كانت الهجرة حدثاً تاريخياً من أعظم الأحداث التي شهدتها الإنسانية فهي نموذج حي متجدد علي مر العصور قادر علي الإلهام بأعظم الأعمال مقدم أروع القيم والمثل وأحكم التدابير التي تكفل نجاح من يلتزمها فهي" عمل بطولي فذ فإن نبينا محمد صلي الله عليه وسلم ليس من الذين تخرجوا في الجامعات التي تقتصر علي التربية المحدودة .. والتعليم المحدود .. إنما كان تربيته في الجامعة الإلهية تعاليم الغيب التي لا حدود لتربيتها ولا نهاية لتعليمها .. ولم يكن تعلمه علي أيدي أساتذة من البشر .. وإنما كان من عند ربه الذي أوحي إليه فيما أوحي.. قال تعالي: "ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم ان يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما" "النساء: 113" .. لقد كانت الهجرة بخيرها وآثارها برداً وسلاماً علي الإنسانية أخرجتها من ظلمتها وهدتها من حيرتها وأنقذتها من وهدتها ودفعت بها إلي طريق الخير والإصلاح أسست بها دولة قوية علي مبادئ الأخوة في الله والتضامن الإنساني العام.. ثم تتابعت التشريعات الإلهية بما يسعد الفرد والجماعة في علاقتهم بربهم وعلاقة بعضهم ببعض.. وأخذت علي كاهلها تظهير الأرض من عبادة غير الله ومحاربة الظلم والظالمين والفساد والمفسدين أينما حلوا وكيف كانوا. لم تكن الهجرة النبوية قراراً من أذي كما يشيع علي ألسنة بعض الناس وإنما هي أمر من الله سبحانه وتعالي لرسوله صلي الله عليه وسلم وذلك لعلمه عز وعلا بما يمكر به الكافرون .. قال تعالي "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" "الأنفال: 30" والهدف من الهجرة إلي المدينة القرب من النبي صلي الله عليه وسلم والانضواء تحت لوائه باعتباره القائد الأعلي للأمة الإسلامية والجهاد في حاجة إلي كل المسلمين ليكونوا جنوداً في الدفاع عن الإسلام والجهاد في سبيل الدعوة والتضحية بالنفس والنفيس في ذلك.. قال تعالي: "إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين أووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من وليتهم من شيء حتي يهاجروا" "الأنفال: 72". أحمد جمال الدين عزام المطرية دقهلية