مهما طالت الأيام سوف يظل يهود اليمن المقيمون في إسرائيل يشتاقون إلي أرضهم ووطنهم اليمن، فإن لوعة الغربة ومرارة الفراق تسكن أرواحهم، فهل كانوا مُخطئين عندما تركوا بلادهم وهاجروا إلي الدولة اليهودية ؟ أم إنهم كانوا مُجبرين علي الرحيل ؟. بدأت هجرة اليهود اليمنيين منذ عام 1881 إلا أنها كانت أعدادا قليلة وبدأت تزداد بعد الجهود التي بذلتها المنظمة الصهيونية العالمية لإقناعهم بالرحيل مُستغلين الأوضاع السيئة التي كانوا يعيشون فيها، ووفقاً لما أوردته بعض المصادر فإن حوالي 1000 يهودي يمني هاجروا في الفترة ما بين 1881 : 1950، ولم تهتم الحكومات اليمنية المتعاقبة بعد ذلك بهذا الأمر ، فمثلا حكومة علي عبد الله صالح كانت ضد هجرة المتبقين من اليهود في اليمن. وروت إحدي اليهوديات المسنات المقيمات في إسرائيل والتي قضت طفولتها في اليمن أنها هاجرت مع عائلتها إلي صنعاء في البداية وعاشوا بها فترة ولكن بعد إعلان قيام دولة إسرائيل قُتل 82 يهوديا وأُحرق 106 متاجر يهودية من أصل 170 ، فاضطر أغلب اليهود للتسلل إلي عدن ومنها إلي إسرائيل. وقد كان عدد اليهود في اليمن في الستينات حوال 6000 يهودي وقامت الحكومة اليمنية بترحيلهم إلي إسرائيل ولم يتبق منهم سوي 300 شخص فقط ، ويوجد الكثيرون الذين ذهبوا إلي إسرائيل ولكنهم لم يستطيعوا التكيف مع أسلوب الحياة هناك فعادوا مرة أخري إلي اليمن وعاشوا فيها. أما في عام 1992 و خلال حكومة "إسحق شامير" مارست جمعيات يهودية يمنية في إسرائيل برئاسة "أفيجدور كهلاني" ضغوطاً علي حكومة شامير لاستقدام بقية اليهود اليمنيين. فانتهزت الولاياتالمتحدة انشغال اليمن بالأزمة السياسية بين حزبي المؤتمر والاشتراكي التي تأججت ثم تطورت إلي حرب، فقامت بترحيل نحو 800 يهودي يمني إلي إسرائيل ومعظم من تم تهجيرهم تم تسكينهم في حي "أوشيوت" في مدينة "رحوفوت".. وقد تحول هذا الحي خلال الأعوام الماضية إلي نموذج مصغر لقرية يمنية وظلوا يمارسون طقوسهم اليمنية بحذافيرها حتي اليوم بما في ذلك عادة منع تعليم الفتاة بمدارس مختلطة، أو ارتدائها ملابس الموضة. أبرز ما يميز يهود اليمن في إسرائيل هو أنهم تكتلوا مع بعضهم البعض في مناطق معينة واعتمدوا علي أنفسهم في صناعة حياتهم دون أن يسمحوا حتي للحاخامات بإدارة دور عبادتهم ، لذلك انتقلت كل تفاصيل حياتهم في اليمن إلي مدنهم في إسرائيل بينما المجتمعات الأخري اختلطت وذابت ببعضها. وما نلاحظه اليوم أن هجرة يهود اليمن إلي إسرائيل نشطت من جديد، وكان آخرها ما ذكرته مصادر إسرائيلية اليوم من أن الوكالة الصهيونية قامت بتهجير 17يهودياً من اليمن إلي إسرائيل بشكل سري. ففي عملية جوية سرية نقلت الوكالة اليهودية 17 يهوديا يمنيا إلي إسرائيل لإعادة لم شمل عدة عائلات كانت قد تفرقت طوال العامين الماضيين ، وقد قُسموا الي مجموعتين تضمنت مجموعة منهم 4 أشخاص بالغين وطفلاً صغيراً، وقد توجهت الطائرة مباشرةً من اليمن إلي مطار بن جوريون الدولي حيث انضموا لأفراد من عائلاتهم سبق أن تم تهريبهم من اليمن قبل عامين علي يد مجموعة من الساتمار "وهي واحدة من أكبر أتباع الطائفة الحسيدية وهي ليست