجه هذا الجبروت بيديه الخاليتين من أي سلاح وهو يقول كلمة واحدة.. سلمية.. سلمية. وما حدث أثناء هذه الثورة يجب ان يسجل في أفلام درامية لتمحو الأفلام البذيئة التي ابتلينا بها وكانت تصور الشعب المصري وكأنه مجموعة من الرعاع التي لا هم لها إلا الجنس والمخدرات.. ووضعت الشباب المصري في صورة باهتة لا لون لها.. يعيش في ضباب.. عيناه معصوبتان إلا عن رؤية المعاصي.. يداه مقيدتان ولكنهما ممسكتان بالمسكرات.. قدماه مغروستان في أوحال زمن قتل الأمل في أي بادرة لمستقبل يحمله رافعاً إياه بعيداً بعيداً عن هذا الوحل.. وصورت المرأة المصرية وعن عمد في صورة مشوهة علي غير حقيقتها.. وابتعدت عن الصورة الحقيقية للمرأة المصرية وهي الأم التي تبذل الغالي والرخيص بشرفها وبإيمانها بربها وبدورها داخل أسرتها في تربية أولادها التربية الصالحة.. تربية الرجال الذين يحملون المسئولية.. مسئولية أنفسهم في عبادة الخالق عز وجل.. وفي المذاكرة.. والعمل الجاد.. وحب بلدهم ووطنهم.. وبذل العرق والدماء من أجل تراب هذا البلد الغالي.. وكان نتاج هذه الأم هؤلاء الشباب الذين تصدوا بصدورهم لكل آلات القتل والتدمير من أجل مصر.. من أجل حريتها وكرامتها وعزتها. وصوروا الفتاة المصرية في صورة الحافية التي تسير دون هدي أو رابط أو فكر أو قيم.. فهي لا تري إلا نفسها ورغباتها الجنسية حتي ظن كل من يشاهد هذه الأفلام والأعمال الدرامية ان فتيات مصر لسن إلا فتيات ليل لا يعشن إلا في النوادي الليلية وبيوت الدعارة.. وتناسوا الفتاة المصرية الحرة الشريفة التي لا تأكل إلا بالحلال وتتمسك بدينها وعاداتها وتقاليدها وترفض الحرام وتتمسك بالعفة والشرف الذي هو أغلي عليها من كنوز الدنيا كلها.. الفتاة التي مات والدها وعكفت علي تربية اخوتها بالعمل الشريف ونسيت نفسها.. حتي تخرجوا وأصبحوا رجالا يفيدون المجتمع بتربيتهم المحترمة وأخلاقهم الدمسة وبعلمهم.. فأفادوا واستفادوا. وصوروا الزوجة في صورة المرأة الخائنة لزوجها وأسرتها.. والتي لا تبحث إلا عن رغباتها المحرمة وكأنه شيء عادي.. وأبعدوا عن عمد صورة المرأة الصالحة العاشقة لزوجها الفقير ولأولادها والتي تكدح ليل نهار من أجل مساعدة زوجها في العيش الحلال.. دون ان تتنازل عن شرفها وكرامتها.. وإذا مات زوجها أغلقت بابها عليها وعلي أولادها وربتهم تربية صالحة وبمال حلال وهي تحافظ علي عفتها التي هي عندها أغلي من جميع أموال الدنيا. هذا بعض من قليل مما قدمته الدراما السينمائية والتليفزيونية للمشاهد المصري خلال الأعوام الماضية.. وخاصة الأخيرة.. وكان الواضح منها أنها ممنهجة لإفساد الشباب المصري خاصة والشعب المصري عامة.. يضاف إلي ذلك الاهتمام المبالغ فيه بالمغني الشاب الذي هرب من تأدية الخدمة العسكرية وقام بالتزوير.. ورغم ذلك تم تكريمه وتبنيه إعلامياً.. مما وضع العديد من علامات الاستفهام حول هذا الموضوع وغيره من مواضيع كانت تمثل أسئلة للمتابعين.. واسئلة لم تجد إجابة وقتها.. إلي أن اتضحت الآن بعد ان عرف هذا المغني وغيره الحجم الحقيقي له ولهم في الشارع المصري. يأتي بعد ذلك الحديث عن الإعلام المصري المرئي والمسموع.. والذي فقد الريادة تماماً.. وأضاع المجهود الكبير الذي بذله الإعلاميون الأوائل لتثبيت هذه الريادة.. وحديثي هنا حديث حرفي تماماً.. فقد وضعت التغطية الإعلامية المصرية لأحداث الثورة الإعلام المصري في وضع لا يحسد عليه.. وحل محله الإعلام العربي الذي غطي تماماً