نواصل حديثنا عن التأملات في كتاب الله فنقول وبالله التوفيق: وقوله تعالي :" فأما من أوتي كتابه بيمينه. فسوف يحاسب حسابا يسيرا. وينقلب إلي أهله مسرورا. وأما من أوتي كتابه وراء ظهره. فسوف يدعوا ثبورا. ويصلي سعيرا. إنه كان في أهله مسرورا. أنه ظن أن لن يحور. بلي إن ربه كان به بصيرا" والقرآن مليئ بمثل هذه الآيات والتي في معناها كلها أن كل صغير وكبير مسطور عند اللَّه تعالي مسجل سواء القضاء والقدر أو الأعمال والأفعال للعباد ونحن نؤمن بهذا والحمد للَّه.. ولكن السؤال: هل الكِتابة مثل الكتابة والأوراق مثل الأوراق والأقلام مثل الأقلام!! تعالي اللَّه عما نقول علوًا كبيرًا.. و نحن نسأل: أكان الناس قديمًا يعرفون كتابة إلا علي الحجر والجلد والورق وهل كانوا يسجلون إلا نقشًا أو كتابة بقلم أو ما شابه!! فإذا جاء القرآن الكريم وذكر هذا التسجيل فبأي وسيلة يشرحه؟ لابد وأن يكون بما درج عليه الناس حتي يفقهون ويعلمون.. وطبعًا لابد أن يكون سجل الكتابة مد البصر فإن فيه كل صغيرة وكبيرة.. ولابد أن أقلام الحق سبحانه وتعالي تكون من العظمة والكثرة بحيث لا تكفيها الأشجار ولا ماء البحر مدادًا للكتابة.. نعم صدق اللَّه تعالي.. ويضرب اللَّه الأمثال للناس. ولكن اللَّه تعالي ليس كمثله شئ .. ولا كلامه ككلامنا.. ولا صفاته كصفاتنا.. وكل ما خطر ببالك فاللَّه خلاف ذلك. نحن الآن في عصر الحاسبات الآلية واللَّه أعلم بما سيأتي به العلم بعد ذلك ونحن الآن نسجل معلوماتنا بأساليب مختلفة تمامًا.. وما كان تحتويه مئات الكتب والسجلات نستطيع كتابته في آلة صغيرة لا تتعدي حجم الكف البشري.. ونستخدم أساليب كتابة غير القلم والدواة.. بل نحن الآن نسجل الأحداث ونصورها علي أجهزة لا تكذب ولا تبالغ ولا تغير. هل تري أن ملائكة اللَّه تعالي ملتزمون في سجلاتهم وأدواتهم بالنصوص الحرفية وأسماء المسميات أم تطوروا - واستغفر اللَّه العظيم من قولي هذا- ليُلاحِقُوا العلم وما يكتشفه الإنسان!! لعلك معي في أن الأوفق أن نقول أن الوصف الذي جاء في القرآن الكريم ما هو إلا لتقريب المعني إلي الذهن البشري.. واللَّه تعالي أعلم بمقصوده وكيفيته.. فلا السِّجِل مثل السِّجل ولا الأقلام مثل الأقلام !!. وسأتطاول معك إلي ما هو أبعد من هذا.. يقول تعالي:" من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور" سورة فاطر آية 10 وللحديث بقية العدد القادم بمشيئة الله تعالي