صهيونية ولا تدعم الهجرة إلي الدولة اليهودية وقد تورط أفراد منها في السنوات الأخيرة بنشاطات تتعلق بتهريب اليهود خارج اليمن واستيعابهم في مجتمعاتهم المحلية في الأرجنتين ، والمجموعة الثانية تتضمن 12 شخصا كانوا يقيمون في بوينس أيرس وقد تم نقلهم من الأرجنتين بشكل سري دون علم هؤلاء الساتمار، وتضمنت هذه المجموعة 4 أطفال ينتمون إلي عائلة واحدة و5 أطفال من عائلة أخري وسيدة متزوجة ورافقها طفلها وزوجها علي متن الطائرة إلي إسرائيل . وقد صرحت الوكالة اليهودية أن هذه العملية كانت معقدة للغاية فقد كانت قيد التحضير لعدة أسابيع وكان الدافع لإتمامها هو أن لديهم مخاوف علي سلامة المجتمع اليهودي الصغير في اليمن علي حد تعبير بعض المسئولين في الوكالة في أعقاب نمو التهديدات من الجماعات الإسلامية المتطرفة بما في ذلك تنظيم القاعدة ، وقد كُثفت هذه التهديدات منذ الإطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح . وفي أغسطس 2011 استطاعت جماعة من الساتمار الحسيديين إقناع 30 يهوديا يمني بالذهاب إلي لندن واعدين إياهم بالاعتراف بهم كلاجئين سياسيين ، ولكن حالما تم تهريبهم خارج اليمن تم إعلامهم بإنهم لن يستطيعوا الذهاب إلي لندن فتوجهوا إلي الأرجنتين حيث تتواجد مجموعة الساتمار المحلية . وقد صرحت الوكالة اليهودية في بيان لها أنه منذ عام 2008 خضع اليهود في اليمن للمزيد من الضغوط المعادية للسامية ، وقد بلغت ذروتها عندما تم اغتيال المدرس موشيه النهاري في ديسمبر 2008 ، وقتل الزعيم الاجتماعي هارون الزنداني في مايو 2012 . وقال رئيس الوكالة اليهودية ناتان شارانسكي بعد أن تم لم شمل العائلات : " هذا المساء كان لنا شرف إجراء عملية نادرة للم شمل العائلات في إسرائيل " ، وأضاف أن الوكالة اليهودية كانت مُصرة علي مساعدة أي يهود آخرين من اليمن يرغبون في الهجرة ، فمنذ عام 2009 وصل حوالي 151 يهوديا من اليمن إلي تل أبيب ووفقا لتقديرات الوكالة لايزال هناك أقل من 90 يهوديا في اليمن اليوم ، وحوالي نصفهم يخضعون للحراسة في العاصمة صنعاء . وسوف تقوم الوكالة بإيواء اليهود اليمنيين الذين وصلوا إلي إسرائيل في مراكز استيعاب اليهود في الجنوب . وكنوع من إثبات النية الحسنة لدي إسرائيل في ضوء استئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين ، وافقت إسرائيل علي تسليم جثث الفلسطينيين الذين تم دفنهم في إسرائيل لكي يُدفنوا في بلادهم . في العام الماضي نقلت إسرائيل جثث 91 شخصا فلسطينيا كانوا مدفونين بجوار القتلي الأردنيين في مقبرة خاصة بقتلي الحروب ، وقد تم نقل 79 جثة إلي الضفة الغربية و 12 جثة إلي قطاع غزة . وتتضمن هذه الأعداد جثث من كانوا وراء الهجوم علي القدس عام 1993 ، وقد أكد وزير الشئون المدنية الفلسطيني حسين الشيخ بعض هذه التفاصيل وأضاف بأنه علي الأغلب سوف تشمل عملية النقل القادمة العشرات من الجثث، وأشار إلي أن إسرائيل قد وافقت علي نقل جميع ما في حوزتها من جثث خاصة بالفلسطينيين وتسليمها إلي السلطة الوطنية الفلسطينية، وسوف ينتظر الفلسطينيون إجراء إختبارات الحمض النووي لكي يستطيعوا التمييز بين الجثث والتعرف عليها .