علي إعلامنا وبحرفية متقنة.. وأسباب فقدان الريادة المصرية في المجال الإعلامي يرجع إلي العديد من الأسباب.. كتبت عنها كثيراً من قبل وفي بداية الثورة فعلي سبيل المثال كتبت ان المنافسات الإعلامية بين الفضائيات أو أي وسيلة إعلامية تشتد وخاصة حين الملمات.. فكل قناة فضائية أو وسيلة إعلامية تسعي بكل جهدها وخبراتها وبمحرريها ومعديها ومخرجيها ومقدميها إلي الفوز في هذا المضمار بأكبر عدد من المشاهدين.. وهناك طرق عديدة للتنافس.. منها الصادق ومنها الكاذب.. فهناك قنوات تبحث عن الاثارة لمجرد الاثارة.. والهدف الحصول علي كم كبير من المشاهدة علي حساب القيم والأخلاق.. وعلي حساب آداب المهنة نفسها.. وهناك وسائل إعلامية لا تتناول الحقيقة.. وإنما تكذب وتغير الحقائق.. ومن الممكن ان تستعين بأشخاص يخدمون أهدافها بالكذب والتضليل.. ووسائل أخري تنقل الحقيقة كما هي بكل أمانة وبكل صدق.. وتعرض الرأي والرأي الآخر.. هذا تقريبا ما يحدث في الإعلام.. وبعد ذلك يأتي رأي الجمهور المتابع.. والذي يستطيع ان يفرق بين الغث والسمين.. والزمن دائماً ما يظهر الحقيقة فإذا ما انجلت الحقائق نالت كل وسيلة إعلامية نصيبها من التجاهل الجماهيري.. مما يعني موتها إعلامياً.. أو الإقبال الجماهيري حتي لو كانت صغيرة الحجم.. إذن فالإعلام يجب ان يتوخي الحذر في تناوله للموضوعات التي يتعرض لها.. والحقيقة أن الإعلام أصبح مثل الماء والهواء بالنسبة للجماهير المتابعة.. ويخطيء من يعتقد - كوسيلة إعلامية - انه يعيش في جزيرة منعزلة عن العالم.. فالعالم أصبح قرية صغيرة والسبب في ذلك هو الإعلام وخاصة الإعلام المرئي ثم المسموع.. فما يحدث في أي دولة أو مكان في العالم.. يعرفه العالم كله في فيمتو ثانية.. وبعد ذلك يأتي الإعلام المكتوب.. وأهمية الإعلام المكتوب في هذه الحالة التحليل لما يحدث.. أو تحليل الأخبار التي ترد صورتها من خلال الشاشة الفضائية.. مما يؤكد أهمية الإعلام في حياتنا المعاصرة.. سواء كان مقروءاً أو مسموعاً أو مرئياً. نقطة أخري وهي من النقاط الهامة في العملية الإعلامية.. وهي تختص بالسادة المذيعين.. وأقول لهم.. ان الحيادية في العمل الإعلامي وكذلك الصدق في التناول الإعلامي بعيدا عن الفبركة والكذب والتضليل واللعب علي جميع الأحبال لن يفيد أي إعلامي يمسك بالميكروفون في الوسيلة الإعلامية المسموعة أو المرئية.. لأن المشاهد ذكي جداً ويستطيع ان يفرق بين القول الصادق أو القول الكاذب وبين الفبركة.. وأمامنا نموذج واضح وجلي وفاضح لمذيعة أحضرت مجموعة فتيات من الكومبارس لخدمة برنامجها بالكذب والتضليل لخدمة أفكارها الغربية علي المجتمع.. وكانت تظن ان ما تفعله سيخدع المشاهد.. إلا ان المشاهد كان أذكي منها.. وفطن لخديعتها.. قبل أن تكشفها فتيات الكومبارس.. ولكن هناك من لا يقرأ أو يتعلم.. فيسير علي نفس النهج.. دون ان يدرك النتيجة.. وهي كشف الآلاعيب الصبيانية الإعلامية.. وأود هنا وفي هذا المجال أن أوجه حديثي إلي المذيع اللواء والذي رقص للنظام وفي اليوم التالي رقص للثوار وأقول له كيف تري نفسك بعد سقطاتك المتوالية في حق نفسك قبل أن تكون في حق الجماهير.. وعليك إذا كنت تحترم نفسك أن لا تظهر مرة أخري في الإعلام أنت وأمثالك ممن يقدمون القدوة السيئة للشباب من كل هذا نخرج بأن الإعلام يجب ان يتوخي الصدق في تناوله لأي موضوع والبعد عن الاثارة والكذب حتي لا يفقد مكانته بين الوسائل الإعلامية المتنافسة.